حدث ذات يوم أن كبرنا
كبرنا أو صغرنا، لست أدري
لم أتقن يوما لعبة الأرقام وطرح السنين
هل هي حقيقة أو سراب أو ذاكرة خائبة
لقطات ومشاهد ضبابية
تغزوك بعد شيب لتمسح عن عينيك غشاوة سنين
تتوالى المشاهد وتسمع ضحكات تأتي من بعيد
تتراءى لنفسك نفسك فتنتفض عليها،
تضحك وتبكي فلا فرق لطالما لم تجف الدموع
لطالما هناك قلب ينبض، لطالما تتوالد الأحاسيس
حدث ذات يوم أن ادركت
أن الزمن أضحوكة
وأن العمر كذبة سمجة
ولو كبرنا!
Monday, October 17, 2011
Tuesday, March 01, 2011
إسقاط الطائفية السياسية وضرورة مخاطبة الجماهير الصامتة
أخيرا انطلقت إشارات الأمل بالتغيير في بلدنا الحديث العهد بنظامه- شأنه شأن كافة البلدان العربية الأخرى- والقديم العهد بقبليته وطائفيته وتقوقعه وضيق أفق شعبه. صيغة "بنت ال 1943" لم تسمح ببناء وطن أو تربية مواطن. صيغة منعت القبائل (الطوائف) من التصالح مع الماضي فلا مصالحة بلا مصارحة ولا مصالحة خلف أبواب مقفلة وغرف سوداء ولجان حوار عقيمة. لا مصالحة بين شيخ قبيلة أو إقطاعي أو زعيم من هذه الطائفة أو تلك تخلو من تصالح الإنسان مع الآخر، هؤلاء البشر الذين هم المدماك الأساسي والقنبلة الموقوتة في آن. صيغة 43 نفسها كرست كل انقسام وقمعت كل تمرد. بأبخس الأسلحة. حروب ضيقة لخدمة مصالح ضيقة. حروب ضيقة تهدف أساس للحفاظ على مصالح القائد الأعلى، شيخ القبيلة لأي طائفة انتمى والحاشية، على حساب بناء وطن وتنشئة مواطن ومصلحة وطن ومواطن. صيغة غير قابلة لإصلاح أو تطور. صيغة رجعية انعزالية هي ثمرة مرحلة ما بعد الاستعمار كمثيلاتها في البلدان العربية. صيغة لا تقل شأنا عن الاستعمار، فهدف الاستعمار تسخير الشعوب وتشريع أبواب البلدان لشتى المصالح بمنأى عن مصلحة البلد الفأر. فأر مختبر مدجن مهجن هي الصيغة، تتحكم هي الأخرى بفئران بافلوفية وتمنع تطورهم ليصبحوا بشرا، فمواطنين، فطلاب حق، أو كأننا مزرعة ماشية تضم قطعان لعدة تجار دمغ كل واحد رؤوسه بخاتم الدكتاتور. خراف للذبح أضحية فيعلو سعرها في موسم الإنتخابات لتجديد الولاء لراعي القطيع. هكذا يبدو البلد اليوم وهكذا كان. صيغة مسرطنة شأنها شأن جميع الأنظمة الديكتاتورية. نعم،صيغتنا، وبعدها طائفنا، احتضنت طائفيتنا السياسية- لا طوائفنا- وجردتنا من إنسانيتنا ككائنات اجتماعية تتمتع بقدر من الحس والذكاء والطاقة وولع بالمشاركة والمساهمة الفاعلة في صنع الحاضر والمستقبل كما التصالح مع الماضي. نظام يختصر وجودنا بممثل سامي لا يمثلنا، تاجر أو راعي ماشية وكلاب تنبح من كل حدب وصوب. نعم، حرية التعبير مكفولة في لبنان، ولكن التفكير، كان ممنوع إلى حين! عما نعبر. عن مشاعر قبلية بدائية. ومن يسمع؟ شيخ القبيلة والعشيرة. وهل كنا غير صدى الزعيم؟
أخيرا انطلقت إشارات الأمل بالتغيير في لبنان. نعم تحرك الشارع اللبناني تحت تأثير انتفاضة الشباب العربي. نعم كان هناك نواة وهي دوما موجودة داخل أي مجموعة فاسدة كانت أو صالحة. نواة التغيير نعمة طبيعية. أصل الخلق ونعمة الخلق! نواة التغيير تشبه ثقب أسود تنطلق منه شرارة التغيير إلا أن تلك الشرارة تبقى دوما خارج عالم النبوءات والتدجيل وتوقعات المدجلين أو عملاء المخابرات في ليالي رأس السنة(على التلفاز)!
أخيرا انطلقت إشارات الأمل بالتغيير في لبنان. ماذا بعد؟ ما العمل(!)؟
إن الحروب أو الثورات أو الانتفاضات لا تنجح بمجالس ثورية ومجالس قيادة وما أشبه ذلك من عبارات تأتي غالبا على حساب تكوين الإنسان والفرد والفكر وتنتهي إلى شكل جديد من الاستبداد. والحروب يمكن أن تكون ناجحة بمخرجاتها- نعم- وهناك العديد من الأمثلة في التاريخ القديم أو المعاصر حول حروب أنتجت بدائل قابلة للحياة وأنهت فترات صراعات عقيمة وحروب شكلت عارا في تاريخ الإنسانية. ونحن خضنا حربا قتلنا فيها نواة إنسانيتنا ومثلنا بنواة إنسانية الآخر في سبيل إعلاء شأن شيخ القبيلة الذي يحكمنا اليوم. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الخلل يكمن في فكرة القيادة وضرورتها، إلا أنه يكمن لا شك في منهج القيادة وشكل القيادة واختيار القيادة وبالتالي اختيار مشروعها وتكريس مشروعيتها، وبالتالي شكل الحكم ونظام الحكم. وهذا ما افتقدناه في حضارتنا العربية والإسلامية وفي ثقافتنا وفي فكرنا وفي خطابنا ونفتقده اليوم أكثر من أي وقت مضى في مسيرة التغيير والتي إن لم ترقى إلى هذه الثقافة ستبقى صفحة أخرى تضاف إلى سلسلة عجزنا عن ملامسة إنسانيتنا وملاقاة مواطن قوتها وطاقتها وسحرها.
نعم عرفنا السلطة، ولكننا لم نعرف غيرها. عرفنا القمع والذل والحروب، وعرفنا الحرية المشوهة والتعبير المشوه والرقابة الذاتية وهي ليست الوجه الآخر لثقافة المهانة والخوف باستثناء ما خص التجريح والحض على الكراهية. عرفنا السلطة ولكننا لم نشهد ممارسة للسلطة سوى بمفهوم الترهيب والتخوين والإقصاء والتهميش والتمييز بين أبناء الطائفة الواحدة وأبناء الطوائف المختلفة وأبناء الطبقات المختلفة. ولم تخرج السلطة يوما عن منطق تكريم الحاشية والموالاة وتهميش المعارضة وقمعها وهذا أيضا تاريخ أمتنا منذ عهد الخلفاء الراشدين. ولم تخرج الحاشية يوما عن التمجيد الرخيص للحاكم ودس الدسائس والتحريض على المعارضين، ولم يخرج المعارضون يوما عن منطق الانتقام والتمثل بالنظام السائد عند الاستيلاء على السلطة. ولم تطرح المعارضة يوما بديلا قابل للحياة بمعنى الحياة التي تلحظ كرامة الإنسان والحق في الاختلاف بلا عواقب بل معاقبة وخيمة(!). نعم عرفنا النظام الطائفي اللبناني الذي لا يحمي الإنسان ولا يعترف بإنسانيته أصلا والتي هي أعمق وأرحب من معتقده الديني على أهميته وضرورة احترامه كما أي حرية معتقد. نعم نريد إسقاط هذا النظام الطائفي بكل رموزه المكتوبة والمتعارف عليها(!). نعم لإسقاط رموز هذا النظام، تلك الأصنام التي لها ألسن ولكن بلا حياء.
في الأمس القريب، شهدنا سقوط بن علي ومبارك ونائبه(الحاكم من خلف الكواليس)، ونشهد قريبا سقوط قائد الثورة، صاحب الكتاب الأخضر، ملك ملوك أفريقيا، جزار أفريقيا. وسوف نشهد كثر بعدهم، فالطابور طويل والبصيرة قصيرة! شهدنا السلاطين تتهاوى، وتنازع للحصول على فتات انتفاضة الشباب، ومحاولة الاستمرار بلحس الأصابع الزفرة بعد فقدان المائدة. فهمتكم، أنا فهمت كل واحد منكم قال بن علي. كم كان مقزز سماع كلامه. كيف يتجرد آدمي من إنسانيته حين يصبح عبدا للشهوة، أي شهوة، وللسلطة، أي سلطة وكم نجد من هذه الفصيلة الفريدة من القردة في لبنان. تلك القردة التي تمثل الصيغة، قردة هي صنيعة الطائفية السياسية. قردة لولا الطائفية السياسية، لكان تسنى لها- بل لبعضها في أحسن الأحوال أن تصدق خبر داروين فتتطور وترقى لتصبح بشرا شأننا نحن الفئران إذا تعرفنا على مواطن قوتنا، وتعلمنا طول النفس- ثقافة هي الآخرى لا بد أن نكتسبها- وصنعنا التغيير الذي يحولنا بشرا.
إن مسيرة تغيير يكتب لها النجاح لا تتحقق إلا بمشاركة مختلف شرائح المجتمع، وهي بذلك تشكل حاضنة الانتماء والروح الوطنية التي هي أساس في الذاكرة الجماعية لأي شعب. وهذه الشرائح لا تقتصر على الشباب وإن كان النواة، ولا تقتصر على المتعلمين، أو المهنيين، أو أصحاب المهن الحرة، أو الأفضل حظا على رغم المأساة المشتركة والمزمنة. هي مسيرة تتخطى أولئك لتشمل كل الكادحين والمهشمين، وكل الفئات العمرية من نساء ورجال. إن مسيرة التغيير اليوم تفتقر لهذه التعبئة وهي بحاجة لها أكثر من أي وقت مضى. إن مسيرة التغيير بحاجة إلى خطاب مقنع، يتوجه إلى العامة وبكل الوسائل وأولها الكلمة التي تفوح كالرائحة الطيبة وتتنقل في الأرجاء - وأتمنى أن يشكل هذا المقال وكثر من أمثاله نقطة بداية على طريق جذب الآخر أو تحييده بالحد الأدنى. علينا بإقناع أنفسنا قبل الآخرين، وحسم خياراتنا، وعلينا بعد ذلك بالكلمة في المنزل وفي العمل وفي سيارة الأجرة وفي الشارع وفي القهوة والمطعم.
هكذا، وبهذه السهولة، تهتز الأنظمة فهي بلا ركيزة. نحن الركيزة ولكننا فضلنا لعصور أن نكون كرسي زعيم آدمي مثلنا، يتغوط مثلنا ويأكل مثلنا مع بعض الفوارق النسبية. ولكن الأنظمة لا تسقط بالكلمة ولا بالمظاهرات فحذار. حذار يا تونس وحذار يا مصر وحذار يا كل ثائر ومتمرد لأي بلد انتميت. هذه الأنظمة بلا استثناء، بغض النظر عن شعاراتها البراقة، وبغض النظر عن انتماءاتها أو تصنيفها في عالم الخير والشر، عالم العصور المظلمة (عالم بن لادن وبوش الأب والإبن واحتلال العراق "والحرب على الإرهاب" والمصالح الإقليمية والدولية ومحور الخير ومحور الشر)، اعتادت لعبة الكر والفر، وسياسة فرق تسد التي هي سلاح الدمار الشامل الذي ابتكره الاستعمار، وأورثه لتلك الأنظمة البديلة التي ما زالت تتحكم برقابنا مستعملة إيانا سلاحا وذخيرة في آن. هذه الأنظمة لا تسقط بسقوط وجه أو قبعة وهي تحتاج لطول نفس وتعبئة شاملة ومسيرة طويلة تبدأ فعليا بعد الإنهيار او سقوط الصنم. هي مسيرة يجب أن تأخذ بالحسبان حجم المصالح الدولية والتوازنات الإقليمية وبالتالي الأعداء. ولا بد من الانتباه إلى أن المصالح تتخطى النفط، وتتعلق بالماء والمناخ وحتى الهواء(!) وفي أسوأ الأحوال تسعى للحفاظ على سوق استهلاكية ضرورية وعلاقات استراتيجية.
علينا أن ندرك أن هذا الوحش الذي نواجه هو وحش بألف وجه ووجه، وهو ما زال يبسط سلطانه من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر، ولكنه وحش جريح وخائف، وبالتالي يصبح الخطر مضاعف والتضحيات كبيرة وشبه حتمية ولا بد من أخذها بالحسبان. علينا أن ندرك أيضا أن هذا الوحش هو دمية متحركة ولكن بشعة، دمية بيد دول القرار والقوى الكبرى وهي بالتالي سوف تهب لنجدته. هكذا رأينا ساركوزي يرحب بالانتقال الدستوري في تونس قبل أن يعلم الشارع برحيل بن علي(!) في محاولة لكسر عجلة الانتفاضة ووقف اندفاعها والحفاظ على النظام الدمية. ولكننا رأينا حتى اليوم إصرار الشباب التونسي على متابعة المسيرة حتى صنع التغيير الحقيقي. ورأينا أيضا تضارب المواقف الأميركية قبل سقوط مبارك، ثم سليمان (تضارب علني لفظي سببه تهيب أوباما من إعاقة مسيرة شابة ولا عنفية تحمل خطاب الديمقراطية وهو على أبواب انتخابات في مقابل مبعوث يحمل هم المصالح الإستراتيجية، وإن بمفهوم ضيق محدود الأفق فأي إستراتيجية تلك؟). ورأينا قلة الحياء، وعشنا الصدمة أمام الصمت العالمي والتنكر للإنسانية في حالة ليبيا بالتحديد، وعلي أن أذكر هنا موقف وزير الخارجية الإيطالي الذي تحدث عن إمارة إسلامية في بنغازي على حدود أوروبا وتلاه خطاب للقاعدة وتلى هذا كله قصف ومجازر في بنغازي وقدوم لأساطيل حربية لحماية الإنسان الليبي(!). غرابة ما بعدها غرابة أو غباء منقطع النظير وأميل للأخير كتفسير. علينا أن ندرك أن سياسة الإدارة الأميركية تعيش لحظات كل إمبراطورية مترفة وصلت بعد العسكرة والتوسع إلى مرحلة الانحلال والانحطاط. علينا أن ندرك أيضا أن التمويل الضخم للترسانة والآلة العسكرية كان على حساب تنمية الموارد البشرية لطاقم السياسة الخارجية وبالتالي حتمية انحدار هذه السياسة وغرقها في وحول الجهل والظلامية والتفكير "الاستراتيجي(!)". علينا أن ندرك أيضا أن أوروبا غارقة في الإسلاموفوبيا والمهاجرفوبيا حتى ولو كان المهاجر أو المسلم مواطنا(!)، وتنحو بخطوات متسارعة نحو تعميم حكم اليمين المتطرف الأعمى.
إن مسيرة التغيير لا تنطلق إلا بنواة من الداخل، ولا تحيا إلا بتضحيات من الداخل، ولا تنتصر إلا بإصرار من الداخل، فلا يجب علينا الرهان على أحد يأتي من الخارج بخطاب أو بدعم أو بتفكير "استراتيجي(!)"، وعلينا بالرد الواضح والقاسي على ما قد يأتي من هذا القبيل. إن مسيرة التغيير تنتصر حين يدرك البشر أن المعتقد الديني هو ملك لفرد أو جماعة ولكنه ليس قطارا سريعا يتوقف في محطة السلطة. كل دين هو ثقافة وحضارة ونظافة وطهارة وإيمان وهو هدية من الله لمن اهتدى. لمن اهتدى فلا إكراه في الدين بل محبة للآخر وعدم خيانه أو إيقاعا به، لا بل تقبل للآخر على اختلافه. هذه هي حدود الدين، أي دين، كما أفهمها شخصيا وهذا رأي يخصني. ولا تكون الطائفة أو المذهب خيارا في معظم الأحوال، كما أنها لا تبني وطنا، بل تجمع بشرا يجمعون على معتقد ديني. وحتى هذا أمر مشكوك بموضوعيته، فكيف يكون معتقد، وقلة من اعتنقه فعلا، بمعنى أن أي معتقد هو خيار واعي ومعرفي بالدرجة الأولى فكيف بالأحرى إذا كان معتقد ديني يطاول حياة إنسان بكل ما لذلك من معاني ويقتصر رغم ذلك على كونه موروث(!).
الطائفة لا شأن لها بإدارة الحكم وشكل الحكم ووسائل عمله، فهذا شأن آخر وهو علم قائم بحد ذاته لا يمكن تجييره لدين أو أتباعه وبهذه الصفة بالتحديد مع احترامي الكبير- وإن مع تحفظ في كثير من الأحيان- للشرائع الدينية.
إنطلاقا من كل ما ورد، علينا أن نتشبث بفصل الدين عن الدولة، بمعنى نزع فتيل الطائفية السياسية التي لا ترحم ولا تعدو كونها مولد أزمات متكررة. لا علاقة للسياسة بالقضاء والعدالة. لا ديكتاتورية للطوائف تحرم علماني من حق ممارسة معتقده لمجرد الاختلاف مع الجماعة ولا للحرب الضروس حتى على زواج مدني اختياري. هي لاءات أربعة في الحد الأدنى وتبدأ مسيرة بناء الوطن والمواطن ويمكن بعدها أن نضم عبارة "المصلحة الوطنية" إلى قاموسنا الوطني في حين استخدمت ملايين المرات في تاريخنا المعاصر بقصد لا أفهمه حتى اليوم. ولا بد هنا من كلمة أخص بها الأحزاب اللبنانية، علمانية على قلتها أو طائفية، كلمة أخص بها أيضا كل الطبقة السياسية اللبنانية. إن مسيرة التغيير بدأت وهي لن تتوقف حتي تحقيق التغيير المنشود. لن يوقفها تهديد ووعيد، ولن يوقفها خطاب موتور يؤجج العصبيات (ويمكن أن يصل في ملاذ أخير إلى تهييج شارع هنا أو هناك في محاولة لتكرار تجارب مريرة أو التذكير بها وبالتالي استخدام سلاح الرعب والخوف لترهيب الشباب وإخضاعهم). إن سياسيا يود مناصرة هذه المسيرة عليه بتغيير نفسه أولا، فهو جزء من تشكيلة أصنام لا نود رؤيتها بعد اليوم، مع الاحترام للشخص- وإن كان كثر منهم لا يستحق الاحترام أصلا. وهذا ينطبق على كل الأحزاب السياسية مشاركة في الحكم كانت أو لم تكن، لأنها فشلت في الدور الوحيد الذي وجدت من أجله الأحزاب أصلا. وبصريح العبارة، لا يوجد أحزاب سياسية في لبنان بالمعنى العلمي ويجب إعادة بناءها وإلا فهي آيلة للسقوط لا محالة. ثم ان حزبا يصر على أمجاده لن يضره إجراء مراجعة نقدية جدية لمسيرته إلا في حال كان من أحزاب الشخص الواحد وما أكثرها. وعليه فإن زعيما يدعي أنه مع التغيير، عليه أولا بالاستقالة من حزبه أو تياره أو طرح هذا التغيير على أجندة نقاشات الأحزاب الداخلية (الشكلية والبهلوانية) أو إعادة بناء الأحزاب على أسس جديدة عوضا عن التحدث الجذور وأية جذور؟!
وأخيرا أود أن أعبر عن اشمئزازي من التكرار الإعلامي المتواصل لعبارة "شباب الفايسبوك". الفايسبوك وسيلة اتصال، شبكة اجتماعية افتراضية يمكن أن يجتمع فيها البشر لأسباب شتى من الحوار الثقافي ، إلى السباب إلى الجريمة المنظمة. الفايسبوك استخدم من قبل الشباب للتشاور والتنظم. التويتر استخدم للتعبئة أيضا. اليوتيوب استخدم بشكل فعال لنقل الحدث أيضا. لماذا؟ لأن لا حرية صحافة في مشرقنا ومغربنا. لأن إعلاميا محايدا أو مستقلا ومهنيا هو تحفة نادرة الوجود إذا وجدت. كفى استخفافا بعقول شباب شرع في صناعة شبه المستحيل. الفايسبوك وسيلة. الحذاء أو الصرماية أو السيارة وسيلة أيضا، فهل يصح قول عبارة "ثورة شباب السيارة" كي لا نقول أمرا آخر. إنها انتفاضة شباب لم يعرف الهزيمة ولا النكسة ولا النكبة، شباب جبار، يعي الصعوبات التي يواجهها، يرى العالم من حوله، يرى الفرص والوسائل ويطالب بحقوقه الأساسية. شباب يطالب بوطن يؤمن به، ووطن يوفر وسائل العيش الكريم بلا تكلف لهذا الزعيم أو ذاك، بلا منة، بلا تمييز، بل على قدم المساواة مع الآخر في المسؤولية والحقوق والواجبات واحترام الكرامة الإنسانية.
أخيرا انطلقت إشارات الأمل بالتغيير في لبنان. نعم تحرك الشارع اللبناني تحت تأثير انتفاضة الشباب العربي. نعم كان هناك نواة وهي دوما موجودة داخل أي مجموعة فاسدة كانت أو صالحة. نواة التغيير نعمة طبيعية. أصل الخلق ونعمة الخلق! نواة التغيير تشبه ثقب أسود تنطلق منه شرارة التغيير إلا أن تلك الشرارة تبقى دوما خارج عالم النبوءات والتدجيل وتوقعات المدجلين أو عملاء المخابرات في ليالي رأس السنة(على التلفاز)!
أخيرا انطلقت إشارات الأمل بالتغيير في لبنان. ماذا بعد؟ ما العمل(!)؟
إن الحروب أو الثورات أو الانتفاضات لا تنجح بمجالس ثورية ومجالس قيادة وما أشبه ذلك من عبارات تأتي غالبا على حساب تكوين الإنسان والفرد والفكر وتنتهي إلى شكل جديد من الاستبداد. والحروب يمكن أن تكون ناجحة بمخرجاتها- نعم- وهناك العديد من الأمثلة في التاريخ القديم أو المعاصر حول حروب أنتجت بدائل قابلة للحياة وأنهت فترات صراعات عقيمة وحروب شكلت عارا في تاريخ الإنسانية. ونحن خضنا حربا قتلنا فيها نواة إنسانيتنا ومثلنا بنواة إنسانية الآخر في سبيل إعلاء شأن شيخ القبيلة الذي يحكمنا اليوم. ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الخلل يكمن في فكرة القيادة وضرورتها، إلا أنه يكمن لا شك في منهج القيادة وشكل القيادة واختيار القيادة وبالتالي اختيار مشروعها وتكريس مشروعيتها، وبالتالي شكل الحكم ونظام الحكم. وهذا ما افتقدناه في حضارتنا العربية والإسلامية وفي ثقافتنا وفي فكرنا وفي خطابنا ونفتقده اليوم أكثر من أي وقت مضى في مسيرة التغيير والتي إن لم ترقى إلى هذه الثقافة ستبقى صفحة أخرى تضاف إلى سلسلة عجزنا عن ملامسة إنسانيتنا وملاقاة مواطن قوتها وطاقتها وسحرها.
نعم عرفنا السلطة، ولكننا لم نعرف غيرها. عرفنا القمع والذل والحروب، وعرفنا الحرية المشوهة والتعبير المشوه والرقابة الذاتية وهي ليست الوجه الآخر لثقافة المهانة والخوف باستثناء ما خص التجريح والحض على الكراهية. عرفنا السلطة ولكننا لم نشهد ممارسة للسلطة سوى بمفهوم الترهيب والتخوين والإقصاء والتهميش والتمييز بين أبناء الطائفة الواحدة وأبناء الطوائف المختلفة وأبناء الطبقات المختلفة. ولم تخرج السلطة يوما عن منطق تكريم الحاشية والموالاة وتهميش المعارضة وقمعها وهذا أيضا تاريخ أمتنا منذ عهد الخلفاء الراشدين. ولم تخرج الحاشية يوما عن التمجيد الرخيص للحاكم ودس الدسائس والتحريض على المعارضين، ولم يخرج المعارضون يوما عن منطق الانتقام والتمثل بالنظام السائد عند الاستيلاء على السلطة. ولم تطرح المعارضة يوما بديلا قابل للحياة بمعنى الحياة التي تلحظ كرامة الإنسان والحق في الاختلاف بلا عواقب بل معاقبة وخيمة(!). نعم عرفنا النظام الطائفي اللبناني الذي لا يحمي الإنسان ولا يعترف بإنسانيته أصلا والتي هي أعمق وأرحب من معتقده الديني على أهميته وضرورة احترامه كما أي حرية معتقد. نعم نريد إسقاط هذا النظام الطائفي بكل رموزه المكتوبة والمتعارف عليها(!). نعم لإسقاط رموز هذا النظام، تلك الأصنام التي لها ألسن ولكن بلا حياء.
في الأمس القريب، شهدنا سقوط بن علي ومبارك ونائبه(الحاكم من خلف الكواليس)، ونشهد قريبا سقوط قائد الثورة، صاحب الكتاب الأخضر، ملك ملوك أفريقيا، جزار أفريقيا. وسوف نشهد كثر بعدهم، فالطابور طويل والبصيرة قصيرة! شهدنا السلاطين تتهاوى، وتنازع للحصول على فتات انتفاضة الشباب، ومحاولة الاستمرار بلحس الأصابع الزفرة بعد فقدان المائدة. فهمتكم، أنا فهمت كل واحد منكم قال بن علي. كم كان مقزز سماع كلامه. كيف يتجرد آدمي من إنسانيته حين يصبح عبدا للشهوة، أي شهوة، وللسلطة، أي سلطة وكم نجد من هذه الفصيلة الفريدة من القردة في لبنان. تلك القردة التي تمثل الصيغة، قردة هي صنيعة الطائفية السياسية. قردة لولا الطائفية السياسية، لكان تسنى لها- بل لبعضها في أحسن الأحوال أن تصدق خبر داروين فتتطور وترقى لتصبح بشرا شأننا نحن الفئران إذا تعرفنا على مواطن قوتنا، وتعلمنا طول النفس- ثقافة هي الآخرى لا بد أن نكتسبها- وصنعنا التغيير الذي يحولنا بشرا.
إن مسيرة تغيير يكتب لها النجاح لا تتحقق إلا بمشاركة مختلف شرائح المجتمع، وهي بذلك تشكل حاضنة الانتماء والروح الوطنية التي هي أساس في الذاكرة الجماعية لأي شعب. وهذه الشرائح لا تقتصر على الشباب وإن كان النواة، ولا تقتصر على المتعلمين، أو المهنيين، أو أصحاب المهن الحرة، أو الأفضل حظا على رغم المأساة المشتركة والمزمنة. هي مسيرة تتخطى أولئك لتشمل كل الكادحين والمهشمين، وكل الفئات العمرية من نساء ورجال. إن مسيرة التغيير اليوم تفتقر لهذه التعبئة وهي بحاجة لها أكثر من أي وقت مضى. إن مسيرة التغيير بحاجة إلى خطاب مقنع، يتوجه إلى العامة وبكل الوسائل وأولها الكلمة التي تفوح كالرائحة الطيبة وتتنقل في الأرجاء - وأتمنى أن يشكل هذا المقال وكثر من أمثاله نقطة بداية على طريق جذب الآخر أو تحييده بالحد الأدنى. علينا بإقناع أنفسنا قبل الآخرين، وحسم خياراتنا، وعلينا بعد ذلك بالكلمة في المنزل وفي العمل وفي سيارة الأجرة وفي الشارع وفي القهوة والمطعم.
هكذا، وبهذه السهولة، تهتز الأنظمة فهي بلا ركيزة. نحن الركيزة ولكننا فضلنا لعصور أن نكون كرسي زعيم آدمي مثلنا، يتغوط مثلنا ويأكل مثلنا مع بعض الفوارق النسبية. ولكن الأنظمة لا تسقط بالكلمة ولا بالمظاهرات فحذار. حذار يا تونس وحذار يا مصر وحذار يا كل ثائر ومتمرد لأي بلد انتميت. هذه الأنظمة بلا استثناء، بغض النظر عن شعاراتها البراقة، وبغض النظر عن انتماءاتها أو تصنيفها في عالم الخير والشر، عالم العصور المظلمة (عالم بن لادن وبوش الأب والإبن واحتلال العراق "والحرب على الإرهاب" والمصالح الإقليمية والدولية ومحور الخير ومحور الشر)، اعتادت لعبة الكر والفر، وسياسة فرق تسد التي هي سلاح الدمار الشامل الذي ابتكره الاستعمار، وأورثه لتلك الأنظمة البديلة التي ما زالت تتحكم برقابنا مستعملة إيانا سلاحا وذخيرة في آن. هذه الأنظمة لا تسقط بسقوط وجه أو قبعة وهي تحتاج لطول نفس وتعبئة شاملة ومسيرة طويلة تبدأ فعليا بعد الإنهيار او سقوط الصنم. هي مسيرة يجب أن تأخذ بالحسبان حجم المصالح الدولية والتوازنات الإقليمية وبالتالي الأعداء. ولا بد من الانتباه إلى أن المصالح تتخطى النفط، وتتعلق بالماء والمناخ وحتى الهواء(!) وفي أسوأ الأحوال تسعى للحفاظ على سوق استهلاكية ضرورية وعلاقات استراتيجية.
علينا أن ندرك أن هذا الوحش الذي نواجه هو وحش بألف وجه ووجه، وهو ما زال يبسط سلطانه من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر، ولكنه وحش جريح وخائف، وبالتالي يصبح الخطر مضاعف والتضحيات كبيرة وشبه حتمية ولا بد من أخذها بالحسبان. علينا أن ندرك أيضا أن هذا الوحش هو دمية متحركة ولكن بشعة، دمية بيد دول القرار والقوى الكبرى وهي بالتالي سوف تهب لنجدته. هكذا رأينا ساركوزي يرحب بالانتقال الدستوري في تونس قبل أن يعلم الشارع برحيل بن علي(!) في محاولة لكسر عجلة الانتفاضة ووقف اندفاعها والحفاظ على النظام الدمية. ولكننا رأينا حتى اليوم إصرار الشباب التونسي على متابعة المسيرة حتى صنع التغيير الحقيقي. ورأينا أيضا تضارب المواقف الأميركية قبل سقوط مبارك، ثم سليمان (تضارب علني لفظي سببه تهيب أوباما من إعاقة مسيرة شابة ولا عنفية تحمل خطاب الديمقراطية وهو على أبواب انتخابات في مقابل مبعوث يحمل هم المصالح الإستراتيجية، وإن بمفهوم ضيق محدود الأفق فأي إستراتيجية تلك؟). ورأينا قلة الحياء، وعشنا الصدمة أمام الصمت العالمي والتنكر للإنسانية في حالة ليبيا بالتحديد، وعلي أن أذكر هنا موقف وزير الخارجية الإيطالي الذي تحدث عن إمارة إسلامية في بنغازي على حدود أوروبا وتلاه خطاب للقاعدة وتلى هذا كله قصف ومجازر في بنغازي وقدوم لأساطيل حربية لحماية الإنسان الليبي(!). غرابة ما بعدها غرابة أو غباء منقطع النظير وأميل للأخير كتفسير. علينا أن ندرك أن سياسة الإدارة الأميركية تعيش لحظات كل إمبراطورية مترفة وصلت بعد العسكرة والتوسع إلى مرحلة الانحلال والانحطاط. علينا أن ندرك أيضا أن التمويل الضخم للترسانة والآلة العسكرية كان على حساب تنمية الموارد البشرية لطاقم السياسة الخارجية وبالتالي حتمية انحدار هذه السياسة وغرقها في وحول الجهل والظلامية والتفكير "الاستراتيجي(!)". علينا أن ندرك أيضا أن أوروبا غارقة في الإسلاموفوبيا والمهاجرفوبيا حتى ولو كان المهاجر أو المسلم مواطنا(!)، وتنحو بخطوات متسارعة نحو تعميم حكم اليمين المتطرف الأعمى.
إن مسيرة التغيير لا تنطلق إلا بنواة من الداخل، ولا تحيا إلا بتضحيات من الداخل، ولا تنتصر إلا بإصرار من الداخل، فلا يجب علينا الرهان على أحد يأتي من الخارج بخطاب أو بدعم أو بتفكير "استراتيجي(!)"، وعلينا بالرد الواضح والقاسي على ما قد يأتي من هذا القبيل. إن مسيرة التغيير تنتصر حين يدرك البشر أن المعتقد الديني هو ملك لفرد أو جماعة ولكنه ليس قطارا سريعا يتوقف في محطة السلطة. كل دين هو ثقافة وحضارة ونظافة وطهارة وإيمان وهو هدية من الله لمن اهتدى. لمن اهتدى فلا إكراه في الدين بل محبة للآخر وعدم خيانه أو إيقاعا به، لا بل تقبل للآخر على اختلافه. هذه هي حدود الدين، أي دين، كما أفهمها شخصيا وهذا رأي يخصني. ولا تكون الطائفة أو المذهب خيارا في معظم الأحوال، كما أنها لا تبني وطنا، بل تجمع بشرا يجمعون على معتقد ديني. وحتى هذا أمر مشكوك بموضوعيته، فكيف يكون معتقد، وقلة من اعتنقه فعلا، بمعنى أن أي معتقد هو خيار واعي ومعرفي بالدرجة الأولى فكيف بالأحرى إذا كان معتقد ديني يطاول حياة إنسان بكل ما لذلك من معاني ويقتصر رغم ذلك على كونه موروث(!).
الطائفة لا شأن لها بإدارة الحكم وشكل الحكم ووسائل عمله، فهذا شأن آخر وهو علم قائم بحد ذاته لا يمكن تجييره لدين أو أتباعه وبهذه الصفة بالتحديد مع احترامي الكبير- وإن مع تحفظ في كثير من الأحيان- للشرائع الدينية.
إنطلاقا من كل ما ورد، علينا أن نتشبث بفصل الدين عن الدولة، بمعنى نزع فتيل الطائفية السياسية التي لا ترحم ولا تعدو كونها مولد أزمات متكررة. لا علاقة للسياسة بالقضاء والعدالة. لا ديكتاتورية للطوائف تحرم علماني من حق ممارسة معتقده لمجرد الاختلاف مع الجماعة ولا للحرب الضروس حتى على زواج مدني اختياري. هي لاءات أربعة في الحد الأدنى وتبدأ مسيرة بناء الوطن والمواطن ويمكن بعدها أن نضم عبارة "المصلحة الوطنية" إلى قاموسنا الوطني في حين استخدمت ملايين المرات في تاريخنا المعاصر بقصد لا أفهمه حتى اليوم. ولا بد هنا من كلمة أخص بها الأحزاب اللبنانية، علمانية على قلتها أو طائفية، كلمة أخص بها أيضا كل الطبقة السياسية اللبنانية. إن مسيرة التغيير بدأت وهي لن تتوقف حتي تحقيق التغيير المنشود. لن يوقفها تهديد ووعيد، ولن يوقفها خطاب موتور يؤجج العصبيات (ويمكن أن يصل في ملاذ أخير إلى تهييج شارع هنا أو هناك في محاولة لتكرار تجارب مريرة أو التذكير بها وبالتالي استخدام سلاح الرعب والخوف لترهيب الشباب وإخضاعهم). إن سياسيا يود مناصرة هذه المسيرة عليه بتغيير نفسه أولا، فهو جزء من تشكيلة أصنام لا نود رؤيتها بعد اليوم، مع الاحترام للشخص- وإن كان كثر منهم لا يستحق الاحترام أصلا. وهذا ينطبق على كل الأحزاب السياسية مشاركة في الحكم كانت أو لم تكن، لأنها فشلت في الدور الوحيد الذي وجدت من أجله الأحزاب أصلا. وبصريح العبارة، لا يوجد أحزاب سياسية في لبنان بالمعنى العلمي ويجب إعادة بناءها وإلا فهي آيلة للسقوط لا محالة. ثم ان حزبا يصر على أمجاده لن يضره إجراء مراجعة نقدية جدية لمسيرته إلا في حال كان من أحزاب الشخص الواحد وما أكثرها. وعليه فإن زعيما يدعي أنه مع التغيير، عليه أولا بالاستقالة من حزبه أو تياره أو طرح هذا التغيير على أجندة نقاشات الأحزاب الداخلية (الشكلية والبهلوانية) أو إعادة بناء الأحزاب على أسس جديدة عوضا عن التحدث الجذور وأية جذور؟!
وأخيرا أود أن أعبر عن اشمئزازي من التكرار الإعلامي المتواصل لعبارة "شباب الفايسبوك". الفايسبوك وسيلة اتصال، شبكة اجتماعية افتراضية يمكن أن يجتمع فيها البشر لأسباب شتى من الحوار الثقافي ، إلى السباب إلى الجريمة المنظمة. الفايسبوك استخدم من قبل الشباب للتشاور والتنظم. التويتر استخدم للتعبئة أيضا. اليوتيوب استخدم بشكل فعال لنقل الحدث أيضا. لماذا؟ لأن لا حرية صحافة في مشرقنا ومغربنا. لأن إعلاميا محايدا أو مستقلا ومهنيا هو تحفة نادرة الوجود إذا وجدت. كفى استخفافا بعقول شباب شرع في صناعة شبه المستحيل. الفايسبوك وسيلة. الحذاء أو الصرماية أو السيارة وسيلة أيضا، فهل يصح قول عبارة "ثورة شباب السيارة" كي لا نقول أمرا آخر. إنها انتفاضة شباب لم يعرف الهزيمة ولا النكسة ولا النكبة، شباب جبار، يعي الصعوبات التي يواجهها، يرى العالم من حوله، يرى الفرص والوسائل ويطالب بحقوقه الأساسية. شباب يطالب بوطن يؤمن به، ووطن يوفر وسائل العيش الكريم بلا تكلف لهذا الزعيم أو ذاك، بلا منة، بلا تمييز، بل على قدم المساواة مع الآخر في المسؤولية والحقوق والواجبات واحترام الكرامة الإنسانية.
Friday, February 18, 2011
في العقل المهزوم والخنوع والسذاجة
يبدو أن التكرار- ولو إلى درجة الملل واجب! فقد توالت في الفترة الأخير، فترة التغيير الجذري في المنطقة العربية محاولات استباق الأمور وتسخيف الحركة الشبابية ووسائلها. نقول مرحلة التغيير الجذري إدراكا منا أن ما جرى ويجري ليس عاديا ولو لم نتلمس بعد منجزاته كاملة. عن ما يجري يشكل ثورة ثقافية بكل ما للكلمة من معنى!
إن المنجزات الأولى في هذه المنطقة وفي مختلف البلدان- وهي منجزات غير قابلة لطيها أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء- هي في كسر حاجز الخوف وإطلاق حرية الكلمة وممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير على أكمل وجه ولو مع فاتورة باهضة.
إن ما يجري يشكل ثورة ثقافية لأن وسائله هي بحد ذاتها ثورية من حيث استخدامها، فالشباب الذي تحرك ليس شباب الفايس بوك أو التويتر او اليوتيوب، بل هو الشباب الذي استخدم هذه الوسائل من أجل الحشد والتعبئة والتواصل، وقبل ذلك كله مكن أجل الحوار والتوافق على أهداف، وأشكال تحرك ووسائل.
إنه من السذاجة بمكان أن نعتبر أن ما يجري في المنطقة هو استنساخ لتجربة، لا بل إن في ذلك إشارة إلى العقلية التي ما زالت تعيش خارج العالم والواقع. فعالم اليوم والعولمة، وتكنولوجيا الإتصلات هزم الحدود بالمعنى التقليدي إن على مستوى البلدان أو العلاقات بين أبناء المناطق والقاليم. إن في ذلك بحد ذاته ثورة على التقليد والاستنساخ بكونه فتح المجال لتنامي الخبرات ونقلها والمشاركة في صياغتها حتى خارج إطار الكيان الواحد. إن تجربة تونس أو مصر وباقي بلدان المنطقة تشير بشكل واضح إلى ذلك، وبالتحديد إلى التضامن بين الشباب من مختلف البلدان وحملهم قضية في زطن ما كقضيتهم والعمل في سبيل انجازها.
إن تسطيح الأمور له عدة أغراض وأحيانا أسباب.
أغراض التسطيح تجارب ومبادرات الشباب
محاولة تسخيف الحركات ونبذها شعبيا
محاولة عزل بلد عن آخر أو عن تجربة الآخر في محاولة للحفاظ على ديمومة الفساد والسلطة
أسباب أخرى
إن تسطيح البعض للأمور يمكن ألا ينبعث من محاولة محاصرة التجربة بل من باب عدم الدراية بها أو حتى عدم الإلمام بها، فالبعض ممن يتشدق بعبارة شباب الفايس بوك لم يدخل على الفايس بوك مطلقا ولم يجري بحثا على الإنترنت ولم يتصفح أو يلج هذا العالم الرحب (إن صفحات هذه المجموعات تعج بالأفكار والنقاشات والتكتيكات بما يزيد عما نشرته الصحف في سنوات وأحيانا كثير بما يفوقه قيمة وإثراء وإفادة! في منطقة تكاد لا تجد فيها أو لا تجد منبرا إعلاميا حر مستقل بكل ما للكلمة من معنى). البعض الآخر يحمل عقلية الهزيمة والخيبات ولا يقوى على الأمل خوفا من الخيبة. والبعض كلاسيكي محافظ يرى في الموجود ضمانة على قلة ما يؤمن ويفضل الابقاء عليه. وأخيرا، بعض يملأه الخوف وهو مبرر ولكن الخوف أمر طبيعي ولكن حياتنا اليومية لا تعدو كونها قلق وخوف متواصل داخل أنظمة بوليسية متسلطة، كانت السلطة فيها لعائلة أو لزعامة طائفة أو طوائف او نظام حكم بوليسي تقليدي.
عليكم اليوم أن تختاروا موقعا في خضم هذا التغيير وهذه الثورة الثقافية التي تعصف بالمنطقة، والمواقع كثيرة فمنها الداعم، والمساهم أو الفاعل، ومنها المعارض ومنها المتفرج والخيار هنا هو حق لأي إنسان، إلا أن المواربة وتجاوز المنطق والواقع والاختباء وراء شعارات تخرج من هنا أو هناك وتهدف إلى محاصرة أمل التغيير هو جريمة بحق النفس قبل الآخر.
وإذا كنتم من الداعمين فأهلا وسهلا بكم في مجموعة ’من أجل إسقاط النظام اللبناني الطائفي- نحو نظام علماني‘ علما أن النظام العلماني يوفر للبنان فرصة للخلاص من دوامة التجاذبات عدم الاستقرار والحروب، ويوفر لشبابه فرصة بناء المستقبل على قدم المساواة وعدم التهميش والاقصاء وفرصة لتخطي الواقع الطائفي المأزوم وتبني الوطن والمواطنة والهوية نحو دولة عصرية تحترم الإنسان والقانون والنزاهة والشفافية والمساواة.
إن المنجزات الأولى في هذه المنطقة وفي مختلف البلدان- وهي منجزات غير قابلة لطيها أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء- هي في كسر حاجز الخوف وإطلاق حرية الكلمة وممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير على أكمل وجه ولو مع فاتورة باهضة.
إن ما يجري يشكل ثورة ثقافية لأن وسائله هي بحد ذاتها ثورية من حيث استخدامها، فالشباب الذي تحرك ليس شباب الفايس بوك أو التويتر او اليوتيوب، بل هو الشباب الذي استخدم هذه الوسائل من أجل الحشد والتعبئة والتواصل، وقبل ذلك كله مكن أجل الحوار والتوافق على أهداف، وأشكال تحرك ووسائل.
إنه من السذاجة بمكان أن نعتبر أن ما يجري في المنطقة هو استنساخ لتجربة، لا بل إن في ذلك إشارة إلى العقلية التي ما زالت تعيش خارج العالم والواقع. فعالم اليوم والعولمة، وتكنولوجيا الإتصلات هزم الحدود بالمعنى التقليدي إن على مستوى البلدان أو العلاقات بين أبناء المناطق والقاليم. إن في ذلك بحد ذاته ثورة على التقليد والاستنساخ بكونه فتح المجال لتنامي الخبرات ونقلها والمشاركة في صياغتها حتى خارج إطار الكيان الواحد. إن تجربة تونس أو مصر وباقي بلدان المنطقة تشير بشكل واضح إلى ذلك، وبالتحديد إلى التضامن بين الشباب من مختلف البلدان وحملهم قضية في زطن ما كقضيتهم والعمل في سبيل انجازها.
إن تسطيح الأمور له عدة أغراض وأحيانا أسباب.
أغراض التسطيح تجارب ومبادرات الشباب
محاولة تسخيف الحركات ونبذها شعبيا
محاولة عزل بلد عن آخر أو عن تجربة الآخر في محاولة للحفاظ على ديمومة الفساد والسلطة
أسباب أخرى
إن تسطيح البعض للأمور يمكن ألا ينبعث من محاولة محاصرة التجربة بل من باب عدم الدراية بها أو حتى عدم الإلمام بها، فالبعض ممن يتشدق بعبارة شباب الفايس بوك لم يدخل على الفايس بوك مطلقا ولم يجري بحثا على الإنترنت ولم يتصفح أو يلج هذا العالم الرحب (إن صفحات هذه المجموعات تعج بالأفكار والنقاشات والتكتيكات بما يزيد عما نشرته الصحف في سنوات وأحيانا كثير بما يفوقه قيمة وإثراء وإفادة! في منطقة تكاد لا تجد فيها أو لا تجد منبرا إعلاميا حر مستقل بكل ما للكلمة من معنى). البعض الآخر يحمل عقلية الهزيمة والخيبات ولا يقوى على الأمل خوفا من الخيبة. والبعض كلاسيكي محافظ يرى في الموجود ضمانة على قلة ما يؤمن ويفضل الابقاء عليه. وأخيرا، بعض يملأه الخوف وهو مبرر ولكن الخوف أمر طبيعي ولكن حياتنا اليومية لا تعدو كونها قلق وخوف متواصل داخل أنظمة بوليسية متسلطة، كانت السلطة فيها لعائلة أو لزعامة طائفة أو طوائف او نظام حكم بوليسي تقليدي.
عليكم اليوم أن تختاروا موقعا في خضم هذا التغيير وهذه الثورة الثقافية التي تعصف بالمنطقة، والمواقع كثيرة فمنها الداعم، والمساهم أو الفاعل، ومنها المعارض ومنها المتفرج والخيار هنا هو حق لأي إنسان، إلا أن المواربة وتجاوز المنطق والواقع والاختباء وراء شعارات تخرج من هنا أو هناك وتهدف إلى محاصرة أمل التغيير هو جريمة بحق النفس قبل الآخر.
وإذا كنتم من الداعمين فأهلا وسهلا بكم في مجموعة ’من أجل إسقاط النظام اللبناني الطائفي- نحو نظام علماني‘ علما أن النظام العلماني يوفر للبنان فرصة للخلاص من دوامة التجاذبات عدم الاستقرار والحروب، ويوفر لشبابه فرصة بناء المستقبل على قدم المساواة وعدم التهميش والاقصاء وفرصة لتخطي الواقع الطائفي المأزوم وتبني الوطن والمواطنة والهوية نحو دولة عصرية تحترم الإنسان والقانون والنزاهة والشفافية والمساواة.
Tuesday, February 15, 2011
شكرا لسوريا، شكرا للسعودية، لا نريد س.س.!
شكرا لك يا سعد على بق بحصة، شكرا لك لأنك قررت وبعد أشهر- أو سنين- على وضع الشباب اللبناني بصورة طبخة البحص، ال س.س. وشكرا لك على بق البحصة!
"مؤتمر مصالحة وطنية لبنانية، يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين. مؤتمر يعقد في الرياض برعاية ملك المملكة العربية السعودية وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الجمهورية العربية السورية وعدد من رؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية، يؤدي إلى مصالحة شاملة، ومسامحة شاملة لكل الماضي، مصالحة الجميع من دون استثناء وتسامح الجميع من دون استثناء عن كل الماضي، من دون"
هذا ما جاء في خطاب الرئيس المكلف في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، 2011. هذا ما لم يقله الزعماء اللبنانيين لجماهيرهم في زمن الشفافية وفي لبنان والحضارة والديمقراطية ومنارة الحرية في الشرق!
ألا يحق للجمهور الذي دفع فاتورة العبث من 2004 وحتى 2011، ولأي ساحة أو فريق سياسي انتمى- مع العلم أن لا انتماء لحزب سياسي في لبنان إذ لا يوجد مؤسسة فعلية على هيئة حزب سياسي حقيقي والمؤسسة الوحيدة القائمة في لبنان هي الطائفة. ألا يحق للجمهور أن يعرف أنكم تنظرون في طائف جديد- تحدثنا عنه مرارا من قبل- يكرس مصالحة المصالح وإعادة توزيعها من جديد.
ومن قال أن الشعب يريد المسامحة والمصالحة المبنية على سياسة عفى الله عن ما مضى؟ من قال أننا نعيش في غابة وعلينا أن نقبل بمنطق القوة؟ ثم من أوهمك أيها الزعيم اللبناني المقتدر، وأيا كان حجم الطائفة التي تنتمي إليها، والخزان الشعبي الذي تتحكم في مأكله ومشربه، من قال لك أنك خارج أي مساءلة أو عقاب ومن أوهمك أنك تستطيع غسل الأموال والعقول إلى ما لا نهاية؟ ومن أوهمك أنك بفردك ثورة وتغيير حتى بات كل من فريق 14 و8 آذار يباهي أنه قاد الحراك الذي يجري في المنطقة.
كلا يا فخامة الزعيم، لبنان لم يشهد يوما انتفاضة أو ثورة حقيقية للأسف. شهد حربا أهلية من أقسى الحروب، وشهد إجراما منقطع النظير لم يدفع ثمنه إلا البشر ممن قتل أو أصبح معوقاأو عاجزا وممن خطف وصفي أو فقد. لم تدفع يا فخامة الزعيم فاتورة الحرب، بل ذهبت للطائف لصرف الخسارة الوطنية ربحا، لا بل رأس مال لاستثمار جديد في بلد السياحة والحرية. يا فخامة الزعيم، أنت كل زعيم يتشدق اليوم باسم الحرية أو الاستقلال أو مصلحة الشعب أو الصمود أو المقاومة، فأنت أصم لا تسمع، وملحق لا تعرف استقلال، ومصلحة الشعب لا تدخل بندا جانبيا في جدول أعمالك، والصمود والمقاومة شعار بعدما جردتم الشعب من كل مقومات المقاومة.
هل يطمح الشباب اللبناني لهدنة 10 أو 15 سنة جديدة يعود بعدها إلى الاصطفاف الطائفي والمذهبي ليبني بعده الزعماء أنفسهم أو أولادهم مصالحة مصالح جديدة وترسيم نفوذ ومصالح الطوائف إلى ما لا نهاية. عجيب تاريخ هذا البلد وعجيب كذلك شعبه الذي لا يفهم تاريخه ولا يتعلم منه، ولعل لهذه الأحجية جوابا مناسبا.
تاريخ الشعوب مادة شبه أساسية، وزارة سيادية(!) في أي منهج تربوي، ولكنه في لبنان- أي مادة التاريخ- لا تؤرخ سوى لتعايش كذبة، ولا تشكل تأريخا بالمعنى الحقيقي، فتبقى ضمن أطر المجاملة السياسية- أي الكذب- وتبقى خالية من كل مادة خلافية، وهي الأساس الوحيد نحو المصالحة وبناء الوطن والهوية والانتماء الحقيقي.
سقطت ال س.س. ووعدتنا قوى 14 آذار أنها لا تريد العودة إليها. سقطت ال س.س. وزف سقوطها كثر من فريق 8 آذار فضلا عن ما يسمى بالوسطيين- أو إجر بالفلاحة وإجر بالبور- الجاهزين دوما للالتحاق بالأقوى(!).
سقطت ال س. س. ولكن هل سقط الطائف الجديد قبل أن يولد أم أن ما نحن بصدده اليوم لا يعدو سوى استراحة محارب؟ للأسف، إن ما نراه اليوم لا يعدو استراحة محارب سوف يعود بعدها الزعماء اللبنانيين، ممثلو الطوائف- وبعد تجلي الصورة الإقليمية والنفوذ الدولي، ونفاذ فترات السماح، إلى حروبهم الصغيرة- بأهدافها- وسوف يعود اللبنانيين لأي فريق انتموا إلى دفع فاتورة الدم والدمار حتى يحين موعد طائف جديد.
ولعل المفارقة الأكبر تكمن في أن الطائف لحظ إنشاء لجنة لإلغاء الطائفية السياسية، وهو بالتالي أعلن دفنها قبل أن تولد، فمن يعرف اللجان اللبنانية، من لجان التحقيق إلى لجان وقف إطلاق النار، إلى لجان المصالحة والحوار، يدرك جيدا معنى هذا التصدير وغاياته وخواتيمه.
يبقى أن نأمل أن يكون الشباب اللبناني- وهو وقود كل حرب واقتتال- قد أصبح واعيا بما فيه الكفاية بأن سبب عدم الاستقرار، ومحرك الفساد، ووعاء هذه الحلقة المفرغة ليس سوى النظام الطائفي، والذي إذا سقط، سيؤدي لا محالة إلى سقوط هذه الطبقة السياسية الفاسدة- بغض النظر عن الشعارات التي تطلق من هنا أو هناك- التي تحكم لبنان وتتحكم برقاب اللبنانيين وتسوقهم نعاجا في سوق إقليمية سوداء.
"مؤتمر مصالحة وطنية لبنانية، يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين. مؤتمر يعقد في الرياض برعاية ملك المملكة العربية السعودية وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الجمهورية العربية السورية وعدد من رؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية، يؤدي إلى مصالحة شاملة، ومسامحة شاملة لكل الماضي، مصالحة الجميع من دون استثناء وتسامح الجميع من دون استثناء عن كل الماضي، من دون"
هذا ما جاء في خطاب الرئيس المكلف في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، 2011. هذا ما لم يقله الزعماء اللبنانيين لجماهيرهم في زمن الشفافية وفي لبنان والحضارة والديمقراطية ومنارة الحرية في الشرق!
ألا يحق للجمهور الذي دفع فاتورة العبث من 2004 وحتى 2011، ولأي ساحة أو فريق سياسي انتمى- مع العلم أن لا انتماء لحزب سياسي في لبنان إذ لا يوجد مؤسسة فعلية على هيئة حزب سياسي حقيقي والمؤسسة الوحيدة القائمة في لبنان هي الطائفة. ألا يحق للجمهور أن يعرف أنكم تنظرون في طائف جديد- تحدثنا عنه مرارا من قبل- يكرس مصالحة المصالح وإعادة توزيعها من جديد.
ومن قال أن الشعب يريد المسامحة والمصالحة المبنية على سياسة عفى الله عن ما مضى؟ من قال أننا نعيش في غابة وعلينا أن نقبل بمنطق القوة؟ ثم من أوهمك أيها الزعيم اللبناني المقتدر، وأيا كان حجم الطائفة التي تنتمي إليها، والخزان الشعبي الذي تتحكم في مأكله ومشربه، من قال لك أنك خارج أي مساءلة أو عقاب ومن أوهمك أنك تستطيع غسل الأموال والعقول إلى ما لا نهاية؟ ومن أوهمك أنك بفردك ثورة وتغيير حتى بات كل من فريق 14 و8 آذار يباهي أنه قاد الحراك الذي يجري في المنطقة.
كلا يا فخامة الزعيم، لبنان لم يشهد يوما انتفاضة أو ثورة حقيقية للأسف. شهد حربا أهلية من أقسى الحروب، وشهد إجراما منقطع النظير لم يدفع ثمنه إلا البشر ممن قتل أو أصبح معوقاأو عاجزا وممن خطف وصفي أو فقد. لم تدفع يا فخامة الزعيم فاتورة الحرب، بل ذهبت للطائف لصرف الخسارة الوطنية ربحا، لا بل رأس مال لاستثمار جديد في بلد السياحة والحرية. يا فخامة الزعيم، أنت كل زعيم يتشدق اليوم باسم الحرية أو الاستقلال أو مصلحة الشعب أو الصمود أو المقاومة، فأنت أصم لا تسمع، وملحق لا تعرف استقلال، ومصلحة الشعب لا تدخل بندا جانبيا في جدول أعمالك، والصمود والمقاومة شعار بعدما جردتم الشعب من كل مقومات المقاومة.
هل يطمح الشباب اللبناني لهدنة 10 أو 15 سنة جديدة يعود بعدها إلى الاصطفاف الطائفي والمذهبي ليبني بعده الزعماء أنفسهم أو أولادهم مصالحة مصالح جديدة وترسيم نفوذ ومصالح الطوائف إلى ما لا نهاية. عجيب تاريخ هذا البلد وعجيب كذلك شعبه الذي لا يفهم تاريخه ولا يتعلم منه، ولعل لهذه الأحجية جوابا مناسبا.
تاريخ الشعوب مادة شبه أساسية، وزارة سيادية(!) في أي منهج تربوي، ولكنه في لبنان- أي مادة التاريخ- لا تؤرخ سوى لتعايش كذبة، ولا تشكل تأريخا بالمعنى الحقيقي، فتبقى ضمن أطر المجاملة السياسية- أي الكذب- وتبقى خالية من كل مادة خلافية، وهي الأساس الوحيد نحو المصالحة وبناء الوطن والهوية والانتماء الحقيقي.
سقطت ال س.س. ووعدتنا قوى 14 آذار أنها لا تريد العودة إليها. سقطت ال س.س. وزف سقوطها كثر من فريق 8 آذار فضلا عن ما يسمى بالوسطيين- أو إجر بالفلاحة وإجر بالبور- الجاهزين دوما للالتحاق بالأقوى(!).
سقطت ال س. س. ولكن هل سقط الطائف الجديد قبل أن يولد أم أن ما نحن بصدده اليوم لا يعدو سوى استراحة محارب؟ للأسف، إن ما نراه اليوم لا يعدو استراحة محارب سوف يعود بعدها الزعماء اللبنانيين، ممثلو الطوائف- وبعد تجلي الصورة الإقليمية والنفوذ الدولي، ونفاذ فترات السماح، إلى حروبهم الصغيرة- بأهدافها- وسوف يعود اللبنانيين لأي فريق انتموا إلى دفع فاتورة الدم والدمار حتى يحين موعد طائف جديد.
ولعل المفارقة الأكبر تكمن في أن الطائف لحظ إنشاء لجنة لإلغاء الطائفية السياسية، وهو بالتالي أعلن دفنها قبل أن تولد، فمن يعرف اللجان اللبنانية، من لجان التحقيق إلى لجان وقف إطلاق النار، إلى لجان المصالحة والحوار، يدرك جيدا معنى هذا التصدير وغاياته وخواتيمه.
يبقى أن نأمل أن يكون الشباب اللبناني- وهو وقود كل حرب واقتتال- قد أصبح واعيا بما فيه الكفاية بأن سبب عدم الاستقرار، ومحرك الفساد، ووعاء هذه الحلقة المفرغة ليس سوى النظام الطائفي، والذي إذا سقط، سيؤدي لا محالة إلى سقوط هذه الطبقة السياسية الفاسدة- بغض النظر عن الشعارات التي تطلق من هنا أو هناك- التي تحكم لبنان وتتحكم برقاب اللبنانيين وتسوقهم نعاجا في سوق إقليمية سوداء.
Friday, February 11, 2011
ماذا يراد لكم وما العمل؟
طفح الكيل وانتفض الشباب (جيل لم يشهد الهزيمة كواقعة وبالتالي لم يتمكن منه اليأس). هذا هو التوصيف الموضوعي لحركة وثورة الشباب في كل من تونس ومصر على اختلاف الواقع وأشكال انتهاك الحقوق وسلم أولوياتها(!) وأشكال ووسائل القمع والافقار (بكل أشكاله من حصار سبل العيش والتفكير والكلمة والتجمع...) وازدهار الفساد والبطالة.
وانطلاقا من هذا الواقع، فإن الشباب المتمكن من وسائل الإتصال والتواصل التف على حصار النظام البوليسي (ودفع كثر في السنوات الأربع أو الخمسة الماضية ثمن هذا الالتفاف، طليعة المدونون، والناشطون...) في مبادرات جريئة ورائدة أتمنى أن تجد طريقها إلى الأبحاث والتوثيق قريبا (وأن يشارك فيها أصحاب الخبرات من الشباب أنفسهم).
واستخدم الشباب المساحة الافتراضية ودفعوا بها إلى أقصى الحدود، وجعلوا منها المنبر والنشيد الحماسي والدعوة، ولكن الشباب المحاصر لم يخرج من فراغ. خرج من بيئة محاصرة تفتقر للقيادات شابة كانت أو غير شابة، نقابية كانت أو غير نقابية، حزبية أو غير حزبية، والحق يقال أن النظام العربي بصورة عامة والثقافة السائدة لم تتح يوما أو لم تشهد تكون حزب سياسي بكل ما للكلمة من معنى، حزب مؤسسة، بل كان الحزب مرادف للسلطة، والحزب المعارض متى أتيح وجوده (وإن بحدود اللعبة غير الديمقراطية) طامح للسلطة في أقصى الحدود، وبعيد كل البعد عن طرح البديل الحقيقي للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.إن مشروع الدولة بقي بحد ذاته مفهوم مغيب، فلا وجود للدولة بالمعنى الشامل، أي التمثيل الاحتضان وبلورة الهوية وحفظ الوطن والمصلحة الوطنية وما يتبع ذلك من نمو وتقدم وتواجد على الخريطة الإقليمية والدولية.
تكمن المشكلة الحقيقية إذن في ثقافة وتقليد وموروث لا نكفر إن قلنا أنه سائد في هذه البلاد من عهد الخلفاء الراشدين، ولا نغالي إن قلنا أن قبلية إبن خلدون (التي تعلم منها كثر الكثير ولم نتعلم منها شيئا!) ما زالت حية ترزق وتتوالد.
وفي واقعنا المأزوم، انطلق الشباب بمطلب التغيير. وشرع بوضع مطالبه فكان أن وضع جملة مطالبه دفعة واحدة (وهذا أتركه لمقال أخر ولست بصدد مناقشته الآن ولكن تجدر الإشارة إلى أن سقف المطالب يفضل أن يأخد شكلا تصاعديا تدريجيا وألا يطرح في بداية التحرك) في محاولة لترجمة الحلم إلى واقع فضلا عن مخاطبة وجدان الشارع بكافة أطيافه وفئاته.
وانطلاقة من طبيعة النظام البوليسي، فهو كان آخر من دخل منتدى النقاش السياسي حول ما يحصل، فالنظام البوليسي والعقل البوليسي لا يتميز بالقدرة العاليةعلى تحليل الاتجاهات الجماهيرية، فهو يثق بقدرته على عزل المجتمع عن النظام والدولة ككيان وعزل المجتمع عن بعضه وتفتيت خلاياه بحيث يصبح الجمهور مغيب أصلا وغير موجود في عقلية النظام، وهو بالتالي غير مجهز للتعاطي معه أو التفاوض، فإما أن يستمر أو أن يسقط.
وانطلاقا من الواقع عينه ومن تاريخ منطقتنا الذي قلما شهد نوافذ مشرقة (في ما عدى كثير من الأناشيد الثورية والمناشير على أهميتها ورمزيتها فهي تعكس صورة حلم وتحققه وإن على مستويات بدائية)، ترجح الكفة لاستمرار النظام على رغم عدم حتمية هذا النموذج أو تعميمه أو أزليته.
ولكن لا بد من النظر إلى رقعة الجغرافية السياسية الأوسع ولعبة المصالح الإقليمية ومصالح الدول العظمى وتأثيرها على مجريات الأحداث ومخرجاتها. إن إسقاط نظام في بلد من بلدان هذه المنطقة يشكل ضياع ورقة (لا تسقط في صندوق انتخاب بل تصرف في خزينة دولة ما، وفي إستراتيجيتها البعيدة المدى)، وعليه فإن معركة إسقاط النظام- تبقى أم المعارك الحقيقية عنفية كانت أو لا عنفية- هي معركة ضد نظام المصالح المحلي لأصحاب النفوذ والسلطة- ويصح استخدام تعبير ناظمها (المصالح)- وهي أيضا معركة- وفي المقام الأول- تعقد لعبة المصالح الإقليمية والدولية فتفرض نفسها عدوا طبيعيا لهه المصالح. وعلى اختلاف الاصطفاف والتحالفات والمصالح، ترتسم صورة الصراع على الشاشات وسوق البورصة والمزايدات.
هكذا يدخل اللاعبون الدوليون لدعم النظام (في تونس ومصر)، وإن بصورة احترام إرادة الشباب، وسارعوا إلى رسم لوحة الانتقال الدستوري حينا والسلمي حينا آخر، في محاولة لتجنيب الشباب مخاطر الوقوع في المجهول، وكأنهم كانوا يعيشون الرفاه والازدهار طيلة العقود التي كانوا فيها راعيي- وتجوز هنا كلمة رعاة- النظام. ومن رفاه الشباب إلى رفاه أردوغان الحلم العربي(!) -ووريث قمع من شكل آخر- يطل علينا الفارس التركي بدعم منقطع النظير للثورة، ومروج للنموذج التركي في مضاربة وتلاق مع طروحات سابقة حول مخارج الأزمة في مصر، والتي دارت النقاشات والتسريبات حولها في الأشهر العشرة الأخيرة، وكان أبرزها الميل الأميركي إلى تسلم مؤسسة الجيش زمام الأمور- إن عبر سليمان أو غيره، ومن الجدير ذكره هنا وجود الوفد العسكري المصري الكبير في الولايات المتحدة الأميركية قبيل انطلاق الانتفاضة، والاتصالات التي أجراها قائد الجيش بتونس بالأميركيين قبيل رحيل بن علي- في مصر لصعوبة نجاح نجل مبارك في متابعة المسيرة(!). ولا ننسى أيضا خطاب الثورة الإسلامية في عيدها والذي يصب على المدى القصير في لعبة كسب الأوراق، أو بالحد الأدنى إضعاف قيمتها الشرائية في الأسواق الدولية.
ويأتي التحرش الأكبر بانتفاضة، فيشارك النظام العربي على اختلاف صوره وتحالفاته- ولا يمكنني تشبيه هذه اللوحة السريالية إلا بالموزاييك اللبناني الذي لا يتفق إلا على الصيغة، النظام الطائفي، ولو مع صراع على الحصص، وهي الصيغة الوحيدة أو الأكثر فعالية للحفاظ على حالة عدم الاستقرار والسير بإستراتيجية على شفير الهاوية- فتتحد الأنظمة يدا بيد لمحاصرة ثورة الشباب بكل الوسائل المتاحة، وفي الحد الأدنى محاولة حصرها- من المستغرب عدم التئام الجامعة العربية للنظر في خطر الشباب على المصلحة العربية المشتركة(!)، ولكننا قرأنا طبعا دردشات لبرلمانيين عرب يشجبون فيه التعرض لبن علي بمقالات تخدش شعوره ويطالبون بوقفها، في مبادرة ترمز إلى أولويات الإصلاح القانوني والتشريعي في بلداننا العربية(!).
وحين ننطلق من الواقع، لا ننطلق من منطق المؤامرة، ولا نروج لخيال علمي، بمعنى أن المصالح موجودة وواضحة (الصورة على المدى القريب أو المنظور) في اتفاقيات أمنية وتوازنات ومحاور على مستوى العالم والمنطقة ولا داعي للخوض في حيثياته ولكن يمكننا ذكر السويس، والنفط، والسلام، والذرة والصراعات التاريخية، والطموحات والبكاء على أطلال السلطنة... . ما من خطاب يأتي من كل حدب وصوب ويوجه إلى الشباب في مصر أو تونس أو أية دولة عربية أو إسلامية، يحمل أهداف تراعي أهداف وطموحات أو مصلحة هذا الشباب في دولة عصرية تحترم الإنسان وحقوقه ورفاهه.
إن في تحرر أي شعب عربي أو إسلامي من عقلية نظام الشخص الواحد أو الزمرة أو الميليشيا الموازية أو الايدولوجيا العقيمة في زمن سقوط الأيديولوجيات، ونهوضه باتجاه الدولة العصرية يشكل خطرا مباشرا على القوى العظمى أساسا، والقوى الإقليمية الطامحة حينا والجامحة حينا آخر كما يشكل خطرا على إسرائيل، ويهدد بإعادة توجيه الاهتمام لاحقا إلى قضية محورية مهمشة ومهشمة، هي قضية الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
وأخيرا، إن ما يحضر للشباب في إطار حصار انتفاضاتهم، لا يعدو كونه فتاتا من إصلاح قوانين هنا أو تغيير أسماء هناك، أو انقلاب يستبدل آخر، وهو لا يرقى بأي حال من الأحوال إلى طموحات الشباب. إن الشباب في مصر وتونس يحمل يعي بشكل كامل حجم المعركة التي يخوض، ويعي أن أي تنازل في هذه المرحلة سوف يكون التنازل الأول في اتجاه العودة إلى نقطة الصفر بعد حين وهو يعي أن العسكر هو من الشعب وللشعب ولكنه يعي أيضا أن دور الجيش حماية الشعب وليس حكم الشعب.
تحية لكم يا أبطال تونس، ويا أبطال مصر، وتحية لأمهات الشهداء ولعائلاتهم ولأصدقائهم، على أمل أن لا يذهب دمهم هدرا في معارك جانبية يصبح معها تحقيق ما كانوا يحلمون به سرابا.
وانطلاقا من هذا الواقع، فإن الشباب المتمكن من وسائل الإتصال والتواصل التف على حصار النظام البوليسي (ودفع كثر في السنوات الأربع أو الخمسة الماضية ثمن هذا الالتفاف، طليعة المدونون، والناشطون...) في مبادرات جريئة ورائدة أتمنى أن تجد طريقها إلى الأبحاث والتوثيق قريبا (وأن يشارك فيها أصحاب الخبرات من الشباب أنفسهم).
واستخدم الشباب المساحة الافتراضية ودفعوا بها إلى أقصى الحدود، وجعلوا منها المنبر والنشيد الحماسي والدعوة، ولكن الشباب المحاصر لم يخرج من فراغ. خرج من بيئة محاصرة تفتقر للقيادات شابة كانت أو غير شابة، نقابية كانت أو غير نقابية، حزبية أو غير حزبية، والحق يقال أن النظام العربي بصورة عامة والثقافة السائدة لم تتح يوما أو لم تشهد تكون حزب سياسي بكل ما للكلمة من معنى، حزب مؤسسة، بل كان الحزب مرادف للسلطة، والحزب المعارض متى أتيح وجوده (وإن بحدود اللعبة غير الديمقراطية) طامح للسلطة في أقصى الحدود، وبعيد كل البعد عن طرح البديل الحقيقي للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.إن مشروع الدولة بقي بحد ذاته مفهوم مغيب، فلا وجود للدولة بالمعنى الشامل، أي التمثيل الاحتضان وبلورة الهوية وحفظ الوطن والمصلحة الوطنية وما يتبع ذلك من نمو وتقدم وتواجد على الخريطة الإقليمية والدولية.
تكمن المشكلة الحقيقية إذن في ثقافة وتقليد وموروث لا نكفر إن قلنا أنه سائد في هذه البلاد من عهد الخلفاء الراشدين، ولا نغالي إن قلنا أن قبلية إبن خلدون (التي تعلم منها كثر الكثير ولم نتعلم منها شيئا!) ما زالت حية ترزق وتتوالد.
وفي واقعنا المأزوم، انطلق الشباب بمطلب التغيير. وشرع بوضع مطالبه فكان أن وضع جملة مطالبه دفعة واحدة (وهذا أتركه لمقال أخر ولست بصدد مناقشته الآن ولكن تجدر الإشارة إلى أن سقف المطالب يفضل أن يأخد شكلا تصاعديا تدريجيا وألا يطرح في بداية التحرك) في محاولة لترجمة الحلم إلى واقع فضلا عن مخاطبة وجدان الشارع بكافة أطيافه وفئاته.
وانطلاقة من طبيعة النظام البوليسي، فهو كان آخر من دخل منتدى النقاش السياسي حول ما يحصل، فالنظام البوليسي والعقل البوليسي لا يتميز بالقدرة العاليةعلى تحليل الاتجاهات الجماهيرية، فهو يثق بقدرته على عزل المجتمع عن النظام والدولة ككيان وعزل المجتمع عن بعضه وتفتيت خلاياه بحيث يصبح الجمهور مغيب أصلا وغير موجود في عقلية النظام، وهو بالتالي غير مجهز للتعاطي معه أو التفاوض، فإما أن يستمر أو أن يسقط.
وانطلاقا من الواقع عينه ومن تاريخ منطقتنا الذي قلما شهد نوافذ مشرقة (في ما عدى كثير من الأناشيد الثورية والمناشير على أهميتها ورمزيتها فهي تعكس صورة حلم وتحققه وإن على مستويات بدائية)، ترجح الكفة لاستمرار النظام على رغم عدم حتمية هذا النموذج أو تعميمه أو أزليته.
ولكن لا بد من النظر إلى رقعة الجغرافية السياسية الأوسع ولعبة المصالح الإقليمية ومصالح الدول العظمى وتأثيرها على مجريات الأحداث ومخرجاتها. إن إسقاط نظام في بلد من بلدان هذه المنطقة يشكل ضياع ورقة (لا تسقط في صندوق انتخاب بل تصرف في خزينة دولة ما، وفي إستراتيجيتها البعيدة المدى)، وعليه فإن معركة إسقاط النظام- تبقى أم المعارك الحقيقية عنفية كانت أو لا عنفية- هي معركة ضد نظام المصالح المحلي لأصحاب النفوذ والسلطة- ويصح استخدام تعبير ناظمها (المصالح)- وهي أيضا معركة- وفي المقام الأول- تعقد لعبة المصالح الإقليمية والدولية فتفرض نفسها عدوا طبيعيا لهه المصالح. وعلى اختلاف الاصطفاف والتحالفات والمصالح، ترتسم صورة الصراع على الشاشات وسوق البورصة والمزايدات.
هكذا يدخل اللاعبون الدوليون لدعم النظام (في تونس ومصر)، وإن بصورة احترام إرادة الشباب، وسارعوا إلى رسم لوحة الانتقال الدستوري حينا والسلمي حينا آخر، في محاولة لتجنيب الشباب مخاطر الوقوع في المجهول، وكأنهم كانوا يعيشون الرفاه والازدهار طيلة العقود التي كانوا فيها راعيي- وتجوز هنا كلمة رعاة- النظام. ومن رفاه الشباب إلى رفاه أردوغان الحلم العربي(!) -ووريث قمع من شكل آخر- يطل علينا الفارس التركي بدعم منقطع النظير للثورة، ومروج للنموذج التركي في مضاربة وتلاق مع طروحات سابقة حول مخارج الأزمة في مصر، والتي دارت النقاشات والتسريبات حولها في الأشهر العشرة الأخيرة، وكان أبرزها الميل الأميركي إلى تسلم مؤسسة الجيش زمام الأمور- إن عبر سليمان أو غيره، ومن الجدير ذكره هنا وجود الوفد العسكري المصري الكبير في الولايات المتحدة الأميركية قبيل انطلاق الانتفاضة، والاتصالات التي أجراها قائد الجيش بتونس بالأميركيين قبيل رحيل بن علي- في مصر لصعوبة نجاح نجل مبارك في متابعة المسيرة(!). ولا ننسى أيضا خطاب الثورة الإسلامية في عيدها والذي يصب على المدى القصير في لعبة كسب الأوراق، أو بالحد الأدنى إضعاف قيمتها الشرائية في الأسواق الدولية.
ويأتي التحرش الأكبر بانتفاضة، فيشارك النظام العربي على اختلاف صوره وتحالفاته- ولا يمكنني تشبيه هذه اللوحة السريالية إلا بالموزاييك اللبناني الذي لا يتفق إلا على الصيغة، النظام الطائفي، ولو مع صراع على الحصص، وهي الصيغة الوحيدة أو الأكثر فعالية للحفاظ على حالة عدم الاستقرار والسير بإستراتيجية على شفير الهاوية- فتتحد الأنظمة يدا بيد لمحاصرة ثورة الشباب بكل الوسائل المتاحة، وفي الحد الأدنى محاولة حصرها- من المستغرب عدم التئام الجامعة العربية للنظر في خطر الشباب على المصلحة العربية المشتركة(!)، ولكننا قرأنا طبعا دردشات لبرلمانيين عرب يشجبون فيه التعرض لبن علي بمقالات تخدش شعوره ويطالبون بوقفها، في مبادرة ترمز إلى أولويات الإصلاح القانوني والتشريعي في بلداننا العربية(!).
وحين ننطلق من الواقع، لا ننطلق من منطق المؤامرة، ولا نروج لخيال علمي، بمعنى أن المصالح موجودة وواضحة (الصورة على المدى القريب أو المنظور) في اتفاقيات أمنية وتوازنات ومحاور على مستوى العالم والمنطقة ولا داعي للخوض في حيثياته ولكن يمكننا ذكر السويس، والنفط، والسلام، والذرة والصراعات التاريخية، والطموحات والبكاء على أطلال السلطنة... . ما من خطاب يأتي من كل حدب وصوب ويوجه إلى الشباب في مصر أو تونس أو أية دولة عربية أو إسلامية، يحمل أهداف تراعي أهداف وطموحات أو مصلحة هذا الشباب في دولة عصرية تحترم الإنسان وحقوقه ورفاهه.
إن في تحرر أي شعب عربي أو إسلامي من عقلية نظام الشخص الواحد أو الزمرة أو الميليشيا الموازية أو الايدولوجيا العقيمة في زمن سقوط الأيديولوجيات، ونهوضه باتجاه الدولة العصرية يشكل خطرا مباشرا على القوى العظمى أساسا، والقوى الإقليمية الطامحة حينا والجامحة حينا آخر كما يشكل خطرا على إسرائيل، ويهدد بإعادة توجيه الاهتمام لاحقا إلى قضية محورية مهمشة ومهشمة، هي قضية الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
وأخيرا، إن ما يحضر للشباب في إطار حصار انتفاضاتهم، لا يعدو كونه فتاتا من إصلاح قوانين هنا أو تغيير أسماء هناك، أو انقلاب يستبدل آخر، وهو لا يرقى بأي حال من الأحوال إلى طموحات الشباب. إن الشباب في مصر وتونس يحمل يعي بشكل كامل حجم المعركة التي يخوض، ويعي أن أي تنازل في هذه المرحلة سوف يكون التنازل الأول في اتجاه العودة إلى نقطة الصفر بعد حين وهو يعي أن العسكر هو من الشعب وللشعب ولكنه يعي أيضا أن دور الجيش حماية الشعب وليس حكم الشعب.
تحية لكم يا أبطال تونس، ويا أبطال مصر، وتحية لأمهات الشهداء ولعائلاتهم ولأصدقائهم، على أمل أن لا يذهب دمهم هدرا في معارك جانبية يصبح معها تحقيق ما كانوا يحلمون به سرابا.
Thursday, February 10, 2011
سريالية العولمة وعولمة السريالية
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين تزول كل الحدود بين الدول وتبقى الأجندات الخفية والفروقات الهائلة وإزدواجية المعايير؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يحشد حسين أوباما لحربه ضد الإرهاب كل يوم ويغطي الأنظمة البوليسية وهي أصل الإرهاب ومخرجه؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين ينادي حسين أوباما بالديمقراطية ويغطي الأنظمة البوليسية؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين ينادي يحذر مبعوث حسين أوباما إلى حسين مبارك من الفوضى في حين أن الإدارة الأميركية هي مخترعة نظرية الفوضى الخلاقة؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين نتذكر خطاب حسين أوباما للشباب في مصر عندما أطلق وعود تغيير السياسة الأميركية في المنطقة؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين تمنع أميركا إسقاط نظام وتوعز إلى أنظمة حليفة للتذرع أمامها بهذا الطلب؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يحاول نظام يقمع شعبه تسطيح ثورة شعب آخر على شكل رغيف؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يطلق سراح المعتقلين الإلكترونيين من أقبية سيرفيرات النظام- صفحات فايس بوك وتويتير- ويصور ذلك على أنه إصلاح تدريجي؛
مفهوم طبعا خوف الأنظمة العربية من تداعيات ما يحصل في مصر واحتمال نجاح الشباب فرض التغيير بالتالي دعم النظام وإن بوقاحة ولكن أن يحاول نظام عربي قمع ثورة ليست على أرضه ولا يكتفي بقمع شعبه فقط لأمر في غاية الوقاحة وأن تدعم دولة لم تستطع الإجابة على انتفاضة شبابها إلا بالميليشيات ثورة شعب آخر لأمر يفوق ذلك وقاحة.
أن يغمز أبو الغيط من قناة الجيش، أو بمعنى آخر أن يغمز من قناة الانقلاب عند الحشرة أو الفوضى بقاموس النظام، وهو سبقه إليه الإدارة الأميركية في الأيام الأولى من الثورة لأمر يدعو للقلق.
إن ما يطرح بديلا عن الإصلاح والتغيير الجذري، خاصة مع الترويج لنظرية الفوضى القادمة، إن في تونس أو مصر، ليس سوى انقلابات عسكرية جديدة تأتي بقيادات جديدة، تمدد الأزمة إلى حين توضح صورة الصراع على مواقع النفوذ في المنطقة.
إن الأمل الوحيد يبقى في فرض الشعوب معادلات جديدة، مما يستتبع تضحيات جمة، على الأرض، كما يفعل الشباب في مصر وتونس والاستمرارية والتنبه إلى محاولات التفرقة. إن الأمل يبقى في نجاح التجربة في تونس ومصر وبعدها نقول لشعوب المنطقة، هذه وصفة النمو والحضارة وتقرير المصير، فهنيئا لكم يها بديلا عن الفتافيت!
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يحشد حسين أوباما لحربه ضد الإرهاب كل يوم ويغطي الأنظمة البوليسية وهي أصل الإرهاب ومخرجه؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين ينادي حسين أوباما بالديمقراطية ويغطي الأنظمة البوليسية؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين ينادي يحذر مبعوث حسين أوباما إلى حسين مبارك من الفوضى في حين أن الإدارة الأميركية هي مخترعة نظرية الفوضى الخلاقة؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين نتذكر خطاب حسين أوباما للشباب في مصر عندما أطلق وعود تغيير السياسة الأميركية في المنطقة؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين تمنع أميركا إسقاط نظام وتوعز إلى أنظمة حليفة للتذرع أمامها بهذا الطلب؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يحاول نظام يقمع شعبه تسطيح ثورة شعب آخر على شكل رغيف؛
تصل السريالية إلى أقصى الحدود حين يطلق سراح المعتقلين الإلكترونيين من أقبية سيرفيرات النظام- صفحات فايس بوك وتويتير- ويصور ذلك على أنه إصلاح تدريجي؛
مفهوم طبعا خوف الأنظمة العربية من تداعيات ما يحصل في مصر واحتمال نجاح الشباب فرض التغيير بالتالي دعم النظام وإن بوقاحة ولكن أن يحاول نظام عربي قمع ثورة ليست على أرضه ولا يكتفي بقمع شعبه فقط لأمر في غاية الوقاحة وأن تدعم دولة لم تستطع الإجابة على انتفاضة شبابها إلا بالميليشيات ثورة شعب آخر لأمر يفوق ذلك وقاحة.
أن يغمز أبو الغيط من قناة الجيش، أو بمعنى آخر أن يغمز من قناة الانقلاب عند الحشرة أو الفوضى بقاموس النظام، وهو سبقه إليه الإدارة الأميركية في الأيام الأولى من الثورة لأمر يدعو للقلق.
إن ما يطرح بديلا عن الإصلاح والتغيير الجذري، خاصة مع الترويج لنظرية الفوضى القادمة، إن في تونس أو مصر، ليس سوى انقلابات عسكرية جديدة تأتي بقيادات جديدة، تمدد الأزمة إلى حين توضح صورة الصراع على مواقع النفوذ في المنطقة.
إن الأمل الوحيد يبقى في فرض الشعوب معادلات جديدة، مما يستتبع تضحيات جمة، على الأرض، كما يفعل الشباب في مصر وتونس والاستمرارية والتنبه إلى محاولات التفرقة. إن الأمل يبقى في نجاح التجربة في تونس ومصر وبعدها نقول لشعوب المنطقة، هذه وصفة النمو والحضارة وتقرير المصير، فهنيئا لكم يها بديلا عن الفتافيت!
Tuesday, February 08, 2011
من شباب الثورة إلى شباب التغيير: خارطة طريق
تحية لشهداء تونس، لشهداء مصر، ولأبطال تونس ومصر الذين ينيرون طريق شباب العالم العربي ويقدمون نموذجا لكل زمان مكان، نموذجا لتغلب الإنسان على القهر والظلم، وخارطة طريق للتغيير الحقيقي. تحية لجميع المعتقلين إبان الانتفاضة وتحية سجناء الرأي القابعين في سجون الأنظمة الأمنية منذ عقود.
لماذا الثورة؟ لماذا انتفض الشباب في تونس ولماذا انتفض الشباب في مصر ولماذا يحلم كل الشباب العربي بلحظة التحرر من الجهل والفساد والقمع والطغيان وانتهاك الحقوق الأساسية؟ لماذا يحلم الشباب العربي بكسر حاجز الرعب والحلقة المفرغة التي ولد في كنفها وشب عليها وكاد أن يشيب؟!
لأن الثورة طبيعة الشباب؛
لأن القهر فاق قدرة كل شاب على التحمل؛
لأن أنظمتنا صم، بكم، لا يفقهون؛
ولأنها تستمر ببث الخطاب الممل المتوقع؛
لأن التعايش مع الذل والامتهان عار؛
لأن الجهل بالحقوق ظلم للنفس؛
لأن المعرفة بالحقوق وعدم المطالبة بها جهل؛
لأن عدم الدفاع عن حق الآخر جريمة ضد النفس قبل الآخر؛
ولآن شباب اليوم ليس جيل هزيمة أو نكبة أو نكسة؛ كانت الانتفاضة، وكانت الثورة التي هزت العالم العربي وتردد صداها حول العالم.
لماذا تهرع الأنظمة العربية لعزل شعوبها والترويج لخصوصياتها في محاولة لصد دوائر الماء التي بدأت تتسع. لماذا يحاول نظام تصوير ثورة الشباب كثورة جياع فيما يحاول آخر تصويرها على أنها انقلاب أيديولوجي- على مساحة ما طالت يده من إعلام وصفحات جرائد ومجلات؟
لأن أنظمتنا ظلامية؛
لأنها تستمر بسياسات القهر والظلم والرعب الممنهج والتهميش والإقصاء؛
لأنها تستمر بسياسات التجويع؛
لأن سياساتها ليست سوى شعارات فارغة ومعارك دونكيشوتيه؛
لأنها تدعي أن لها موقعا على خارطة العالم؛
لأنها تدرك أنها ليست سوى موطئ قدم لصناع القرار ومرتكزا لتنفيذ مصالحهم؛
لأنها انقلاب على انقلاب؛
لأنها تعيش عقدة الخوف التي زرعتها، وتعرف أنها موطن ضعفها؛
لأنها "فهمت" أن نهاياتها أصبحت مؤكدة، أطلقت أبواقها وكلابها وشرعت أبواب سجونها.
انتفض الشباب العربي على الحصار، حصار الثقافة والمجتمع الاقتصاد، حصار الكلمة والرأي والمشاركة والحوار والإبداع والفن، حصار الإنسان بكل بكل ما يميزه عن البهائم.
انتفض الشباب في مصر وتونس، ويحاول جاهدا في أكثر من بلد عربي، انتفض الشباب بحكمة وعزم مسخرا وسائل التكنولوجيا والاتصال والتشبيك الإلكتروني والإعلام الحديث ومستخدما الطرق اللاعنفية في الاحتجاج والتظاهر والعصيان ورفع الصوت وكسب التأييد والمناصرة. انتفض الشباب في تونس فخفقت له قلوب الأطفال والكهول والعجز من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.
لا داعي لتسطيح الأمور، فشبابنا ليس شباب التويتير والفايسبوك، مع بالغ الاحترام لعمالقة الشبكات الاجتماعية والتواصل على الانترنت. فالتويتير والفايسبوك ثورة في مجال التكنولوجيا وخدمات الاتصال، ولكنها ليست سوى وسيلة تواصل. والفايسبوك والتويتر ليست خطيبا ولا مبشرا بثورة أو تغيير ولكنها المساحة شبه الوحيدة- بفئتها من حيث سهولة الوصول والفعالية وإتاحة التفاعل- التي ظلت متاحة وإن برقابة شبه مفرطة، ولكن في معظم الأحيان غبية.
لماذا لم تسقط الأنظمة؟
لم تسقط الأنظمة، لم يسقط النظام في تونس، بل سقط أحد رموزه وشتان بين هذا وذاك ولم يسقط النظام في مصر ولكن لا داعي للخيبة فالانتفاضة ليست عيد تحرير، بل مسيرة تغيير تنهي مرحلة لتبدأ أخرى. لم تسقط الأنظمة لأن الإنعاش الدولي كان حاضرا لمساعدتها، وليس لأنها قوية اليوم أو كانت في يوم مضى. لا داعي للخيبة، ولكن الحذر واجب اليوم أكثر من أي يوم مضى، ولأن المرحلة تتطلب رؤية وتحليلا يتخطى عبره الشباب شعارات الحشد والتنشيط إلى.طرح بديل ومشروع قابل للتحقيق.
لم تسقط الأنظمة لأن مصر ليست جزيرة، وتونس ليست جزيرة، ولأن جزر العالم غرقت في عصر عولمة المصالح ’والحرب على الإرهاب‘، ولأن المسافات بين الدول، وبين الشرق والغرب تقاس بمسطرة المصالح والاتفاقيات الأمنية في المقام الأول، ولأن أنظمتنا تتقن هذه اللعبة، وتدرك أنها السباقة في تقديم خدماتها في هذا السياق بأرخص الأسعار.
لم تسقط الأنظمة لأن الشباب، شباب الثورة لم يقدم بديلا، ولأن الأحزاب السياسية المعارضة والمجاملة والموالية لا تمثل الشباب وليس بمقدورها تقديم البديل.
هنا يكمن لب المشكلة والمأزق، مشكلة ومأزق ولكن الحلول والمخارج كانت وما زالت في متناولنا. مشكلة ومأزق لأن أنصاف الحلول أو الفشل، وحتى لو جاء جزئيا، لن يقتصر على ساحة الحدث بل يتخطاها إلى بلدان أخرى في المنطقة، ولأن النجاح سوف يكون الارتدادات عينها.
كسر الشباب حاجز الخوف، ونزل إلى الشارع وأحدث صدمة كبيرة وارتباكا على مستوى النظام الحاكم ولقي تأييدا جماهيريا واستطاع أن يؤطر تحركه بقوام حضاري لاعنفي يحمل استمرارية ووعدا. وكانت الأنظمة بالمرصاد، فامتصت الصدمة الأولى، واستنجدت بالحلفاء، فهبوا لنجدتها، فسوقوا لسلعة ’الانتقال السلس‘ حينا ’والانتقال الدستوري‘ أو السلمي حينا آخر. قامت الأنظمة وبشكل موازي، ببعث ماكينة الرعب والقتل في محاولة لإعادة طرح نفسها خيارا لا بديل عنه في مواجهة خراب وفوضى تتحمل وحده مسؤوليته.
إلا أن ما عجز عنه شباب الثورة، هو طرح بديل قابل للحياة، بديل للنظام القائم يصبح معه الحديث عن إسقاط النظام واقعيا. فالشباب معني بالتغيير وبإسقاط رموز النظام وهيكله ولكن هذا لا يكون بطرح الشعار الثوري بلا مضمون، وإن كان يقول بالتغيير نحو الديمقراطية والمساءلة والانتخابات ومكافحة الفساد ومعاقبة المرتكبين.
فالنظام كما سبق وذكرنا، لا يعوم على قارب، والثورة لا تقوم على جزيرة والنظام قائم على شبكة معقدة من المصالح، تبدأ في الداخل وتنتهي في عواصم القرار. نعم، إسقاط النظام ممكن من الداخل وبلا مخاطبة الخارج وهناك شواهد كثيرة على ذلك ولكن التضحيات كبيرة جدا.
إن خطابا متوازنا يحمل رسالة للعالم هو ضرورة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالشباب اليوم يقف في مواجهة النظام في مصر أو تونس، وفي مواجهة الأنظمة الكثيرة- والتي باتت تختلط علينا أسماؤها ورموزها لكثرة التشابه- في منطقتنا وفي مواجهة أميركا وأجزاء من أوروبا –الحكومات والإدارة. إلا أن الخطاب الذي أشير إليه لا يقوم على أساس المزايدة على النظام، وعلى تسليم التعهدات للفريق الخارجي، بل على أساس الإقناع والحوار. نحنا لسنا أعداء للغرب فنحن لا نشكل تهديدا وجوديا له ولا نطمح لتصدير ثورتنا إليه إلا أنه يرى في الثورة تهديدا لمصالحه. إن خوف الغرب يكمن منظومة متكاملة من الاتفاقات الأمنية في سياق ما يسمى ’الحرب على الإرهاب‘ وخريطة النفوذ الإقليمي فضلا عن السلام مع إسرائيل. وإذا حاولنا ترتيب الأولويات أمام هذه الملفات، فإننا وبلا شك نجد أن الاتفاقيات المنية هي الأهم على الرغم من إمعان البعض- لغاية في نفس يعقوب- لإبراز ملف السلام.
وتبقى العقدة الشكلية المتعلقة بالجماعات الاسلامية، وهي عقدة مفتعلة تشبه تلك المتعلقة بالفوضى، فكما رأينا في تونس، ومصر، إن ما يسمى الجماعات التقليدية من إسلامية أو ناصرية، أو غيرها لا تقود الشارع فعلا وهي سارعت إلى مفاوضة النظام، علما منها أن هذا اللحظة يمكن أن توفر نهاية سعيدة لطموحاتها المشروعة في المشاركة في السلطة على طول عقود، وهي لو كانت تتمتع بالصفة القيادية أو التمثيلية، لما كانت متشدقة للحوار ولكان الحوار مع النظام تنازل.
ما أقترحه هنا يتركز حول فهم منطق التسوية وتقديم البديل. إن خطابا متوازنا يوجه إلى الغرب ويحاول بعقل منفتح إقناع هذا الغرب أن الأنظمة الأمنية التي قامت على دعمه، والأنظمة الأمنية التي استمرت بمباركته- بغض النظر عن موقعها في خارطة النفوذ الإقليمي ، أو الأجندات التي تتبناها- هي مصدر القلق في الأساس وهي منتج الإرهاب ومصدره، وأن دولة تقوم على حكم القانون والنزاهة واحترام حقوق الإنسان لن تشكل خطرا على جيرانها أو المصالح الغربية. إن صياغة الشباب لخطاب من هذا النوع يبقى صعبا من الناحية الأخلاقية والمبدئية، فالشباب ليس مضطرا أصلا للقيام بهذه المبادرة، وهو شباب يناضل لمصلحة شعبه ووطنه. والغرب أصلا يتشدق بهذه المفاهيم بكافة قياداته وعلى كافة المنابر، ولكن يبقى لازدواجية المعايير حيزا واسعا في هذا العالم. ويبقى أن أقول، إن الواقعية السياسية، ومصلحة الشعب، ومستقبل الوطن بحاجة لبعض التضحيات وأحيانا التسويات، إذا ما وجد الشباب أن إسقاط النظام واستكمال التغيير يتطلب ذلك.
لماذا الثورة؟ لماذا انتفض الشباب في تونس ولماذا انتفض الشباب في مصر ولماذا يحلم كل الشباب العربي بلحظة التحرر من الجهل والفساد والقمع والطغيان وانتهاك الحقوق الأساسية؟ لماذا يحلم الشباب العربي بكسر حاجز الرعب والحلقة المفرغة التي ولد في كنفها وشب عليها وكاد أن يشيب؟!
لأن الثورة طبيعة الشباب؛
لأن القهر فاق قدرة كل شاب على التحمل؛
لأن أنظمتنا صم، بكم، لا يفقهون؛
ولأنها تستمر ببث الخطاب الممل المتوقع؛
لأن التعايش مع الذل والامتهان عار؛
لأن الجهل بالحقوق ظلم للنفس؛
لأن المعرفة بالحقوق وعدم المطالبة بها جهل؛
لأن عدم الدفاع عن حق الآخر جريمة ضد النفس قبل الآخر؛
ولآن شباب اليوم ليس جيل هزيمة أو نكبة أو نكسة؛ كانت الانتفاضة، وكانت الثورة التي هزت العالم العربي وتردد صداها حول العالم.
لماذا تهرع الأنظمة العربية لعزل شعوبها والترويج لخصوصياتها في محاولة لصد دوائر الماء التي بدأت تتسع. لماذا يحاول نظام تصوير ثورة الشباب كثورة جياع فيما يحاول آخر تصويرها على أنها انقلاب أيديولوجي- على مساحة ما طالت يده من إعلام وصفحات جرائد ومجلات؟
لأن أنظمتنا ظلامية؛
لأنها تستمر بسياسات القهر والظلم والرعب الممنهج والتهميش والإقصاء؛
لأنها تستمر بسياسات التجويع؛
لأن سياساتها ليست سوى شعارات فارغة ومعارك دونكيشوتيه؛
لأنها تدعي أن لها موقعا على خارطة العالم؛
لأنها تدرك أنها ليست سوى موطئ قدم لصناع القرار ومرتكزا لتنفيذ مصالحهم؛
لأنها انقلاب على انقلاب؛
لأنها تعيش عقدة الخوف التي زرعتها، وتعرف أنها موطن ضعفها؛
لأنها "فهمت" أن نهاياتها أصبحت مؤكدة، أطلقت أبواقها وكلابها وشرعت أبواب سجونها.
انتفض الشباب العربي على الحصار، حصار الثقافة والمجتمع الاقتصاد، حصار الكلمة والرأي والمشاركة والحوار والإبداع والفن، حصار الإنسان بكل بكل ما يميزه عن البهائم.
انتفض الشباب في مصر وتونس، ويحاول جاهدا في أكثر من بلد عربي، انتفض الشباب بحكمة وعزم مسخرا وسائل التكنولوجيا والاتصال والتشبيك الإلكتروني والإعلام الحديث ومستخدما الطرق اللاعنفية في الاحتجاج والتظاهر والعصيان ورفع الصوت وكسب التأييد والمناصرة. انتفض الشباب في تونس فخفقت له قلوب الأطفال والكهول والعجز من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.
لا داعي لتسطيح الأمور، فشبابنا ليس شباب التويتير والفايسبوك، مع بالغ الاحترام لعمالقة الشبكات الاجتماعية والتواصل على الانترنت. فالتويتير والفايسبوك ثورة في مجال التكنولوجيا وخدمات الاتصال، ولكنها ليست سوى وسيلة تواصل. والفايسبوك والتويتر ليست خطيبا ولا مبشرا بثورة أو تغيير ولكنها المساحة شبه الوحيدة- بفئتها من حيث سهولة الوصول والفعالية وإتاحة التفاعل- التي ظلت متاحة وإن برقابة شبه مفرطة، ولكن في معظم الأحيان غبية.
لماذا لم تسقط الأنظمة؟
لم تسقط الأنظمة، لم يسقط النظام في تونس، بل سقط أحد رموزه وشتان بين هذا وذاك ولم يسقط النظام في مصر ولكن لا داعي للخيبة فالانتفاضة ليست عيد تحرير، بل مسيرة تغيير تنهي مرحلة لتبدأ أخرى. لم تسقط الأنظمة لأن الإنعاش الدولي كان حاضرا لمساعدتها، وليس لأنها قوية اليوم أو كانت في يوم مضى. لا داعي للخيبة، ولكن الحذر واجب اليوم أكثر من أي يوم مضى، ولأن المرحلة تتطلب رؤية وتحليلا يتخطى عبره الشباب شعارات الحشد والتنشيط إلى.طرح بديل ومشروع قابل للتحقيق.
لم تسقط الأنظمة لأن مصر ليست جزيرة، وتونس ليست جزيرة، ولأن جزر العالم غرقت في عصر عولمة المصالح ’والحرب على الإرهاب‘، ولأن المسافات بين الدول، وبين الشرق والغرب تقاس بمسطرة المصالح والاتفاقيات الأمنية في المقام الأول، ولأن أنظمتنا تتقن هذه اللعبة، وتدرك أنها السباقة في تقديم خدماتها في هذا السياق بأرخص الأسعار.
لم تسقط الأنظمة لأن الشباب، شباب الثورة لم يقدم بديلا، ولأن الأحزاب السياسية المعارضة والمجاملة والموالية لا تمثل الشباب وليس بمقدورها تقديم البديل.
هنا يكمن لب المشكلة والمأزق، مشكلة ومأزق ولكن الحلول والمخارج كانت وما زالت في متناولنا. مشكلة ومأزق لأن أنصاف الحلول أو الفشل، وحتى لو جاء جزئيا، لن يقتصر على ساحة الحدث بل يتخطاها إلى بلدان أخرى في المنطقة، ولأن النجاح سوف يكون الارتدادات عينها.
كسر الشباب حاجز الخوف، ونزل إلى الشارع وأحدث صدمة كبيرة وارتباكا على مستوى النظام الحاكم ولقي تأييدا جماهيريا واستطاع أن يؤطر تحركه بقوام حضاري لاعنفي يحمل استمرارية ووعدا. وكانت الأنظمة بالمرصاد، فامتصت الصدمة الأولى، واستنجدت بالحلفاء، فهبوا لنجدتها، فسوقوا لسلعة ’الانتقال السلس‘ حينا ’والانتقال الدستوري‘ أو السلمي حينا آخر. قامت الأنظمة وبشكل موازي، ببعث ماكينة الرعب والقتل في محاولة لإعادة طرح نفسها خيارا لا بديل عنه في مواجهة خراب وفوضى تتحمل وحده مسؤوليته.
إلا أن ما عجز عنه شباب الثورة، هو طرح بديل قابل للحياة، بديل للنظام القائم يصبح معه الحديث عن إسقاط النظام واقعيا. فالشباب معني بالتغيير وبإسقاط رموز النظام وهيكله ولكن هذا لا يكون بطرح الشعار الثوري بلا مضمون، وإن كان يقول بالتغيير نحو الديمقراطية والمساءلة والانتخابات ومكافحة الفساد ومعاقبة المرتكبين.
فالنظام كما سبق وذكرنا، لا يعوم على قارب، والثورة لا تقوم على جزيرة والنظام قائم على شبكة معقدة من المصالح، تبدأ في الداخل وتنتهي في عواصم القرار. نعم، إسقاط النظام ممكن من الداخل وبلا مخاطبة الخارج وهناك شواهد كثيرة على ذلك ولكن التضحيات كبيرة جدا.
إن خطابا متوازنا يحمل رسالة للعالم هو ضرورة اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالشباب اليوم يقف في مواجهة النظام في مصر أو تونس، وفي مواجهة الأنظمة الكثيرة- والتي باتت تختلط علينا أسماؤها ورموزها لكثرة التشابه- في منطقتنا وفي مواجهة أميركا وأجزاء من أوروبا –الحكومات والإدارة. إلا أن الخطاب الذي أشير إليه لا يقوم على أساس المزايدة على النظام، وعلى تسليم التعهدات للفريق الخارجي، بل على أساس الإقناع والحوار. نحنا لسنا أعداء للغرب فنحن لا نشكل تهديدا وجوديا له ولا نطمح لتصدير ثورتنا إليه إلا أنه يرى في الثورة تهديدا لمصالحه. إن خوف الغرب يكمن منظومة متكاملة من الاتفاقات الأمنية في سياق ما يسمى ’الحرب على الإرهاب‘ وخريطة النفوذ الإقليمي فضلا عن السلام مع إسرائيل. وإذا حاولنا ترتيب الأولويات أمام هذه الملفات، فإننا وبلا شك نجد أن الاتفاقيات المنية هي الأهم على الرغم من إمعان البعض- لغاية في نفس يعقوب- لإبراز ملف السلام.
وتبقى العقدة الشكلية المتعلقة بالجماعات الاسلامية، وهي عقدة مفتعلة تشبه تلك المتعلقة بالفوضى، فكما رأينا في تونس، ومصر، إن ما يسمى الجماعات التقليدية من إسلامية أو ناصرية، أو غيرها لا تقود الشارع فعلا وهي سارعت إلى مفاوضة النظام، علما منها أن هذا اللحظة يمكن أن توفر نهاية سعيدة لطموحاتها المشروعة في المشاركة في السلطة على طول عقود، وهي لو كانت تتمتع بالصفة القيادية أو التمثيلية، لما كانت متشدقة للحوار ولكان الحوار مع النظام تنازل.
ما أقترحه هنا يتركز حول فهم منطق التسوية وتقديم البديل. إن خطابا متوازنا يوجه إلى الغرب ويحاول بعقل منفتح إقناع هذا الغرب أن الأنظمة الأمنية التي قامت على دعمه، والأنظمة الأمنية التي استمرت بمباركته- بغض النظر عن موقعها في خارطة النفوذ الإقليمي ، أو الأجندات التي تتبناها- هي مصدر القلق في الأساس وهي منتج الإرهاب ومصدره، وأن دولة تقوم على حكم القانون والنزاهة واحترام حقوق الإنسان لن تشكل خطرا على جيرانها أو المصالح الغربية. إن صياغة الشباب لخطاب من هذا النوع يبقى صعبا من الناحية الأخلاقية والمبدئية، فالشباب ليس مضطرا أصلا للقيام بهذه المبادرة، وهو شباب يناضل لمصلحة شعبه ووطنه. والغرب أصلا يتشدق بهذه المفاهيم بكافة قياداته وعلى كافة المنابر، ولكن يبقى لازدواجية المعايير حيزا واسعا في هذا العالم. ويبقى أن أقول، إن الواقعية السياسية، ومصلحة الشعب، ومستقبل الوطن بحاجة لبعض التضحيات وأحيانا التسويات، إذا ما وجد الشباب أن إسقاط النظام واستكمال التغيير يتطلب ذلك.
Sunday, February 06, 2011
Saturday, February 05, 2011
Mr. President, Apologize to Egypts People
Dear all,
I am sure you are all following the recent events in the Middle East and North Africa. Maybe you have also realised that Obama has till now not yet pronounced the D-word: Democracy for Egyptian people. We represent academic communities and we support the promotion of human rights and people`s right to decide on their own future. This is the time to call for the ending realist foreign policies which produced repressive regimes in MENA region and Latin America at the expense of peoples` rights. Yesterday, the justification was the communist threat, today it is the war on terror. This is the right time to call state leaders for an ethical foreign policy and to stop disseminating fear and insecurity in their societies. This is the time to listen people. We cannot leave our friends in those regions on their own. If we dont support the truly democratic and secular groups, others will fill the vacuum.
Please send the link below to your departments, institutes, groups, friends, and colleagues.
http://www.rootsaction.org/featured-actions/51-mr-president-apologize-to-egypts-people
Special Thx to B.E. Muwatenah min hatha el 3alam
PS. Please post to your blogs, send via email, twitter, face it we need it!
I am sure you are all following the recent events in the Middle East and North Africa. Maybe you have also realised that Obama has till now not yet pronounced the D-word: Democracy for Egyptian people. We represent academic communities and we support the promotion of human rights and people`s right to decide on their own future. This is the time to call for the ending realist foreign policies which produced repressive regimes in MENA region and Latin America at the expense of peoples` rights. Yesterday, the justification was the communist threat, today it is the war on terror. This is the right time to call state leaders for an ethical foreign policy and to stop disseminating fear and insecurity in their societies. This is the time to listen people. We cannot leave our friends in those regions on their own. If we dont support the truly democratic and secular groups, others will fill the vacuum.
Please send the link below to your departments, institutes, groups, friends, and colleagues.
http://www.rootsaction.org/featured-actions/51-mr-president-apologize-to-egypts-people
Special Thx to B.E. Muwatenah min hatha el 3alam
PS. Please post to your blogs, send via email, twitter, face it we need it!
تويتريات الثورة التحرير
بعد كثير من التفكير والتردد، قررت أن أوجه لكم هذه رسالة! وأعرف مسبقا أن العديد منكم لن يقرأها إما لصعوبات متعلقة بالحصار المضروب على حرية الوصول إلى المعلومات وتكبيل الإنترنت أو لكثرة المقالات التي تنهمر عليكم من كل حدب وصوب. مقالات تمتلئ بالنصائح والانتقادات والتوجيهات المباشرة وغير المباشرة وهي في أغلبها تأتي من مراقبين ومحللين معزولين عن الحدث على رغم المتابعة المتواصلة! هذا المقال هو واحد من هذه المجموعة التي تتراكم يوما بعد يوم، ولكنني أدعي أنني سوف أحاول أن أضيف شيئا ما، وأتمنى أن يؤدي دورا ما في ملحمة بطولاتكم التي بدأت للتو! أوجه هذه الرسالة التحية لشباب مصر وشباب تونس، لتونس المحررة ومصر المحررة.
قريبا تتحرر تونس وقريبا تتحرر مصر بفضل شباب كسر حاجز في ظل نظام واحد يمتد على طول المنطقة وعرضها، نظام واحد ضرب أرقاما قياسية في قهر المظلومين، واحتقار البشر، وتهميش حقوقهم، وإنتاج الفساد على حساب رفاه الشعوب وازدهار اقتصادهم، وتعميم ثقافة الخنوع والخوف واليأس. هذا النظام، والذي ليس لا يرعى أو يراعي أية منظومة قيم ولا يحمل أي توجه إيديولوجي، لا يخاطب العالم أو حتى شعبه إلا من هذا البوق! أو بالأحرى، فإن هذه الأنظمة الاستبدادية تتاجر بالشعارات الفارغة والتي ليس من شأنها إنتاج نمو أو تطور على المستوى الوطني، سياسيا كان أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي. وتبقى السطوة عنصرا رئيسيا في استمرار هذا الواقع- النظام.
إن سطوة النظام ليست عنصرا قائما بذاته وليست نتاج سياسة قمعية أو تجويعة بل هي نقطة التقاء مجموعة مصالح، لطبقة أو مجموعات أو دول. وبناء على هذا التعريف، يصعب أو يستحيل كسر سطوة النظام بغية إسقاطه أو إعمال التغيير بمعزل عن فهم مكونات هذه السطوة في أي بلد من البلدان.
لقد رأينا تجربة الشباب التونسي، وأخذنا الذهول والفرحة مما رأينا، ذهول أخذنا والعالم على السواء وفرحة أخذتنا وتركت تخبطا في العالم، عالم القرار. تخبط العالم الغربي، واختلط الأمر على فرنسا وأميركا فرأت كلاهما والعديد من الدول الأوروبية خطرا مفاجئا على مصالحها، وانتهزت من خلاله الفرصة لإعادة ترويع شعوبها وشعوب المنطقة من وحش إسلامي قادم كموطئ قدم في الحدث تنفذ من خلاله إلى تطويق مسيرة الشباب والتغيير. وفي ظاهرة غير مسبوقة في العقود الأخيرة، ظهر علينا زعماء العالم والمنطقة بصورة هستيرية على شاشات الإعلام والمنابر الدولية في سوق مزايدات -دولي وإقليمي- حول الانتقال السلمي والدستوري والإصلاح من جهة أو التحرر من سطوة الغرب من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال، لم يخرج قادة فرنسا أو أميركا على الإعلام أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية- الغربية المنشأ والأسباب- على شعوبهم بقدر ما يفعلون اليوم ولم تطلق حناجر التحرر في المنطقة أثناء الاحتجاجات الصاخبة التي عمت شوارع طهران إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة. إن في ذلك لعجب!
ليس من عجب في هذا التدخل السافر والوقح في حياة الشعوب المقهورة وليس من جديد في ذلك. فالشعوب المقهورة، المسلوبة إرادتها، وخاصة تلك التي يتربع على عرشها طاغية، تطرح سلعة رخيصة ولكن مربحة في سوق الصراع على مقدرات العالم، وتقاسم الحصص على المستوى الإقليمي، ثم الوطني! الشعوب المقهورة إذا هي بذرة في تربة خصبة تنج حصاد دول القرار ومقدراتها في سياق عملية معقدة تشكل علة استمرار الأنظمة القمعية ومدخلا لفهم وسيلته الوحيدة، السطوة!
هكذا تظهر صورة السطوة بكليتها لا جزئيتها، فهي ليست طاغية أو جيشا، وليست ميليشيا منظمة تحركها أياد خفية أو حزب حاكم، بل هي نقطة تجمع وانطلاق، تجمع مصالح الغرب أو قوى إقليمية مع مصالح طبقة حاكمة- لا أفراد. هذه السطوة إذن لا يمكن كسرها بتطويق عنصر من عناصرها أو إدخال تعديل في شكلها أو أحد مكوناتها. هذه السطوة هي شبكة عنكبوتية، لا تلبث أن تقطع خيطا من خيوطها حتى تستبدله بعشرات! إن كسر سطوة الأنظمة- الوسيلة- لا يتم إلا بدق عنقها، نقطة تجمع المصالح وضمان الاستمرارية. إن كسر السطوة، يتم إذن بتفكيك عناصرها، بكسر حلقة تلو أخرى، وبوتيرة تصاعدية. إذ أن أي نظام مصالح، يتطلب بيروقراطية لا غنى عنها لإدارته وتنظيم شؤونه، وعليه فإن تفكيك هذا النظام يكون بتوجيه سلسلة ضربات متصاعدة تبدأ في ركن النظام لتطال أطرافه أو رأس هرمه.
إن تفكيك أي نظام مصالح كتلك التي نراها في منطقتنا لا يكون وليد لحظة أو هبة أو حماسة، بل ينطلق من وعي وفهم وتحليل مسبق، وتخطيط ودراية بحجم التضحيات المطلوبة وقدرة على استشراف ردود الفعل والقدرة على مواجهتها. إن تفكيك أي نظام مصالح، سوف يواجه بقوة تتناسب إجمالا أو تزيد عن حجم هذه المصالح وهو بالتالي ليس نزهة في أي حال من الأحوال، وليس عفويا أيضا، إلا أنه ليس مستحيلا على الإطلاق وفي تاريخ البشرية شواهد لا تحصى في هذا المجال.
ويبقى عامل الوقت عنصرا أساسيا في عملية التحرير! ولعل عامل الوقت، هو في حد ذاته عامل نسبي، متغير عبر الزمن والثقافات. فثقافة العرب وتاريخهم شاهد على سبيل المثال على قصر نفسهم ورؤيتهم، وعلى شدة حماستهم أيضا! وكما تتشكل سطوة الأنظمة وأنظمة المصالح من مكونات عدة، تتطلب الثورة- وهي مرحلة- وعملية إسقاط الأنظمة عناصر متعددة تشكل الحماسة عنصرا أساسيا منها فيما يشكل قصر النفس والرؤية مقتلها. هكذا نفهم نحن الشباب مأساة الآباء والأجداد، ونفهم إرث الهزيمة الذي أصبح جزءا من ثقافتنا!
إن المرحلة الأولى في إسقاط النظام تتطلب الحماسة، وقد رأينا صخبا يصم الآذان في شوارع تونس ومصر مؤخرا! إن أولى مراحل التغيير تحققت فجرى توجيه ضربة أولى زلزلت أحد أركان السطوة، بإسقاط أحد وسائلها، بكسر جدار الخوف. هذا تحقق ولكن الرد الأول من النظام- نظام المصالح- بدأ يتعاظم ومن الجدير بالذكر أنه يستخدم عناوين متعددة تتراوح بين الترهيب- شكل النظام القادم، الخسائر الاقتصادية، الفوضى، الفتنة، الأحصنة والجمال(!)- والترغيب- الانتقال السلمي، الإصلاح، التغيير، تحقيق المطالب المشروعة(!) فضلا عن أحد أكثر الوسائل التقليدية نجاحا: بث الفرقة.
أيها الشباب، إن الأنظمة الاستبدادية التي نحن بغنى عن وصف ممارستها، هي أشبه ما تكون بالاحتلال الأجنبي أو الاستعمار. فللاحتلال بداية وتمهيد، موطئ قدم، لا يكون إلا في الداخل، وهناك من يجمع المعلومات ويعد العدة...، ومن يكافئ بشتى الامتيازات، وأنظمة المصالح العصرية التي نناقشها لا تختلف في جوهرها أو شكلها أو أثرها عن الاحتلال. ولعل صورة الاحتلال توضح حجم التضحيات والقدرة على تحملها وضمان استمرارية المسيرة حتى التحرير. أيها الشباب، لقد سقط لكم شهداء، شهداء أحرار. أيها الشباب، إن العدالة تقتضي ألا تسقط قطرة دم واحدة في مسيرتكم نحو التحرر والتغيير ولكننا نعيش في عالم لا يشبه العدالة بشيء. أيها الشباب، ليس في هذا المقال ما يدعو إلى العنف وإن قرأتم في فيه هذا، أعيدوا القراءة رجاء.
أيها، أنتم اليوم في قلب المعركة، في الميدان(!) وأنتم من أطلقتم الرصاصة الأولى على هذا النظام، الذي قتلكم (!). عذرا وكي لا أفهم خطأ، لستم بمدانين، أنتم طلبة حق، والنظام باطل. ولكن حذار، الوقت ليس في صالحكم، لكنكم ما زلتم حتى اللحظة في موقع المبادرة وما زلتم تمتلكون العزم، فإن كنتم طامحون، ومستعدون لتحمل الخسائر، اصنعوا المفاجئة وأعيدوا توجيه الدفة ولكم مني تحية يا من أدهشتم العالم وأفرحتم قلوب شباب كل شعب مقهور.
قريبا تتحرر تونس وقريبا تتحرر مصر بفضل شباب كسر حاجز في ظل نظام واحد يمتد على طول المنطقة وعرضها، نظام واحد ضرب أرقاما قياسية في قهر المظلومين، واحتقار البشر، وتهميش حقوقهم، وإنتاج الفساد على حساب رفاه الشعوب وازدهار اقتصادهم، وتعميم ثقافة الخنوع والخوف واليأس. هذا النظام، والذي ليس لا يرعى أو يراعي أية منظومة قيم ولا يحمل أي توجه إيديولوجي، لا يخاطب العالم أو حتى شعبه إلا من هذا البوق! أو بالأحرى، فإن هذه الأنظمة الاستبدادية تتاجر بالشعارات الفارغة والتي ليس من شأنها إنتاج نمو أو تطور على المستوى الوطني، سياسيا كان أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي. وتبقى السطوة عنصرا رئيسيا في استمرار هذا الواقع- النظام.
إن سطوة النظام ليست عنصرا قائما بذاته وليست نتاج سياسة قمعية أو تجويعة بل هي نقطة التقاء مجموعة مصالح، لطبقة أو مجموعات أو دول. وبناء على هذا التعريف، يصعب أو يستحيل كسر سطوة النظام بغية إسقاطه أو إعمال التغيير بمعزل عن فهم مكونات هذه السطوة في أي بلد من البلدان.
لقد رأينا تجربة الشباب التونسي، وأخذنا الذهول والفرحة مما رأينا، ذهول أخذنا والعالم على السواء وفرحة أخذتنا وتركت تخبطا في العالم، عالم القرار. تخبط العالم الغربي، واختلط الأمر على فرنسا وأميركا فرأت كلاهما والعديد من الدول الأوروبية خطرا مفاجئا على مصالحها، وانتهزت من خلاله الفرصة لإعادة ترويع شعوبها وشعوب المنطقة من وحش إسلامي قادم كموطئ قدم في الحدث تنفذ من خلاله إلى تطويق مسيرة الشباب والتغيير. وفي ظاهرة غير مسبوقة في العقود الأخيرة، ظهر علينا زعماء العالم والمنطقة بصورة هستيرية على شاشات الإعلام والمنابر الدولية في سوق مزايدات -دولي وإقليمي- حول الانتقال السلمي والدستوري والإصلاح من جهة أو التحرر من سطوة الغرب من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال، لم يخرج قادة فرنسا أو أميركا على الإعلام أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية- الغربية المنشأ والأسباب- على شعوبهم بقدر ما يفعلون اليوم ولم تطلق حناجر التحرر في المنطقة أثناء الاحتجاجات الصاخبة التي عمت شوارع طهران إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة. إن في ذلك لعجب!
ليس من عجب في هذا التدخل السافر والوقح في حياة الشعوب المقهورة وليس من جديد في ذلك. فالشعوب المقهورة، المسلوبة إرادتها، وخاصة تلك التي يتربع على عرشها طاغية، تطرح سلعة رخيصة ولكن مربحة في سوق الصراع على مقدرات العالم، وتقاسم الحصص على المستوى الإقليمي، ثم الوطني! الشعوب المقهورة إذا هي بذرة في تربة خصبة تنج حصاد دول القرار ومقدراتها في سياق عملية معقدة تشكل علة استمرار الأنظمة القمعية ومدخلا لفهم وسيلته الوحيدة، السطوة!
هكذا تظهر صورة السطوة بكليتها لا جزئيتها، فهي ليست طاغية أو جيشا، وليست ميليشيا منظمة تحركها أياد خفية أو حزب حاكم، بل هي نقطة تجمع وانطلاق، تجمع مصالح الغرب أو قوى إقليمية مع مصالح طبقة حاكمة- لا أفراد. هذه السطوة إذن لا يمكن كسرها بتطويق عنصر من عناصرها أو إدخال تعديل في شكلها أو أحد مكوناتها. هذه السطوة هي شبكة عنكبوتية، لا تلبث أن تقطع خيطا من خيوطها حتى تستبدله بعشرات! إن كسر سطوة الأنظمة- الوسيلة- لا يتم إلا بدق عنقها، نقطة تجمع المصالح وضمان الاستمرارية. إن كسر السطوة، يتم إذن بتفكيك عناصرها، بكسر حلقة تلو أخرى، وبوتيرة تصاعدية. إذ أن أي نظام مصالح، يتطلب بيروقراطية لا غنى عنها لإدارته وتنظيم شؤونه، وعليه فإن تفكيك هذا النظام يكون بتوجيه سلسلة ضربات متصاعدة تبدأ في ركن النظام لتطال أطرافه أو رأس هرمه.
إن تفكيك أي نظام مصالح كتلك التي نراها في منطقتنا لا يكون وليد لحظة أو هبة أو حماسة، بل ينطلق من وعي وفهم وتحليل مسبق، وتخطيط ودراية بحجم التضحيات المطلوبة وقدرة على استشراف ردود الفعل والقدرة على مواجهتها. إن تفكيك أي نظام مصالح، سوف يواجه بقوة تتناسب إجمالا أو تزيد عن حجم هذه المصالح وهو بالتالي ليس نزهة في أي حال من الأحوال، وليس عفويا أيضا، إلا أنه ليس مستحيلا على الإطلاق وفي تاريخ البشرية شواهد لا تحصى في هذا المجال.
ويبقى عامل الوقت عنصرا أساسيا في عملية التحرير! ولعل عامل الوقت، هو في حد ذاته عامل نسبي، متغير عبر الزمن والثقافات. فثقافة العرب وتاريخهم شاهد على سبيل المثال على قصر نفسهم ورؤيتهم، وعلى شدة حماستهم أيضا! وكما تتشكل سطوة الأنظمة وأنظمة المصالح من مكونات عدة، تتطلب الثورة- وهي مرحلة- وعملية إسقاط الأنظمة عناصر متعددة تشكل الحماسة عنصرا أساسيا منها فيما يشكل قصر النفس والرؤية مقتلها. هكذا نفهم نحن الشباب مأساة الآباء والأجداد، ونفهم إرث الهزيمة الذي أصبح جزءا من ثقافتنا!
إن المرحلة الأولى في إسقاط النظام تتطلب الحماسة، وقد رأينا صخبا يصم الآذان في شوارع تونس ومصر مؤخرا! إن أولى مراحل التغيير تحققت فجرى توجيه ضربة أولى زلزلت أحد أركان السطوة، بإسقاط أحد وسائلها، بكسر جدار الخوف. هذا تحقق ولكن الرد الأول من النظام- نظام المصالح- بدأ يتعاظم ومن الجدير بالذكر أنه يستخدم عناوين متعددة تتراوح بين الترهيب- شكل النظام القادم، الخسائر الاقتصادية، الفوضى، الفتنة، الأحصنة والجمال(!)- والترغيب- الانتقال السلمي، الإصلاح، التغيير، تحقيق المطالب المشروعة(!) فضلا عن أحد أكثر الوسائل التقليدية نجاحا: بث الفرقة.
أيها الشباب، إن الأنظمة الاستبدادية التي نحن بغنى عن وصف ممارستها، هي أشبه ما تكون بالاحتلال الأجنبي أو الاستعمار. فللاحتلال بداية وتمهيد، موطئ قدم، لا يكون إلا في الداخل، وهناك من يجمع المعلومات ويعد العدة...، ومن يكافئ بشتى الامتيازات، وأنظمة المصالح العصرية التي نناقشها لا تختلف في جوهرها أو شكلها أو أثرها عن الاحتلال. ولعل صورة الاحتلال توضح حجم التضحيات والقدرة على تحملها وضمان استمرارية المسيرة حتى التحرير. أيها الشباب، لقد سقط لكم شهداء، شهداء أحرار. أيها الشباب، إن العدالة تقتضي ألا تسقط قطرة دم واحدة في مسيرتكم نحو التحرر والتغيير ولكننا نعيش في عالم لا يشبه العدالة بشيء. أيها الشباب، ليس في هذا المقال ما يدعو إلى العنف وإن قرأتم في فيه هذا، أعيدوا القراءة رجاء.
أيها، أنتم اليوم في قلب المعركة، في الميدان(!) وأنتم من أطلقتم الرصاصة الأولى على هذا النظام، الذي قتلكم (!). عذرا وكي لا أفهم خطأ، لستم بمدانين، أنتم طلبة حق، والنظام باطل. ولكن حذار، الوقت ليس في صالحكم، لكنكم ما زلتم حتى اللحظة في موقع المبادرة وما زلتم تمتلكون العزم، فإن كنتم طامحون، ومستعدون لتحمل الخسائر، اصنعوا المفاجئة وأعيدوا توجيه الدفة ولكم مني تحية يا من أدهشتم العالم وأفرحتم قلوب شباب كل شعب مقهور.
Friday, February 04, 2011
Solidarity is all we need
I hereby call on all American and European Academics, professionals, activists, people who have interest in their states' foreign policies (and each responsible citizen or tax payer should have such an interest) to be active in opening discussions and raising awareness especially and reaching out to there decision makers during these tough days and months we are passing through in the MENA region.
To have a stable sustainable healthy relation that promotes mutual interests among states, and especially in the light of the 'surprising uprisings' you need two states which represent there people and not a well representative state sponsoring a security state. Aside for the fact that this act shows double standards and hypocrisy, the problem it raises is that of risking huge investment- off course it pays off, it about interests- in an unstable regime. And guess what, from now on, it will be even harder to keep such security states running smoothly.
We need better representations. We, your fellows in humanity, Youth in MENA, guys and girls, men and women are getting better at knowing our human rights, the universal indivisible human rights and we are to demand and defend them.
Yet, at the risk of seeming ridiculous, we feel- each in there own country (we are not working for a transnational Arab youth movement that will face the west or any other state and whoever thinks about this in this age is so naive)- that we are not only facing a restless, ready o burn his own country dictator or regime, but rather a whole "league of nations" which sponsor such a regime one way or another or at least provide suitable cover keeping it immune and ever stronger and eternal.
We- and i am not claiming i am a spokesman or a leader but someone who listens and reads a lot especially young writers, bloggers, facebookers, twitters, street talk...- have rights that are being violated every day. We have pride and we have ambitions and aspirations. We are neither terrorists, nor fundamentalists. We are moderate and open minded. We have been raised in anglo (more) and franco educational systems(the broad picture though our educational institions, schools and universities are not typical). We used what you gave us in terms of culture, trend, ideas/iologies, tools... and dumped much- unfortunately- of our heritage, we took practical, suitable and feel home (thats the framework we were raised in) strategies: only to know that we are not allowed to use them, that they are not practical, that they do not fit us, that we are not ready for them but how and why?
When I say we are facing a "League of Nations", I mean foreign policies of alliances of states which share power in the region and which are preventing us from achieving what we want, isolating us, labeling us and so forth.
We are the future, there is no doubt and the world is changing and our region is changing! It is not about the axis of the good and the axis of evil. It is not about US aid or Council of Europe Funds. Its about dialogue, bridging a gap when time has come and when there is a chance.
Since the end of the cold war, the fall of the Berlin wall- hopefully soon to be followed by other walls-the west as a block have not changed. Evaluation and impact assessment is needed! Smart goals and strategizing is needed not Islamophobia and the rise of right and reviving fascist ideas and treating migrants or even MENA origin residents as second class residents. Smart goals and strategies are not charities. They promote sustainable state interest. They bridge gaps, gaps between North and South, East and West, culture, tradition, religion.
This needs academics, professionals, and needs awareness among the people.
This needs some hands on fresh example to get a better understanding.
Yemen, Tunisa, Egypt. Lets stick to those for now!
Yemen- sponsored by US. Youth suffering. Al-qaeda prospering. come on, you can do better if you really want a stable state and moderate nation. Let the youth have there say. You know the US involvement in the struggle there, yeah wikileaks gave a push in that direction. People knew it long ago. Who keeps the regime in place?!
Tunisa- Sponsored by US and Europe. Who interfered since the first hours of the uprising to protect Bin Ali and then the ruling party? Justice, fairness, words can not describe this! The Tunisian youth which used new trends in communication technology and social networking in a country with the most sophisticated censorship on anything other football and succeeded in confronting terror and fear, broke all barriers with aspirations and ambitions for a real representative democracy- yes not socialist!- and what did you do. President Obama, President Sarkozi? any answer. Tax payer, I will answer you. Take the dummy out, yes, but keep he regime, give them something to chew on! Well, not exactly, how long will this stand, another 5 or 10 years! and what about those who were shocked, defeated! Healthy minds and hearts... moderate now and controlled, NO, doubt it big time, they are tomorrow’s problem!
Egypt- You still have a chance. Academics, professionals...people, you call the shot now. I do not have hope in your leaders. I can see them on the media all the time now and they say they do not want to interfere! Much more than during the financial crisis! But let me tell you that the Egyptian army gets $1.3 billion/year from the US, that is the formal figure more or less! Who is sponsoring the regime and keeping it from free falling now? You Academics, professionals...the people are the real decision makers in your countries. Lucky you! Tell you governments to keep there hands off, demonstrate peacefully like we do, we learned this as well! give MENA youth a chance and it will definitely bring a much better world for all.
To have a stable sustainable healthy relation that promotes mutual interests among states, and especially in the light of the 'surprising uprisings' you need two states which represent there people and not a well representative state sponsoring a security state. Aside for the fact that this act shows double standards and hypocrisy, the problem it raises is that of risking huge investment- off course it pays off, it about interests- in an unstable regime. And guess what, from now on, it will be even harder to keep such security states running smoothly.
We need better representations. We, your fellows in humanity, Youth in MENA, guys and girls, men and women are getting better at knowing our human rights, the universal indivisible human rights and we are to demand and defend them.
Yet, at the risk of seeming ridiculous, we feel- each in there own country (we are not working for a transnational Arab youth movement that will face the west or any other state and whoever thinks about this in this age is so naive)- that we are not only facing a restless, ready o burn his own country dictator or regime, but rather a whole "league of nations" which sponsor such a regime one way or another or at least provide suitable cover keeping it immune and ever stronger and eternal.
We- and i am not claiming i am a spokesman or a leader but someone who listens and reads a lot especially young writers, bloggers, facebookers, twitters, street talk...- have rights that are being violated every day. We have pride and we have ambitions and aspirations. We are neither terrorists, nor fundamentalists. We are moderate and open minded. We have been raised in anglo (more) and franco educational systems(the broad picture though our educational institions, schools and universities are not typical). We used what you gave us in terms of culture, trend, ideas/iologies, tools... and dumped much- unfortunately- of our heritage, we took practical, suitable and feel home (thats the framework we were raised in) strategies: only to know that we are not allowed to use them, that they are not practical, that they do not fit us, that we are not ready for them but how and why?
When I say we are facing a "League of Nations", I mean foreign policies of alliances of states which share power in the region and which are preventing us from achieving what we want, isolating us, labeling us and so forth.
We are the future, there is no doubt and the world is changing and our region is changing! It is not about the axis of the good and the axis of evil. It is not about US aid or Council of Europe Funds. Its about dialogue, bridging a gap when time has come and when there is a chance.
Since the end of the cold war, the fall of the Berlin wall- hopefully soon to be followed by other walls-the west as a block have not changed. Evaluation and impact assessment is needed! Smart goals and strategizing is needed not Islamophobia and the rise of right and reviving fascist ideas and treating migrants or even MENA origin residents as second class residents. Smart goals and strategies are not charities. They promote sustainable state interest. They bridge gaps, gaps between North and South, East and West, culture, tradition, religion.
This needs academics, professionals, and needs awareness among the people.
This needs some hands on fresh example to get a better understanding.
Yemen, Tunisa, Egypt. Lets stick to those for now!
Yemen- sponsored by US. Youth suffering. Al-qaeda prospering. come on, you can do better if you really want a stable state and moderate nation. Let the youth have there say. You know the US involvement in the struggle there, yeah wikileaks gave a push in that direction. People knew it long ago. Who keeps the regime in place?!
Tunisa- Sponsored by US and Europe. Who interfered since the first hours of the uprising to protect Bin Ali and then the ruling party? Justice, fairness, words can not describe this! The Tunisian youth which used new trends in communication technology and social networking in a country with the most sophisticated censorship on anything other football and succeeded in confronting terror and fear, broke all barriers with aspirations and ambitions for a real representative democracy- yes not socialist!- and what did you do. President Obama, President Sarkozi? any answer. Tax payer, I will answer you. Take the dummy out, yes, but keep he regime, give them something to chew on! Well, not exactly, how long will this stand, another 5 or 10 years! and what about those who were shocked, defeated! Healthy minds and hearts... moderate now and controlled, NO, doubt it big time, they are tomorrow’s problem!
Egypt- You still have a chance. Academics, professionals...people, you call the shot now. I do not have hope in your leaders. I can see them on the media all the time now and they say they do not want to interfere! Much more than during the financial crisis! But let me tell you that the Egyptian army gets $1.3 billion/year from the US, that is the formal figure more or less! Who is sponsoring the regime and keeping it from free falling now? You Academics, professionals...the people are the real decision makers in your countries. Lucky you! Tell you governments to keep there hands off, demonstrate peacefully like we do, we learned this as well! give MENA youth a chance and it will definitely bring a much better world for all.
Monday, January 31, 2011
Wisdom is all We Need, but where to seek?
Did the American public notice the consecutive Obama radio interventions on Egypt? Did the American public notice their administrations' panic over the volatile situation in the Middle East?
Did Obama address the nation as such during the financial crisis and the housing bubble? No. Isn't that something worth thinking about?!
Yes, people in the middle East and North Africa- from Morocco to Tehran- are not dreaming of change anymore!
They are not dreaming of a US adminstration that will bring change over the tanks. They saw Iraq. They suffered! Any child in the region knows by now that the US administration is the supreme spiritual and financial leader of those security states which are in place to protect the US interest and repress the people. Even those which are labeled as the 'axis of evil' derive their 'legitamacy'- which is not the case- from the same US foreign policy.
People in the region are not dreaming anymore of fundamentalist Islam which will save them!
Wisdom is all we need. Wisdom will save the region. Wisdom will save the US long term interest in the region, even though it may be trimmed a bit or should be!
Did the west notice that people are not afraid anymore of there security state? It is not lack of US AID. Again, this is not the answer. It is not extreme poverty either. It is not corruption. It is not Islam! It is a combination of all that: misery, repression, poverty, corruption, disrespect for the human dignity, violation of the basic human rights! And to add to their misery, they can not express any of that!
Well the Youth re-invented a western wheel, the internet, and used it in a magnificent way. That youth which was considered the main target as a consumer society in the region- and for that same reason did the social media/networking prosper here- youth which was considered as a subsidary to the legacy of the american dream, that same youth gave the world a hands on lesson on freedom of expression.
The youth which was considered by older generations in this region as a lost youth, an internet generation, with no cause re-invented the internet and our favourite(!) social networking and it became the cause. That it should not be censored became a cause to fight for. But why? What is social networking for youth in countries which do not recongnize freedom of speech and freedom of association? The question actually begs the answer... who cares if you ban it or not...? Social networking made freedom of speech and freedom of association more alive, interactive and interesting!
Regimes fought back (China is censoring Egypt! the keyword is Egypt and the key for the region it is!), and were helped by internet giants- most of which are US based companies- censorship prospered; information gathered; more prisoners of conscience; more repression... but the youth fought back and it looks like it will not rest some time soon!
Wisdom is all we need. Wisdom is what the US administration needs!
The Right to freedom of expression, yes we heard you talking about it president Obama, but will you listen to us? Yes, the right to freedom of expression and the right to freedom of association- guess you passed on this- is at the heart of the crisis. The right to self-determination is yet another right. What about giving people a chance to practice it for a change?!
Wisdom is all you need president Obama! Did you notice that youth who flooded the streets looked happier than ever? Kindly switch to as many channels as you can and do not focus on only one, and please if you have to stick to one, kindly switch away from one local channel or two (1 in the US(!) and 1 in Egypt) . Look at the youth there. Look in their eyes. Yes, it is. Surprised. Hope, you can see hope at last, hope of bringing change. No weapons involved. No need to panic. Did you see flags? Only Tunisan and Egyptian flags so far, and hope we see more! Did you see any US flag being burnt? None. Does this ring a bell?!
Wisdom is all we need. Wisdom to cease the opportunity, to bridge a gap and build a new future. Bridge a gap that has been widening so far. Mind the Gap- yes, Mr. Blair, Mr. Brown, Mr. Sarkouzi, hope your listening too. Mind the gap between North and South, mind the gap between West and East, and most of all, mind the gap between our regimes and us, between our ambitions and our reality, between our essence as your fellows in humanity and how we are being treated by those security states which you sponser.
The youth of our region are not extremists. They are not terrorists. They are not al-qaeda. Wisdom is needed now the most. Do you share my point of view now? The youth did not bet on al-qaeda nor did it carry weapons. The youth did not assume the US or the west as an enemy (not even Israel, I am shocked!). They are not counting on anything but themseleves which means that other means of change or expression of repression rather than freedom of expression(ex: al-qaeda and co. style, and so did the texas rangers-Iraq!) failed! Only that security state is their enemy. Can you imagine?
Stop sponsoring state terror. You are doing it in case you have not realized by now. And guess what, the youth is not afraid anymore, they took to the streets! Repression will not bring back the security state. The concept failed, and there is no way back.
I am not addressing the security state here, imagine with all the ears it has and the information it gathers, it is switched at a different frequency. Yours!
Yellow Leaves may take time to fall, but the wind of change is blowing.
Bend Mr. President, stop sponsoring them and make history, It is not wise to stand in its way.
Did Obama address the nation as such during the financial crisis and the housing bubble? No. Isn't that something worth thinking about?!
Yes, people in the middle East and North Africa- from Morocco to Tehran- are not dreaming of change anymore!
They are not dreaming of a US adminstration that will bring change over the tanks. They saw Iraq. They suffered! Any child in the region knows by now that the US administration is the supreme spiritual and financial leader of those security states which are in place to protect the US interest and repress the people. Even those which are labeled as the 'axis of evil' derive their 'legitamacy'- which is not the case- from the same US foreign policy.
People in the region are not dreaming anymore of fundamentalist Islam which will save them!
Wisdom is all we need. Wisdom will save the region. Wisdom will save the US long term interest in the region, even though it may be trimmed a bit or should be!
Did the west notice that people are not afraid anymore of there security state? It is not lack of US AID. Again, this is not the answer. It is not extreme poverty either. It is not corruption. It is not Islam! It is a combination of all that: misery, repression, poverty, corruption, disrespect for the human dignity, violation of the basic human rights! And to add to their misery, they can not express any of that!
Well the Youth re-invented a western wheel, the internet, and used it in a magnificent way. That youth which was considered the main target as a consumer society in the region- and for that same reason did the social media/networking prosper here- youth which was considered as a subsidary to the legacy of the american dream, that same youth gave the world a hands on lesson on freedom of expression.
The youth which was considered by older generations in this region as a lost youth, an internet generation, with no cause re-invented the internet and our favourite(!) social networking and it became the cause. That it should not be censored became a cause to fight for. But why? What is social networking for youth in countries which do not recongnize freedom of speech and freedom of association? The question actually begs the answer... who cares if you ban it or not...? Social networking made freedom of speech and freedom of association more alive, interactive and interesting!
Regimes fought back (China is censoring Egypt! the keyword is Egypt and the key for the region it is!), and were helped by internet giants- most of which are US based companies- censorship prospered; information gathered; more prisoners of conscience; more repression... but the youth fought back and it looks like it will not rest some time soon!
Wisdom is all we need. Wisdom is what the US administration needs!
The Right to freedom of expression, yes we heard you talking about it president Obama, but will you listen to us? Yes, the right to freedom of expression and the right to freedom of association- guess you passed on this- is at the heart of the crisis. The right to self-determination is yet another right. What about giving people a chance to practice it for a change?!
Wisdom is all you need president Obama! Did you notice that youth who flooded the streets looked happier than ever? Kindly switch to as many channels as you can and do not focus on only one, and please if you have to stick to one, kindly switch away from one local channel or two (1 in the US(!) and 1 in Egypt) . Look at the youth there. Look in their eyes. Yes, it is. Surprised. Hope, you can see hope at last, hope of bringing change. No weapons involved. No need to panic. Did you see flags? Only Tunisan and Egyptian flags so far, and hope we see more! Did you see any US flag being burnt? None. Does this ring a bell?!
Wisdom is all we need. Wisdom to cease the opportunity, to bridge a gap and build a new future. Bridge a gap that has been widening so far. Mind the Gap- yes, Mr. Blair, Mr. Brown, Mr. Sarkouzi, hope your listening too. Mind the gap between North and South, mind the gap between West and East, and most of all, mind the gap between our regimes and us, between our ambitions and our reality, between our essence as your fellows in humanity and how we are being treated by those security states which you sponser.
The youth of our region are not extremists. They are not terrorists. They are not al-qaeda. Wisdom is needed now the most. Do you share my point of view now? The youth did not bet on al-qaeda nor did it carry weapons. The youth did not assume the US or the west as an enemy (not even Israel, I am shocked!). They are not counting on anything but themseleves which means that other means of change or expression of repression rather than freedom of expression(ex: al-qaeda and co. style, and so did the texas rangers-Iraq!) failed! Only that security state is their enemy. Can you imagine?
Stop sponsoring state terror. You are doing it in case you have not realized by now. And guess what, the youth is not afraid anymore, they took to the streets! Repression will not bring back the security state. The concept failed, and there is no way back.
I am not addressing the security state here, imagine with all the ears it has and the information it gathers, it is switched at a different frequency. Yours!
Yellow Leaves may take time to fall, but the wind of change is blowing.
Bend Mr. President, stop sponsoring them and make history, It is not wise to stand in its way.
Sunday, January 30, 2011
صحوة الشعوب العربية بين تحدي التغيير والتدخل الخارجي
إن ما جرى في تونس والانهيار السريع لبينوشيه تونس أيقض شباب الشعوب العربية وأعاد توجيه وتجميع طاقتها نحو التغيير، خاصة أن المشهد التونسي كان غاية في الرقي وسرعة الإنجاز! لا بد من الاعتراف في هذا السياق أن خروج الرئيس لا يعني -حتى اليوم- أفول النظام ويبقى الرهان على وعي وصبر الشارع التونسي وإبقاء هذا النظام تحت الرقابة المشددة إلى حين. ولا بد من الإشارة هنا أن خروج الرئيس المبكر لم يأتي بسبب ضغط الشارع فقط ولو أن للشارع الدور المحوري فيه. ولعل تدهور صحة الرئيس وقلق الحزب الحاكم والممسكين بأعمدة النظام بأن إرث الرئيس ذاهب إلى أيدي مافيا زوجته وعائلتها كان سببا رئيسيا في الانقلاب على الرئيس وبالتالي إخراجه ومحاولة الحفاظ على مكتسبات الحزب الحاكم وإرث الرئيس في وجه ثورة الشباب الغاضب.
إن خروج الرئيس بن علي تزامن مع دخول هستيري للخارجية الفرنسية والبيت الأبيض على خط الأزمة وإن كان في سبيل الاعتراف بالانتقال الدستوري للسلطة قبل أن يعلم الشارع التونسي نفسه بهذا الانتقال! هكذا إذن، تحاول فرنسا- وأوروبا- كما الولايات المتحدة الأميركية الحفاظ على مكتسبات من قبيل اتفاقيات أمنية في سياق ’الحرب على الإرهاب‘ مع الضغط باتجاه إصلاحات تراعي الديمقراطية في الشكل وتخفف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا التي تستفيق فيها العنصرية والقوميات- على الشاكلة الفاشية- عاما بد عام تحت ضغط البروباغنده ورهاب الإسلام- ISLAMOPHOBIA .
وعندما نرى اليوم المشهد المصري، علينا النظر بعمق في التعقيدات الجيو-سياسية كما تكوين الشارع المصري على الصعيد السياسي. ولعل هذين العاملين الذين سنحاول مقاربتهما وإن على عجل يشكلان العقبة الرئيسية أمام طموح الشارع المصري للتغيير واستحضار التدخل الأجنبي وإن بفجور! فقناة السويس ومعاهدة السلام مع إسرائيل والعلاقة مع غزة واختلال التوازن الإقليمي يشكلان مشاهد مختلفة للعامل الأول وعدم الحصول على ضمانات في تحييد هذا الملف برمته أو الحفاظ على حيثياته الحالية من قبل أي سلطة انتقالية سوف يعقد مهامها، هذا إذا نجحت في استلام هذه المهام. أما العامل الثاني أي التكوين السياسي للشارع المصري- وإن كان يصعب حتى الآن الكلام الموضوعي عن هذا التكوين في ظل القمع وقانون الطوارئ الذي كان سائدا- فهو تلك الصورة التي تظهرت في السنين الأخيرة والتي تشير إلى شعبية عالية للإخوان المسلمين. وعلى عجل يمكننا القول أن تطورات الوضع في مصر لن تقتصر على مجريات الأحداث في الشارع بل تتخطاها لتمر في عواصم متعددة ومصالح متناقضة!
إن تغييرا سياسيا يأتي على عربة ثورة شعبية ولا يحقق تغييرا جذريا في شكل الأنظمة العربية هو هدية لم تكن تنتظرها لإدارة الأميركية وهي هدية تعوض عن فشل إستراتيجيتها في نطاق ما سمي بالشرق الوسط الجديد لا بل تشكل رافعة لهذه الإستراتيجية. إن ثورة شعبية في أي من بلداننا العربية لا تأتي بالتغيير الجذري- ولا أقصد هن التغيير بالمفهوم الثوري الكلاسيكي- أو التأسيس لنظام يقوم على حكم القانون والشفافية واحترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، سوف تشكل رقما إضافيا فيسجل نكباتنا أو نكساتنا التاريخية!
إن ثورة شعبية في أي بلد عربي، تلي تلك التي جرت في تونس أو مصر، سوف تواجه تعقيدات وعراقيل أكبر من سابقتها وذلك في محاولة لوقف صحوة الشعوب وتهاوي الأنظمة - DOMINO EFFECT - وأثره على المصالح الغربية في المنطقة، فضلا عن المزايدات القائمة في نادي الطغاة ومحاولة انجاز الوصفة المثالية التي تضمن استمرارية الأنظمة وقمع الشعوب العربية. ولعل ما رأينا نماذج السلب والنهب والترويع من قبل عصابات منظمة في تونس وفي مصر أو سياسات ’فرق تسد‘ الكلاسيكية وإذكاء الفتن والصراعات الطائفية التي نراها في بعض بلدان المنطقة تشكل بداية الحرب المقبلة التي ستواجه البلدان المحررة!
يبقى أن نذكر أن ما أنجز حتى الآن لم يطمح -لا بل لم يحلم- شعب في المنطقة بانجازه منذ حرب أكتوبر، وأن تحرر المواطن العربي من عقدة الخوف يشكل خطوة نحو تغيير ويفرض واقع جديدا يمنع إعادة عقارب الساعة للوراء. ويبقى أن نتأمل من المهاجرين العرب في العالم الغربي ومن محبي الشرق من الغربيين أكاديميين كانوا أو مهنيين أو نشطاء أن يلاقوا تحرر الشارع العربي وأن يساهموا في الضغط على صناع القرار في دولهم بما يفضي إلى إعطاء هذه الشعوب فرصة تقرير مصيرها، بما يؤدي إلى علاقات صحية بين الشرق والغرب وإلى معالجة هوة العصر المتعاظمة والتي تلبس حينا شكل صراع حضارات وحينا آخر شكل صراع أديان فيما هي ليست سوى نتاج اختلال توازن وسطوة شمال على جنوب وغرب على شرق.
يبقى أن نحلم، نحن الشعوب المقهورة على طول العالم وعرضه، نحن الذين تنتهك حقوقنا وكرامتنا بشكل ممنهج وطوال عقود، شعوب مكبلة عقولها فمقيدة ألسنتها، يبقى أن نحلم بغد أفضل، أن نحلم بالحرية فنحن بشر لنا حقوق وبشر نعشق الحرية وما من أحد يتوق للحرية أكثر من فاقدها. يبقى أن نحلم بغد من صناعة وطنية وأن نصبح جزءا من ’عالم حر‘ فعلا لا قولا، ومكونا لا شعارا أو اصطفافا في معارك لا تخدم سوى مصالح قوى عظمى تنادي بالحرية وتغطي أنظمة لا تعرف سوى قمع وإذلال شعوبها، قوى عظمى تشكل أمثل مثال سيئ!
إن خروج الرئيس بن علي تزامن مع دخول هستيري للخارجية الفرنسية والبيت الأبيض على خط الأزمة وإن كان في سبيل الاعتراف بالانتقال الدستوري للسلطة قبل أن يعلم الشارع التونسي نفسه بهذا الانتقال! هكذا إذن، تحاول فرنسا- وأوروبا- كما الولايات المتحدة الأميركية الحفاظ على مكتسبات من قبيل اتفاقيات أمنية في سياق ’الحرب على الإرهاب‘ مع الضغط باتجاه إصلاحات تراعي الديمقراطية في الشكل وتخفف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا التي تستفيق فيها العنصرية والقوميات- على الشاكلة الفاشية- عاما بد عام تحت ضغط البروباغنده ورهاب الإسلام- ISLAMOPHOBIA .
وعندما نرى اليوم المشهد المصري، علينا النظر بعمق في التعقيدات الجيو-سياسية كما تكوين الشارع المصري على الصعيد السياسي. ولعل هذين العاملين الذين سنحاول مقاربتهما وإن على عجل يشكلان العقبة الرئيسية أمام طموح الشارع المصري للتغيير واستحضار التدخل الأجنبي وإن بفجور! فقناة السويس ومعاهدة السلام مع إسرائيل والعلاقة مع غزة واختلال التوازن الإقليمي يشكلان مشاهد مختلفة للعامل الأول وعدم الحصول على ضمانات في تحييد هذا الملف برمته أو الحفاظ على حيثياته الحالية من قبل أي سلطة انتقالية سوف يعقد مهامها، هذا إذا نجحت في استلام هذه المهام. أما العامل الثاني أي التكوين السياسي للشارع المصري- وإن كان يصعب حتى الآن الكلام الموضوعي عن هذا التكوين في ظل القمع وقانون الطوارئ الذي كان سائدا- فهو تلك الصورة التي تظهرت في السنين الأخيرة والتي تشير إلى شعبية عالية للإخوان المسلمين. وعلى عجل يمكننا القول أن تطورات الوضع في مصر لن تقتصر على مجريات الأحداث في الشارع بل تتخطاها لتمر في عواصم متعددة ومصالح متناقضة!
إن تغييرا سياسيا يأتي على عربة ثورة شعبية ولا يحقق تغييرا جذريا في شكل الأنظمة العربية هو هدية لم تكن تنتظرها لإدارة الأميركية وهي هدية تعوض عن فشل إستراتيجيتها في نطاق ما سمي بالشرق الوسط الجديد لا بل تشكل رافعة لهذه الإستراتيجية. إن ثورة شعبية في أي من بلداننا العربية لا تأتي بالتغيير الجذري- ولا أقصد هن التغيير بالمفهوم الثوري الكلاسيكي- أو التأسيس لنظام يقوم على حكم القانون والشفافية واحترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، سوف تشكل رقما إضافيا فيسجل نكباتنا أو نكساتنا التاريخية!
إن ثورة شعبية في أي بلد عربي، تلي تلك التي جرت في تونس أو مصر، سوف تواجه تعقيدات وعراقيل أكبر من سابقتها وذلك في محاولة لوقف صحوة الشعوب وتهاوي الأنظمة - DOMINO EFFECT - وأثره على المصالح الغربية في المنطقة، فضلا عن المزايدات القائمة في نادي الطغاة ومحاولة انجاز الوصفة المثالية التي تضمن استمرارية الأنظمة وقمع الشعوب العربية. ولعل ما رأينا نماذج السلب والنهب والترويع من قبل عصابات منظمة في تونس وفي مصر أو سياسات ’فرق تسد‘ الكلاسيكية وإذكاء الفتن والصراعات الطائفية التي نراها في بعض بلدان المنطقة تشكل بداية الحرب المقبلة التي ستواجه البلدان المحررة!
يبقى أن نذكر أن ما أنجز حتى الآن لم يطمح -لا بل لم يحلم- شعب في المنطقة بانجازه منذ حرب أكتوبر، وأن تحرر المواطن العربي من عقدة الخوف يشكل خطوة نحو تغيير ويفرض واقع جديدا يمنع إعادة عقارب الساعة للوراء. ويبقى أن نتأمل من المهاجرين العرب في العالم الغربي ومن محبي الشرق من الغربيين أكاديميين كانوا أو مهنيين أو نشطاء أن يلاقوا تحرر الشارع العربي وأن يساهموا في الضغط على صناع القرار في دولهم بما يفضي إلى إعطاء هذه الشعوب فرصة تقرير مصيرها، بما يؤدي إلى علاقات صحية بين الشرق والغرب وإلى معالجة هوة العصر المتعاظمة والتي تلبس حينا شكل صراع حضارات وحينا آخر شكل صراع أديان فيما هي ليست سوى نتاج اختلال توازن وسطوة شمال على جنوب وغرب على شرق.
يبقى أن نحلم، نحن الشعوب المقهورة على طول العالم وعرضه، نحن الذين تنتهك حقوقنا وكرامتنا بشكل ممنهج وطوال عقود، شعوب مكبلة عقولها فمقيدة ألسنتها، يبقى أن نحلم بغد أفضل، أن نحلم بالحرية فنحن بشر لنا حقوق وبشر نعشق الحرية وما من أحد يتوق للحرية أكثر من فاقدها. يبقى أن نحلم بغد من صناعة وطنية وأن نصبح جزءا من ’عالم حر‘ فعلا لا قولا، ومكونا لا شعارا أو اصطفافا في معارك لا تخدم سوى مصالح قوى عظمى تنادي بالحرية وتغطي أنظمة لا تعرف سوى قمع وإذلال شعوبها، قوى عظمى تشكل أمثل مثال سيئ!
Hands sessions on 'Freedom of Expression'!
Congratulations fellow Tunisans and Egyptians...whatever the consequences of transition in the coming months, there is no way turning back.
Tunisian and Egyptian people and especially youth have taught the world how to use social media and have taught the world how to practice the right to freedom of expression!
Our Fellow Arab citizens in other countries should rise up simultaneously - not one at a time- so as not give the US adminstration time to save the falling regimes and cover there maneuvers!!!
The US foreign policy should learn a lesson here. Protecting secrity agreements- fighting 'terrorism'- and protecting the US interest in the region had only sponsered the security state amd repression of the people.
Unless the US realizes that this is not the best way to protect its interest on the long run, or let us say the short run!
We have seen so far the US adminstration - and the European union- and under the claim of fear of the vacuum of power covering up or directly recognizing the slightest change in performance- changing a name here or there and keeping the security arm and the regime- in a an effort to keep the unrest/revolt from achieving real change. People has become aware in this region and are aware of the double standards and hypocracy that is concealed in the US foreign policy comments.
It is only when the US and the European Union begin to understand the real needs of the people in the region, the need for a sustainable development and not US aid, the need for realsitic fair agrements and relations that they will begin to uphold their interests in this region, otherwise, there speech will only fireback at least through the fall of more regimes they are happy to have and sponsor!
Tunisian and Egyptian people and especially youth have taught the world how to use social media and have taught the world how to practice the right to freedom of expression!
Our Fellow Arab citizens in other countries should rise up simultaneously - not one at a time- so as not give the US adminstration time to save the falling regimes and cover there maneuvers!!!
The US foreign policy should learn a lesson here. Protecting secrity agreements- fighting 'terrorism'- and protecting the US interest in the region had only sponsered the security state amd repression of the people.
Unless the US realizes that this is not the best way to protect its interest on the long run, or let us say the short run!
We have seen so far the US adminstration - and the European union- and under the claim of fear of the vacuum of power covering up or directly recognizing the slightest change in performance- changing a name here or there and keeping the security arm and the regime- in a an effort to keep the unrest/revolt from achieving real change. People has become aware in this region and are aware of the double standards and hypocracy that is concealed in the US foreign policy comments.
It is only when the US and the European Union begin to understand the real needs of the people in the region, the need for a sustainable development and not US aid, the need for realsitic fair agrements and relations that they will begin to uphold their interests in this region, otherwise, there speech will only fireback at least through the fall of more regimes they are happy to have and sponsor!
Wednesday, January 26, 2011
"Wag the Dog"
"Wag the Dog" in a new episode through a joint US-French (European and a regional partner yet to be revealed)production on way for the new MENA! Tunisia, Egypt, Jordan, yemen... a coup from within to replace the old falling appart one, with a popular boost!
Cospiracy taking new shapes and using the poor repressed masses who want there freedom despite the high price they are paying and the corageous heroic stances in the streets and tranforming that for yet another repressive regime with a democratic branding... a cedar revolution, a jasmine one, and wait to see the new name that will show soon for the Egyptian one...and it will go on!
Cospiracy taking new shapes and using the poor repressed masses who want there freedom despite the high price they are paying and the corageous heroic stances in the streets and tranforming that for yet another repressive regime with a democratic branding... a cedar revolution, a jasmine one, and wait to see the new name that will show soon for the Egyptian one...and it will go on!
Saturday, January 22, 2011
!الطائفية السياسية: نظام حكم أم تعويذة جهنمية
’لبنان إلى أين؟‘، تساؤل يطغى على عقول اللبنانيين والسياسيين في لبنان والعالم ويفرض نفسه ضيفا ثقيلا على مائدة صناع القرار في منطقتنا المأزومة، لا بل على حلبة التصارع على من يمتلك هذا القرار. ضيف ثقيل يضاف إلى قائمة تضم دول أخرى في المنطقة، حلت بها لعنة غياب الكيان أو تغييبه، وانتصار المكونات الطائفية وبسط سلطانها عليه، فتحولت حلبة صراع تتمتع بمواصفات قياسية!
إن التأمل في تاريخ الأزمة الحديثة (2003) التي يمر بها لبنان، المأزوم تاريخيا، تقتضي النظر إلى محيطه الشقيق والعدو، ومحاولة التمحيص في ما آل إليه الصراع في المنطقة منذ الغزو الأميركي المشؤوم للعراق، لعن الله كل من خطط وساهم في تنفيذه فكان مساهما في خراب هذه المنطقة وتعقيد أزماتها ومعاناة شعوبها.
وتطرح محاولة الإجابة على سؤال ’لبنان إلى أين؟‘ إشكالية بالغة التعقيد، بل سهلة ممتنعة، فالمتابع والمحلل الذي اعتاد قراءة الأحداث وتداعياتها وتحليل ما توفر من معلومات، يمكنه في أقصى حد طرح سيناريوهات محتملة لتطور الصراع وما سيؤول إليه. ذلك أن تحليلا معمقا لمجريات الأحداث ومسبباتها وتداعياتها وصولا إلى مخرجاتها يتطلب كما هائلا من المعلومات يكاد لا يطفو على السطح منه إلا القليل في حين لا توفر ويكيليكس مرجعا وافيا وشافيا لهذا الغرض!
ويتفرد لبنان- أو كان يتفرد- في محيطه بتعويذة جهنمية، هي نظام سياسي بدائي يقوم على مبدأ تقاسم السلطة بين المسلمين والمسيحيين والمحاصصة بين المذاهب. وقد مكن هذا النظام المذاهب المتعددة من التعايش في فترات الوقت الضائع بين مراحل تعديله، كما شكل وصفة مثالية للفوضى المستدامة والحروب المتتالية تتخللها فترات من الاستقرار النسبي، استراحة محارب، تسترجع فيها المذاهب أنفاسها لتعود فتنطلق من جديد في صراع محموم على توزيع الحصص وتقاسم الغنائم.
ومن الغرابة بمكان أن هذا النظام، كونفدرالية الطوائف كما يستحسن البعض تسميتها، هذا التعويذة بقي صالحا حتى يومنا هذا، لا بل أنه بدأ يطرح كأحد الوصفات المثالية لبعض الأزمات المستعصية (المستحدثة!) خاصة بعد غزو العراق ووضع المسودات المتعددة لخريطة ما أصبح يتعارف على تسميته بالشرق الأوسط الكبير أو الجديد على رغم انعدام التجدد أو التوسع!
لا بل من الغرابة بمكان كيف استطاع ساسة هذا الكيان- الشكل- حماية هذه التعويذة والمحافظة عليها، ونفخ روح قدسية متجددة فيها على الدوام. ورغم ما تجلبه هذه التعويذة من منافع ومصالح جمة لفريق الساسة والحاشية على مختلف المذاهب، يبقى خارجا عن المألوف بقاء الحامية- المذهب ببشره- على سلاحها ووفائها وتضحياتها المتفانية للزعامة الطائفية وإن بلا مقابل يذكر. فالحاضنة المذهبية توفر بعض الفرص لحاشية الزعامة أو الزعامات داخل كل مذهب وللدوائر المقربة من هذه الحاشية أو تلك وتقمع كل مختلف أو معارض وهي بالتالي تحكم في الأساس في إطار مبدأ التمييز والإقصاء والتهميش (عرف أو طريقة حكم ما زال يطبق في منطقتنا منذ عهد الخلفاء الراشدين) ولكنها توفر بعضا من مؤسسات تربوية وصحية تزدهر في المناسبات الكيانية الشكلية (الانتخابات مثالا) الأزمات والحروب (!) فيما لا توفر أي إطار لحماية الحقوق الأساسية والتنمية المتوازنة والعيش الكريم.
ومن المفارقة أن الكيان- كدولة- كان دوما مفككا أو عاجزا عن تقديم بديل (ومن الطبيعي أن يكون الأصل) حتى في فترات الاستقرار، بل تحول سلة يرمي فيها كل مذهب ما فاض من حاشيته أو الدوائر المقربة من غير حسيب أو رقيب، في مزيد من الإسهام في تفكيك مفاصل الكيان وتدهور إدارته وازدهار فساده. ولا شك أن توالي الأزمات والويلات، والاستخدام المنظم لمحرك الخوف المتنقل والاشتباك المحدود حينا والعنيف حينا آخر بين المذاهب والطوائف ساهم على الدوام في حصار القلة القليلة العابرة للحدود الفرضية بين مكونات الكيان الشكل، ومنع انتشارها وازدهارها فيما ساعد في شد العصبيات وضبط إيقاعها.
وفيما تنضوي هذه الكيانات الطائفية تحت راية الكيان الشكل، تتصارع فيما بينها في لعبة توزيع الحصص والمصالح والنفوذ وصناعة القرار، وهي في هذا الصراع طليقة حرة في اختيار الأشكال والوسائل والساحات والضحايا، فضلا عن التحالفات التي تنسجها مع الخارج بغية التغلب على الآخر أو فرض توازنات قوة جديدة تخولها تحقيق غاياتها. ويدفع الكيان والبشر على اختلاف انتماءاتهم الثمن الأكبر في هذه الصراعات، حيث تتحول الكيانات الطائفية إلى ألعوبة في يد اللاعبين الإقليمين وأرضا خصبة لصراعات تتخطى خارطة الصراع الداخلي لترسم واقع الصراع والنفوذ الإقليمي. هكذا تتضخم التعويذة الجهنمية، طائفيتنا السياسية التي تلتف على أعناق اللبنانيين، وتسوقهم خرافا في سوق إقليمية سوداء!
ولعل ما نشهده اليوم، وهو جزء من مرحلة بدأت في ذاك اليوم المشؤوم الذي شهد غزو العراق، خير شاهد على هذا النظام ومفاعيله. فنحن اليوم نعيش أياما صعبة، وننسى أحيانا أنها لم تبدأ بالأمس وأنها لم تبدأ حين شكلت المحكمة الدولية، لا بل نبحث في المحكمة ولا نبحث في موجبات إنشائها، ونمعن فيها طعنا بتهمة التسييس من هنا
أو التنزيه من هناك، فللضرورة أحكامها، وثقافتنا لا تعرف أو تحتمل منطق المؤسسات، فكيف إذا تمتعت هذه المحكمة بشخصية مستقلة يصعب التأثير فيها أو استمالتها. وهكذا أصبحت المحكمة على كل لسان، شعار آخر، شأنها شأن موازنتا وفسادنا ... و سلاح ظرفي يشهره فريق ضد آخر.
وإذا تعمقنا في صورة الصراع الحالي وخلفيته تتوضح الصورة وتفقد رماديتها. لا جديد في صراع اليوم، هو عينه الصراع القديم المتجدد وعنوانه تعديل صيغة هنا أو أخرى هناك تفضي في المحصلة إلى تغيير التوازنات القائمة وإضافة حصة لهذا الفريق أو ذاك. ومن الأهمية بمكان ألا ننسى أن تاريخ هذه الأزمات في لبنان حافل بالنزاعات الدموية والحروب الصغيرة والمتنقلة وأن إخراج الحلول المؤقتة (كل تعديل أو اتفاق هو مؤقت لحين تمرد فريق آخر على الصيغة) لا يتم إلا بعد جولات عنف وحروب عبثية تخطف الأرواح وتدق الأعناق وتخلف دمارا أشبه ما يكون بحرب تموز 2006- ويبقى احتمال وارد أيضا أن نشهد حروبا إضافية على شاكلتها- ولكنه يختلف عنها بتعميم المشهد على كافة التراب اللبناني، بل الغبار فمساحة التراب في تناقض منقطع النظير!
لبنان يتجه إلى قلب العاصفة...أحد السيناريوهات المحتملة وإن بدأت تزداد حظوظه، ولكنه يبقى رهن معطيات إقليمية ودولية لا تتوافر لدينا معلومات كافية بشأنها بل مجرد غمز وإشارات. هكذا كان وقع الكلام السعودي عن التقسيم وعن الأخطار المحدقة بهذا البلد، كلام ينم عن انفعال- مصطنع كان أو عفوي وهو بأي حال يعبر عن ما لا يقال صراحة. ويمكن أن يترجم هذا الكلام في سياق هذا السيناريو المقترح على أنه إشارة إلى أن المنطقة متجهة نحو إعادة تشكيل تختلف فيها التوازنات مع تناقص ملحوظ لسطوة المملكة وقدرتها على دعم تيار المستقبل. كلام تقاطع مع خطاب قادم من إيران مفاده أن الأمة اللبنانية ستقطع يد العابثين فيها والمحكمة، يلاقيه كلام من حزب الله يدعو للعبرة مما يجري في العراق واليمن وتونس والمنطقة. سبق هذا كله إشارات مباشرة من فرنسا- الأم الحنون- حول اتفاق الطائف واحتمال وضعه على طاولة البحث وغمز من البعض حول اتفاق الدوحة الذي أصبح يعرف بدوحة 1 في إشارة لاحتمال الانتقال لدوحة 2.
هل بات تغيير مواقع القرار والنفوذ أو رسم خريطة القوى في المنطقة قريبا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فنحن نتجه إلى عين العاصفة. .إن ما نعانيه من أزمات لا تلبث أن تهدأ حتى تستعر من جديد (منذ بدأت أي قبل اغتيال الحريري) لم تشهد حلا لأن المعادلات الدولية والإقليمية لم تسمح بنشوب حرب طويلة وعنيفة بما فيه الكفاية تنهك الأطراف المتنازعة وتمكن الرعاة الإقليميين والدوليين من رسم حدود القوة والنفوذ وبالتالي تقسيم الحصص ضمن طائف جديد. أما الإجابة بلا، فيترتب عليها استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه بأزماته المتنقلة والمتجددة ودوحاته إلى أجل غير مسمى.
ويبقى أن يدرك اللبنانيون أن أحد أبرز ما يتغنون به، تعايشهم، مشوه، كذبة وحقيقة في آن، حقيقة لا أساس لها (!) ما دام نظام هذا التعايش نظام يتحكم بمصير كيان لا يرحم مكوناته. نظام لا مكان فيه لنظافة الكف والخلق والصدق، نظام لا يسمح بتشكيل وطن، ولا بتنشئة مواطن له هوية وانتماء يحق له العيش في وطن يكفل له حقوقه الأساسية ويحترم كرامته الإنسانية.
ويبقى أن يدرك اللبنانيون يوما ما أن هذا النظام الذي يتغنون به والذي يشبه لهم أنه يوفر لهم مساحة من الحرية منقطعة النظير في هذا الشرق هو وصفة فوضى وضمانة لإعادة إنتاج الأزمات والحروب، هو بالحقيقة طاغية- تنين برؤوس كثيرة ولكن أعمى- يسطو على مقدراتهم- بشرية كانت أم مادية- ليهدرها. متى نصبح أحرارا؟ سؤال أفضل عدم الإجابة عليه.
إن التأمل في تاريخ الأزمة الحديثة (2003) التي يمر بها لبنان، المأزوم تاريخيا، تقتضي النظر إلى محيطه الشقيق والعدو، ومحاولة التمحيص في ما آل إليه الصراع في المنطقة منذ الغزو الأميركي المشؤوم للعراق، لعن الله كل من خطط وساهم في تنفيذه فكان مساهما في خراب هذه المنطقة وتعقيد أزماتها ومعاناة شعوبها.
وتطرح محاولة الإجابة على سؤال ’لبنان إلى أين؟‘ إشكالية بالغة التعقيد، بل سهلة ممتنعة، فالمتابع والمحلل الذي اعتاد قراءة الأحداث وتداعياتها وتحليل ما توفر من معلومات، يمكنه في أقصى حد طرح سيناريوهات محتملة لتطور الصراع وما سيؤول إليه. ذلك أن تحليلا معمقا لمجريات الأحداث ومسبباتها وتداعياتها وصولا إلى مخرجاتها يتطلب كما هائلا من المعلومات يكاد لا يطفو على السطح منه إلا القليل في حين لا توفر ويكيليكس مرجعا وافيا وشافيا لهذا الغرض!
ويتفرد لبنان- أو كان يتفرد- في محيطه بتعويذة جهنمية، هي نظام سياسي بدائي يقوم على مبدأ تقاسم السلطة بين المسلمين والمسيحيين والمحاصصة بين المذاهب. وقد مكن هذا النظام المذاهب المتعددة من التعايش في فترات الوقت الضائع بين مراحل تعديله، كما شكل وصفة مثالية للفوضى المستدامة والحروب المتتالية تتخللها فترات من الاستقرار النسبي، استراحة محارب، تسترجع فيها المذاهب أنفاسها لتعود فتنطلق من جديد في صراع محموم على توزيع الحصص وتقاسم الغنائم.
ومن الغرابة بمكان أن هذا النظام، كونفدرالية الطوائف كما يستحسن البعض تسميتها، هذا التعويذة بقي صالحا حتى يومنا هذا، لا بل أنه بدأ يطرح كأحد الوصفات المثالية لبعض الأزمات المستعصية (المستحدثة!) خاصة بعد غزو العراق ووضع المسودات المتعددة لخريطة ما أصبح يتعارف على تسميته بالشرق الأوسط الكبير أو الجديد على رغم انعدام التجدد أو التوسع!
لا بل من الغرابة بمكان كيف استطاع ساسة هذا الكيان- الشكل- حماية هذه التعويذة والمحافظة عليها، ونفخ روح قدسية متجددة فيها على الدوام. ورغم ما تجلبه هذه التعويذة من منافع ومصالح جمة لفريق الساسة والحاشية على مختلف المذاهب، يبقى خارجا عن المألوف بقاء الحامية- المذهب ببشره- على سلاحها ووفائها وتضحياتها المتفانية للزعامة الطائفية وإن بلا مقابل يذكر. فالحاضنة المذهبية توفر بعض الفرص لحاشية الزعامة أو الزعامات داخل كل مذهب وللدوائر المقربة من هذه الحاشية أو تلك وتقمع كل مختلف أو معارض وهي بالتالي تحكم في الأساس في إطار مبدأ التمييز والإقصاء والتهميش (عرف أو طريقة حكم ما زال يطبق في منطقتنا منذ عهد الخلفاء الراشدين) ولكنها توفر بعضا من مؤسسات تربوية وصحية تزدهر في المناسبات الكيانية الشكلية (الانتخابات مثالا) الأزمات والحروب (!) فيما لا توفر أي إطار لحماية الحقوق الأساسية والتنمية المتوازنة والعيش الكريم.
ومن المفارقة أن الكيان- كدولة- كان دوما مفككا أو عاجزا عن تقديم بديل (ومن الطبيعي أن يكون الأصل) حتى في فترات الاستقرار، بل تحول سلة يرمي فيها كل مذهب ما فاض من حاشيته أو الدوائر المقربة من غير حسيب أو رقيب، في مزيد من الإسهام في تفكيك مفاصل الكيان وتدهور إدارته وازدهار فساده. ولا شك أن توالي الأزمات والويلات، والاستخدام المنظم لمحرك الخوف المتنقل والاشتباك المحدود حينا والعنيف حينا آخر بين المذاهب والطوائف ساهم على الدوام في حصار القلة القليلة العابرة للحدود الفرضية بين مكونات الكيان الشكل، ومنع انتشارها وازدهارها فيما ساعد في شد العصبيات وضبط إيقاعها.
وفيما تنضوي هذه الكيانات الطائفية تحت راية الكيان الشكل، تتصارع فيما بينها في لعبة توزيع الحصص والمصالح والنفوذ وصناعة القرار، وهي في هذا الصراع طليقة حرة في اختيار الأشكال والوسائل والساحات والضحايا، فضلا عن التحالفات التي تنسجها مع الخارج بغية التغلب على الآخر أو فرض توازنات قوة جديدة تخولها تحقيق غاياتها. ويدفع الكيان والبشر على اختلاف انتماءاتهم الثمن الأكبر في هذه الصراعات، حيث تتحول الكيانات الطائفية إلى ألعوبة في يد اللاعبين الإقليمين وأرضا خصبة لصراعات تتخطى خارطة الصراع الداخلي لترسم واقع الصراع والنفوذ الإقليمي. هكذا تتضخم التعويذة الجهنمية، طائفيتنا السياسية التي تلتف على أعناق اللبنانيين، وتسوقهم خرافا في سوق إقليمية سوداء!
ولعل ما نشهده اليوم، وهو جزء من مرحلة بدأت في ذاك اليوم المشؤوم الذي شهد غزو العراق، خير شاهد على هذا النظام ومفاعيله. فنحن اليوم نعيش أياما صعبة، وننسى أحيانا أنها لم تبدأ بالأمس وأنها لم تبدأ حين شكلت المحكمة الدولية، لا بل نبحث في المحكمة ولا نبحث في موجبات إنشائها، ونمعن فيها طعنا بتهمة التسييس من هنا
أو التنزيه من هناك، فللضرورة أحكامها، وثقافتنا لا تعرف أو تحتمل منطق المؤسسات، فكيف إذا تمتعت هذه المحكمة بشخصية مستقلة يصعب التأثير فيها أو استمالتها. وهكذا أصبحت المحكمة على كل لسان، شعار آخر، شأنها شأن موازنتا وفسادنا ... و سلاح ظرفي يشهره فريق ضد آخر.
وإذا تعمقنا في صورة الصراع الحالي وخلفيته تتوضح الصورة وتفقد رماديتها. لا جديد في صراع اليوم، هو عينه الصراع القديم المتجدد وعنوانه تعديل صيغة هنا أو أخرى هناك تفضي في المحصلة إلى تغيير التوازنات القائمة وإضافة حصة لهذا الفريق أو ذاك. ومن الأهمية بمكان ألا ننسى أن تاريخ هذه الأزمات في لبنان حافل بالنزاعات الدموية والحروب الصغيرة والمتنقلة وأن إخراج الحلول المؤقتة (كل تعديل أو اتفاق هو مؤقت لحين تمرد فريق آخر على الصيغة) لا يتم إلا بعد جولات عنف وحروب عبثية تخطف الأرواح وتدق الأعناق وتخلف دمارا أشبه ما يكون بحرب تموز 2006- ويبقى احتمال وارد أيضا أن نشهد حروبا إضافية على شاكلتها- ولكنه يختلف عنها بتعميم المشهد على كافة التراب اللبناني، بل الغبار فمساحة التراب في تناقض منقطع النظير!
لبنان يتجه إلى قلب العاصفة...أحد السيناريوهات المحتملة وإن بدأت تزداد حظوظه، ولكنه يبقى رهن معطيات إقليمية ودولية لا تتوافر لدينا معلومات كافية بشأنها بل مجرد غمز وإشارات. هكذا كان وقع الكلام السعودي عن التقسيم وعن الأخطار المحدقة بهذا البلد، كلام ينم عن انفعال- مصطنع كان أو عفوي وهو بأي حال يعبر عن ما لا يقال صراحة. ويمكن أن يترجم هذا الكلام في سياق هذا السيناريو المقترح على أنه إشارة إلى أن المنطقة متجهة نحو إعادة تشكيل تختلف فيها التوازنات مع تناقص ملحوظ لسطوة المملكة وقدرتها على دعم تيار المستقبل. كلام تقاطع مع خطاب قادم من إيران مفاده أن الأمة اللبنانية ستقطع يد العابثين فيها والمحكمة، يلاقيه كلام من حزب الله يدعو للعبرة مما يجري في العراق واليمن وتونس والمنطقة. سبق هذا كله إشارات مباشرة من فرنسا- الأم الحنون- حول اتفاق الطائف واحتمال وضعه على طاولة البحث وغمز من البعض حول اتفاق الدوحة الذي أصبح يعرف بدوحة 1 في إشارة لاحتمال الانتقال لدوحة 2.
هل بات تغيير مواقع القرار والنفوذ أو رسم خريطة القوى في المنطقة قريبا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فنحن نتجه إلى عين العاصفة. .إن ما نعانيه من أزمات لا تلبث أن تهدأ حتى تستعر من جديد (منذ بدأت أي قبل اغتيال الحريري) لم تشهد حلا لأن المعادلات الدولية والإقليمية لم تسمح بنشوب حرب طويلة وعنيفة بما فيه الكفاية تنهك الأطراف المتنازعة وتمكن الرعاة الإقليميين والدوليين من رسم حدود القوة والنفوذ وبالتالي تقسيم الحصص ضمن طائف جديد. أما الإجابة بلا، فيترتب عليها استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه بأزماته المتنقلة والمتجددة ودوحاته إلى أجل غير مسمى.
ويبقى أن يدرك اللبنانيون أن أحد أبرز ما يتغنون به، تعايشهم، مشوه، كذبة وحقيقة في آن، حقيقة لا أساس لها (!) ما دام نظام هذا التعايش نظام يتحكم بمصير كيان لا يرحم مكوناته. نظام لا مكان فيه لنظافة الكف والخلق والصدق، نظام لا يسمح بتشكيل وطن، ولا بتنشئة مواطن له هوية وانتماء يحق له العيش في وطن يكفل له حقوقه الأساسية ويحترم كرامته الإنسانية.
ويبقى أن يدرك اللبنانيون يوما ما أن هذا النظام الذي يتغنون به والذي يشبه لهم أنه يوفر لهم مساحة من الحرية منقطعة النظير في هذا الشرق هو وصفة فوضى وضمانة لإعادة إنتاج الأزمات والحروب، هو بالحقيقة طاغية- تنين برؤوس كثيرة ولكن أعمى- يسطو على مقدراتهم- بشرية كانت أم مادية- ليهدرها. متى نصبح أحرارا؟ سؤال أفضل عدم الإجابة عليه.
Tuesday, January 18, 2011
تونس الانتفاضة: تقويم عاجل لتصويب المسيرة والمسار
لا يختلف اثنان أن ما حصل في تونس في الأسابيع الأخيرة من كسر لحاجز الخوف وتمرد على طغيان الحزب الحاكم ومافيا الظل يشكل إنجازا لا بد من التوقف عنده بالتحليل المعمق في الأسباب والديناميكيات والوسائل ولكن هذا منوط بوفرة المعلومات والوقت ونتركه الآن لعدم توفرهما مع ذكر بعض النقاط المفيدة لغرض التقييم والتصويب:
ما وراء الستار/سيناريوهات سقوط الدكتاتور!
انتفاضة شعبية عفوية حصلت نتيجة أحداث دراماتيكية وسنين قمع ومهانة وخوف وتجويع وفساد طبقة من مافيا الحكم لم يعد معها الوضع يحتمل؛
ثورة شبابية افتراضية انفجرت في الشارع بعد قمع واعتقالا نجومها من مدونين منظمي حملات، فكسرت الحواجز وأخذت الدوائر تتسع لتنظم إليها بقية تشكيلات الجماهير التونسية؛
حركة/ حركات سرية من تجمعات نقابية أو حزبية ونخب قرأت متغيرات إستراتيجية خاصة على الصعيد الأوروبي جاءت حصيلة الأزمة العالمية الاقتصادية الخانقة وتصاعد الحركات الفاشية في أوروبا التي تسربت إلى مراكز القرار وبالتالي النظرة الدونية إلى المهاجرين من بلاد المغرب على وجه التحديد (فرنسا، إيطاليا... ) والعمل في هذا السياق على حلول قريبة وبعيدة المدى أحدها إحداث تغييرات في بلد المنشأ لوقف تدفق المهاجرين ولاحقا تهجير المقيمين!
انقلاب داخل الحزب الحاكم (نتيجة خلافات داخل العائلة أو العائلتين او كوادر الحزب وإحداهما والشعور بقرب موت بن علي) أو شبه انقلاب منظم يفضي إلى استمرار حكم الحزب الحاكم مع دفع شعبي متجدد وقد شهدت تونس هذه الظاهرة من قبل وعالمنا العربي حافل بمؤامرات متنوعة من هذا القبيل ومن المفيد في هذا السياق التذكير بوثائق ويكيليكس والتسريبات حول السياسات الأميركية (والتقارب الفرنسي الأميركي المتصاعد) وبالتحديد في سياق احتمال دعم الأميركيين لانقلاب محتمل في مصر! ولا ننسى في هذا السياق التخوف من اتساع رقعة التأثير الإسلامي والحركات الإسلامية في بلاد المغرب وشمال إفريقيا ومحاولة استباقه وتطويقه.
إن الأسباب الموجبة المذكورة أعلاه مجتمعة أو منفردة، متزامنة أو متلاحقة، تشكل مدخلا ضروريا لإدراك المتغير الحاصل والذي لم يتحول تغييرا بعد بمعنى التغيير الجذري أو النوعي او المستدام والذي يبقى عرضة للمراوحة أو العودة إلى سباق العهد المتغير إذا لم تتدارك مكونات الشعب التونسي وحركة التغيير (مع الأمل بأن تكون منظمة في سياق من هذا القبيل!) الأحداث المتسارعة والتدخلات الإقليمية والدولية ووقع التغيير المحلي على الرقعة الجغرافية المحيطة وبالتالي التحديات الخارجية التي لا تقل أهمية وتأثيرا على مسار الانتفاضة، عما يجري في الداخل. ومن قبيل ذلك على سبيل المثال لا الحصر تناول صحف الخليج العربي لانتفاضة تونس على أنها ثورة جياع، بينما قرأتها صحف دول أخرى أشد فقرا على أنها حركة مدمرة تؤدي إلى انعدام الأمن بما يعكس نبض الجوار وخوفه من اتساع رقعة التململ بين أرجائه علما أن القراءتين تفتقران لكثير من الموضوعية والإحاطة بظروف الانتفاضة وخباياها.
إن المشهد الذي رأيناه في الأيام الماضية وسياق الأحداث يؤشر إلى أن ما جرى لم يكن منظما بمعنى غياب قيادات أو مجالس قيادة أو حتى تواصل بين مكونات الحركة في مختلف المناطق، إلا أن ذلك يعد طبيعيا إذا ما نظرنا إلى شكل النظام وطبيعة الحياة السياسية وطغيان سلطة المال والفساد. إلا أن حركة المعلومات والتواصل عبر مواقع الإنترنت والرسائل القصيرة والفيديو وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة استخدمت بشكل كبير وإن كانت هي أيضا لم تستخدم بشكل منظم يراعي الفعالية وزيادة التأثير، فجاءت متفرقة في أطر متعددة لا جامع بينها ولعل في ذلك إشارة أيضا إلى عفوية وتنوع المشاركين في هذه الانتفاضة. وللتوضيح يستخدم في هذا التقييم توصيف ’انتفاضة‘ لبعدها عن الثورة قلبا وقالبا فهي تفتقر للتنظيم والقيادة…، ولعل في ذلك فائدة عليها! ويقتضي في هذا السياق التمييز بين مكونين رئيسين لهذه الانتفاضة من حيث الفئة العمرية وتأثيرها على الصفات الشخصية المشاركين وقدرتهم غلى التحرك والتواصل.
لا يختلف اثنان على تمكن الشباب في مختلف المحافظات من استخدام الإنترنت بشكل فعال للتواصل متى اقتضى الأمر وبالتالي تسخير الشبكة لخدمة هدف التواصل ولاحقا الاستخدام الذكي لكسب الرأي والتأييد وتحفيز العامة. وتبقى الشبكة مسخا أو في أحسن الأحوال ملهاة لجيل عريض من العامة من فئات عمرية لم تتمرس في استخدام الكومبيوتر ولاحقا الشبكة. إن في هذا تأثيرا كبيرا على القدرة على المناورة والتحرك والتواصل. أما الصفات الشخصية فهي أيضا وإلى حد بعيد متصلة ولا يمكن فصلها عن الفئة العمرية. فالشباب متمرد وغاضب يرى الحدود ولا يستوعبها إلا أنه ونتيجة سنين القمع والتضييق لم يخرج قيادات أو حلقات نقاش وتخطيط وبالتالي اعجز من رسم إستراتيجية ذكية على الأمد القصير أو الطويل وبالتالي وضع الأهداف الموجبة لتغيير الوضع القائم بعد هدم الهيكل أو ضمان استدامته! والجيل الأكبر عمرا هو ذلك الجيل الذي يتحمل مسؤولية الشباب ويخاف عليهم ويخاف على نفسه وهو الذي عرف المهانة والخوف والقمع والتنكيل وهو الذي يدرك حقيقة هذه الأنظمة ومدى تشبثها بالسلطة مهما كان الثمن وهو بالتالي غير قادر على مقاربة الحلول الجذرية على أقل تعديل وغير مؤمن بها أو بجدواها في أغلب الأحيان. إلا أن هذه الصفات لا تمنع من التحاقه بحركة أو انتفاضة في حال لمس نجاحا مرحليا حرك في نفسه أملا بتغيير حاله. إلا أن السؤال الأصعب يكمن في مدة قدرة هذا الجيل على المتابعة بعد حصوله على بعض المكتسبات أو اعتقاده بأنه حصل عليها، وبالتالي توقفه في منتصف الطريق وخروجه من المسيرة فضلا عن وقع ذلك على بعض الفئات من الشباب.
في المحصلة
خرج بن علي وخرج البعض المعروف من مافيا النظام وبعد أخذ ورد سريع وجدل دستوري (!) في ظروف استثنائية بين مادة 56 و مادة 57 يتسلم بموجب إحداها الوزير الأول الرئاسة (!) ويتسلم بموجب الأخرى رئيس مجلس النواب (!) مهام الرئاسة وفي جو من الترهيب والقتل والنهب وانتشار الفوضى المنظمة، وتدخل للجيش، فانسحاب، فعودة للتدخل بحسم وأنباء عن دعم جماهيري لددوره. هكذا استقام تطبيق الدستور!
وكأن المراقب من بعيد ينظر إلى أحد أعرق الديمقراطيات، فالرئيس منتخب من قبل الشعب ومجلس النواب يمثل بأغلبيته الشعب وقسم منه يدعم سلطة الرئيس ومجلس الوزراء ورئيسه في خدمة الشعب والذود عن حقوقه ضمان رفاهه.
وبغض النظر عن التحليل المعمق في الأسباب والديناميكيات والوسائل التي أنتجت أو ترافقت وهذه الانتفاضة، والتي من الواجب التذكير بأن أحد أهم منجزاتها تحقق وهو بطبيعته غير قابل للتراجع أو الفقدان في عالم اليوم وهو حاجز الخوف الذي تهشم.
يترأس تونس حاليا رئيس المجلس النواب (قائم بأعمال الرئاسة) بينما يترأس حكومة البلاد رئيس مجلس الوزراء السابق ويضم مجلسه 6 وزراء من حزبه الحاكم- والذي ما يزال حاكما (وإن تسرب شائعات حول قرار لفصل الحزب/الأحزاب عن الحكم/الدولة)- ومن بين الحقائب التي يتولاها هؤلاء المالية والداخلية والدفاع...، كما تضم الوزارة تشكيلا من المعارضة المعترف بها مسبقا في أيام بن علي!
حققت الانتفاضة انجازا نوعيا، مكتسب يبدو لكثر في أول سلم الأولويات الإنسانية. كسرت حاجز الخوف وتغلبت على أشد انتهاك منهجي يشكل طعنة للإنسانية جمعاء، ويمارسه نظام بحق شعبه، انتهاك حق الإنسان في حرية التعبير وفي الحياة والأمان والسلامة الجسدية والعقلية.
أسقطت الانتفاضة الدكتاتور، وبعض من المافيا المحيطة به، ولكنهم فروا بعيدا ومن المرجح أن يكونوا محصنين في وجه أي محاكمة أو عقاب. وبقي الحزب الحاكم أو ربما حزب الحاكم منزها عن كل خطأ وبقي متمسكا بالحكم وبمفاصل الدولية التي من شأنها أن تحضر وتشرف على انتخابات نيابية لن تحصل قبل 6 أشهر على أقل تعديل.
تقييم لتصويب المسار ضرورة، وتقييم لقياس النجاح والمكتسبات ضرورة، والتفكير الملي بيقى ضرورة قصوى والوقت يداهم!
هل تستكمل الانتفاضة؟
ما هي الأهداف؟
تعديل حكومي؛ تغيير كامل للحكومة؛ إسقاط الحزب الحاكم ومن ثم عزله (اجتثاثه- يرجى الاستفادة من تجارب المنطقة والتنبه من الغرائز)؛ مشاركة جزئية للحزب في حكومة ائتلاف وطني تضم جميع الأطياف وبالأخص المعارضة المحضرة بما فيها الإسلامية.
محاكمات عادلة تطال الفترة السابقة بكافة القطاعات والمسؤوليات حول جميع كل الانتهاكات
تبقى الإجابة عن هذه التساؤلات برسم الشعب التونسي عامة والشباب التونسي خاصة وتبقى الإجابة عنها ورسم الأهداف ضرورية لاستكمال التغيير واستدامته أو حتى الاكتفاء بمنجزات الانتفاضة من ناحية كسر حاجز الخوف.
ختاما، أود أن أعبر عن حزني العميق لعائلات شهداء الانتفاضة وأصدقائهم وإلى الشعب التونسي البطل، كما أود أن أعبر لكم عن فرحي العميق بما أنجزتم، فلكم أطيب تحية يا من قدمتم نموذجا فريدا في هذه المنطقة وحركة أثلجت صدور جماهير غفيرة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر! حتى أن كثرا ذهبوا لاستنساخ حدث (حرق الجسد)- على مفصليته- شبه لهم أنه أنتج الانتفاضة، فمخرجاتها!
Monday, January 17, 2011
من يحصد ثمار النصر في تونس؟
لقد حصد شعب تونس ومعه حشود من جماهير هذه المنطقة وبشر متآخين معهم حول العالم ثمار نصر تاريخي بلا شك. نصر يشبه معجزة لو جاءت في عيد ديني، لكانت خير شاهد يدلل به مؤمن إلى معجزات الخالق!
نعم، هو نصر بغض النظر عن النتائج المرجوة أو الخيبات المحتملة أو حتى أصداء خطابات قادة الثورات الهادرة، هذا شعب عظيم كسر حاجز الخوف وانتصر!
وماذا بعد قطع هذه المسافة، مسافة عودة الروح، والقيامة؟ مسافة عظيمة مبجلة بكل المقاييس ولكن... هي نصف المسافة أو أقل للأسف. هل يحصد هذا الشعب ما يرجوه من حياة كريمة، من احترام لحقوقه الأساسية، وثم هل سيكتب له، أو هل يقطع على نفسه عهدا بالحفاظ عليها مهما كانت التضحيات؟!
حكومة مؤقتة وانتخابات في غضون شهرين أو أكثر؛ أية معايير وأي حكومة؟ أي هيئة إصلاح سياسي؟ وأية صلاحيات وضمانات للأخذ بتوصياتها؟ أسئلة يلفها غموض ومحفوفة بمخاطر جمة.
لقد بدأ العد العكسي لتشكيل حكومة لا تضم سوى الأحزاب المعترف بها سابقا وممثلي بعض النقابات والحقوقيين في جو إرهاب هوليودي أبطاله متعددي الجنسية والأدوار! مطرقة من هنا وسندان من هناك...
أنا لست من أنصار التشاؤم وإن كنت قبل نصر الأحبة. ثم أن مشاركة الحزب الحاكم (سابقا!) وترؤس الحكومة والمشاركة فيها، وعلى رغم سريالية المشهد، لا تشكل خيبة بالضرورة ولكن إقصاء فعاليات المجتمع المدني الأخرى والأحزاب المعرضة غير المعترف بها والجماهير الغفيرة المنفية والمساجين السياسيين خيبة لا يمكن التنكر لها. يجب عدم عزل أو إقصاء الحزب الحاكم، فليس هناك أصلا حزب حاكم في نظام كذاك البائد، وعلى الرغم من اعتقادي بأن حزبا كهذا لا يمكنه أن يقدم عباقرة إلا أن إدماجهم واجب، وتجربة اجتثاث البعث في العراق خير شاهد، وتجارب لبنان تكثر وتفيض. عذرا، لا أقصد دلالة بمثل من هنا أو هناك بل عبرة فقط!
ولو كان الزمن يعود للوراء
ولو أمكن نقل الخبرات عبر الزمن
ولو كان بالإمكان أن يجري في العراق بالأمس ما جرى بتونس اليوم
كم كنا حقنا من دماء وعذابات
ولكن السفر في الزمن لم ينجز بعد وإن أنجزت تكنولوجيا المعلومات المعجزات
...لعل في ذلك عبرة لمن اعتبر وما زال ينتظر!
محظ صدفة أيضا أن لتلك الدول الأمثلة جوار صلب عنيد، فحذار.
حذار من هيئة إصلاح تنشغل في إصلاح نفسها كي تلتئم وإن حصل فإلحاقها بجلسة أخرى أو بهيئة حوار بهيئة لبنانية.
من يحصد ثمار النصر في تونس، سؤال يجيب عنه شعب أقل ما يقال فيه انه أدهش العالم!
مفارقة أود مشاركتها وإياكم في الختام.
كيف رأى الإعلام العربي، والكاريكاتور بالأخص-حتى انت يا بروتس!- ثورتكم.
إعلامنا بخليجه النفطي رآها ثورة جياع- وهو غني بالخبز، وبقية بقاعنا الجائعة لكل ما يمكن للحياة أن تقدمه، رأته فوضى عارمة- وهي في استقرار وأمان!
نعم، هو نصر بغض النظر عن النتائج المرجوة أو الخيبات المحتملة أو حتى أصداء خطابات قادة الثورات الهادرة، هذا شعب عظيم كسر حاجز الخوف وانتصر!
وماذا بعد قطع هذه المسافة، مسافة عودة الروح، والقيامة؟ مسافة عظيمة مبجلة بكل المقاييس ولكن... هي نصف المسافة أو أقل للأسف. هل يحصد هذا الشعب ما يرجوه من حياة كريمة، من احترام لحقوقه الأساسية، وثم هل سيكتب له، أو هل يقطع على نفسه عهدا بالحفاظ عليها مهما كانت التضحيات؟!
حكومة مؤقتة وانتخابات في غضون شهرين أو أكثر؛ أية معايير وأي حكومة؟ أي هيئة إصلاح سياسي؟ وأية صلاحيات وضمانات للأخذ بتوصياتها؟ أسئلة يلفها غموض ومحفوفة بمخاطر جمة.
لقد بدأ العد العكسي لتشكيل حكومة لا تضم سوى الأحزاب المعترف بها سابقا وممثلي بعض النقابات والحقوقيين في جو إرهاب هوليودي أبطاله متعددي الجنسية والأدوار! مطرقة من هنا وسندان من هناك...
أنا لست من أنصار التشاؤم وإن كنت قبل نصر الأحبة. ثم أن مشاركة الحزب الحاكم (سابقا!) وترؤس الحكومة والمشاركة فيها، وعلى رغم سريالية المشهد، لا تشكل خيبة بالضرورة ولكن إقصاء فعاليات المجتمع المدني الأخرى والأحزاب المعرضة غير المعترف بها والجماهير الغفيرة المنفية والمساجين السياسيين خيبة لا يمكن التنكر لها. يجب عدم عزل أو إقصاء الحزب الحاكم، فليس هناك أصلا حزب حاكم في نظام كذاك البائد، وعلى الرغم من اعتقادي بأن حزبا كهذا لا يمكنه أن يقدم عباقرة إلا أن إدماجهم واجب، وتجربة اجتثاث البعث في العراق خير شاهد، وتجارب لبنان تكثر وتفيض. عذرا، لا أقصد دلالة بمثل من هنا أو هناك بل عبرة فقط!
ولو كان الزمن يعود للوراء
ولو أمكن نقل الخبرات عبر الزمن
ولو كان بالإمكان أن يجري في العراق بالأمس ما جرى بتونس اليوم
كم كنا حقنا من دماء وعذابات
ولكن السفر في الزمن لم ينجز بعد وإن أنجزت تكنولوجيا المعلومات المعجزات
...لعل في ذلك عبرة لمن اعتبر وما زال ينتظر!
محظ صدفة أيضا أن لتلك الدول الأمثلة جوار صلب عنيد، فحذار.
حذار من هيئة إصلاح تنشغل في إصلاح نفسها كي تلتئم وإن حصل فإلحاقها بجلسة أخرى أو بهيئة حوار بهيئة لبنانية.
من يحصد ثمار النصر في تونس، سؤال يجيب عنه شعب أقل ما يقال فيه انه أدهش العالم!
مفارقة أود مشاركتها وإياكم في الختام.
كيف رأى الإعلام العربي، والكاريكاتور بالأخص-حتى انت يا بروتس!- ثورتكم.
إعلامنا بخليجه النفطي رآها ثورة جياع- وهو غني بالخبز، وبقية بقاعنا الجائعة لكل ما يمكن للحياة أن تقدمه، رأته فوضى عارمة- وهي في استقرار وأمان!
Saturday, January 15, 2011
ألف تحية لأبطال تونس
جميل أن نرى شعب تمرد على رعب وخوف وترهيب وامتهان كرامة لأكثر من عقدين من الزمن، تمرد وأخرج وحدة ومواطنة وثقافة مغيبة، تمرد ولم ولن يرضى بأنصاف حلول!
قلة في عالمنا العربي يدركون ما كان يعاني منه هذا الشعب وقد سمعت ورأيت في عيون كثر تساؤلا واستغرابا فيما حدث، فكيف يحدث وهم لم يسمعوا عن تونس سوى تونس الخضراء وتونس السياحة وتونس الأمان وتونس تحرر المرأة!
قلة في عالمنا العربي يدركون خبايا تونس وهي خبايا لأنها لم تخرج قط للإعلام الغربي أولا- فبن علي مكرم معزز مكافح ضد ‘الإرهاب‘ ، قلة عرفوا فجرحوا، جرحوا في عمق إنسانيتهم حين عرفوا مقدار المهانة والخوف التي حاول هذا الشعب العظيم ابتلاعها فلم يقدر فقدمها جرعة واحدة لبن علي، لليلى والعائلة الكريمة!
قلة في عالمنا العربي يدركون خبايا تونس وهي خبايا لأنها لم تخرج قط للإعلام العربي قط، فهناك تقاطعات عربية-عربية على رغم شتى الخلافات، تقاطعات مهانة وخوف وفساد وسلطة.
ألف تحية لأبطال تونس
دموع وفرح وفخر واعتزاز وتمسك بحبل نجاة عساه ينصف وإن شعب واحد في هذه المنطقة المظلمة وكلنا أمل أن يطال آخرين...
آخرون ينتظرون، آخرون يستحقون، يستحقون تغييرا موجودا بالقوة عسى أن يخرجوه فعلا كفعل أبطال تونس...
سريعا صاخبا قبل تدخل مارد من هنا أو قرش من هناك
شكرا أوباما، شعب تونس لم يحبك أتناء حرارة علاقتك مع نظام الفساد البائد، ولم يحب إدارتك أو سابقتها.
شكرا أوباما، شعب تونس ليس بحاجة إلى نصحك ودعمك، فهو شعب مدرك ومثقف، علك لا تعرف ذلك بسبب انشغالك بعلاقة صدفت مع حفنة طفيلية من غير المثقفين استولت على السلطة وامتلكتها.
لن أطيل ولن أنغص فرحة
لن أتكلم عن بلدي العزيز ، عزيز رغم قبحه، قبح ماضيه وقبح حاضره وظلامية مستقبله
عزيز يظن كثر أنه جنة عالمنا العربي ومتنفس حريته
قلة منهم يدركون معنى صراعاته وأبعادها فيرسمون لها أبعادا إستراتيجية حينا وعقائدية حينا آخر
قلة يدركون أن حربا أهلية خلفت أكثر من 100000 قتيل وأكثر من 17000 مفقود لم تخرج سوى بصيغة لتعديل صلاحية تمثيل طائفة من هنا وأخرى من هناك، إضافة حفنة من موظفي الفئة الأولى لهذه الطائفة أو تلك
قلة يدركون أن جوهر صراعنا اليوم ليس محكمة أو حقيقة أو استقلال وحرية أو مقاومة وصمود
قلة يدركون أن صراعنا اليوم ليس سوى تلك اللعبة السمجة عينها التي يدفع ثمنها أبناء هذه البقعة العزيزة كلما انتشت طائفة وطمحت لزيادة حصتها
عذرا، لن أطيل ولن أنغص فرحة
أردت فقط أن أعترف، أن أرفع أكذوبة تحوم فوق رأسي وتطارد العالم المحيط كأنما واقع
لبنان ليس بخير، لم يكن وليس اليوم بالتأكيد
البلد مش ماشي
والبلد مش عاصي على الغزاة
كذب وافتراء
المشكلة الوحيدة هي أن الانتفاضات لا تثمر في بلدي العزيز
فالمشكلة ليست في حاكم فاسد وإن وجد كثر
المشكلة تكمن في ثقافة مفقودة
ومواطنة غير موجودة
ووطن لم ينشأ يوما
وتجمعات قبلية
بلد لم تتمكن إحدى أقوى دول المنطقة من تقسيمه
وإحدى أقواها نفوذا من ابتلاعه
بلد صدر وصفة الفوضى والانقسام لمن تورط فيه وإن رغم إرادته، وأقصد هنا الفلسطيني!
بلد يضيق به صدري ويضيق علي ولا أقوى على هجره
هلا دعوتم لنا وحلمنا سويا بيوم يصبح فيه لبنان دولة علمانية
وان نحلم أيضا ألا يسرقها منا بن علي أو بن أي ******آخر!
قلة في عالمنا العربي يدركون ما كان يعاني منه هذا الشعب وقد سمعت ورأيت في عيون كثر تساؤلا واستغرابا فيما حدث، فكيف يحدث وهم لم يسمعوا عن تونس سوى تونس الخضراء وتونس السياحة وتونس الأمان وتونس تحرر المرأة!
قلة في عالمنا العربي يدركون خبايا تونس وهي خبايا لأنها لم تخرج قط للإعلام الغربي أولا- فبن علي مكرم معزز مكافح ضد ‘الإرهاب‘ ، قلة عرفوا فجرحوا، جرحوا في عمق إنسانيتهم حين عرفوا مقدار المهانة والخوف التي حاول هذا الشعب العظيم ابتلاعها فلم يقدر فقدمها جرعة واحدة لبن علي، لليلى والعائلة الكريمة!
قلة في عالمنا العربي يدركون خبايا تونس وهي خبايا لأنها لم تخرج قط للإعلام العربي قط، فهناك تقاطعات عربية-عربية على رغم شتى الخلافات، تقاطعات مهانة وخوف وفساد وسلطة.
ألف تحية لأبطال تونس
دموع وفرح وفخر واعتزاز وتمسك بحبل نجاة عساه ينصف وإن شعب واحد في هذه المنطقة المظلمة وكلنا أمل أن يطال آخرين...
آخرون ينتظرون، آخرون يستحقون، يستحقون تغييرا موجودا بالقوة عسى أن يخرجوه فعلا كفعل أبطال تونس...
سريعا صاخبا قبل تدخل مارد من هنا أو قرش من هناك
شكرا أوباما، شعب تونس لم يحبك أتناء حرارة علاقتك مع نظام الفساد البائد، ولم يحب إدارتك أو سابقتها.
شكرا أوباما، شعب تونس ليس بحاجة إلى نصحك ودعمك، فهو شعب مدرك ومثقف، علك لا تعرف ذلك بسبب انشغالك بعلاقة صدفت مع حفنة طفيلية من غير المثقفين استولت على السلطة وامتلكتها.
لن أطيل ولن أنغص فرحة
لن أتكلم عن بلدي العزيز ، عزيز رغم قبحه، قبح ماضيه وقبح حاضره وظلامية مستقبله
عزيز يظن كثر أنه جنة عالمنا العربي ومتنفس حريته
قلة منهم يدركون معنى صراعاته وأبعادها فيرسمون لها أبعادا إستراتيجية حينا وعقائدية حينا آخر
قلة يدركون أن حربا أهلية خلفت أكثر من 100000 قتيل وأكثر من 17000 مفقود لم تخرج سوى بصيغة لتعديل صلاحية تمثيل طائفة من هنا وأخرى من هناك، إضافة حفنة من موظفي الفئة الأولى لهذه الطائفة أو تلك
قلة يدركون أن جوهر صراعنا اليوم ليس محكمة أو حقيقة أو استقلال وحرية أو مقاومة وصمود
قلة يدركون أن صراعنا اليوم ليس سوى تلك اللعبة السمجة عينها التي يدفع ثمنها أبناء هذه البقعة العزيزة كلما انتشت طائفة وطمحت لزيادة حصتها
عذرا، لن أطيل ولن أنغص فرحة
أردت فقط أن أعترف، أن أرفع أكذوبة تحوم فوق رأسي وتطارد العالم المحيط كأنما واقع
لبنان ليس بخير، لم يكن وليس اليوم بالتأكيد
البلد مش ماشي
والبلد مش عاصي على الغزاة
كذب وافتراء
المشكلة الوحيدة هي أن الانتفاضات لا تثمر في بلدي العزيز
فالمشكلة ليست في حاكم فاسد وإن وجد كثر
المشكلة تكمن في ثقافة مفقودة
ومواطنة غير موجودة
ووطن لم ينشأ يوما
وتجمعات قبلية
بلد لم تتمكن إحدى أقوى دول المنطقة من تقسيمه
وإحدى أقواها نفوذا من ابتلاعه
بلد صدر وصفة الفوضى والانقسام لمن تورط فيه وإن رغم إرادته، وأقصد هنا الفلسطيني!
بلد يضيق به صدري ويضيق علي ولا أقوى على هجره
هلا دعوتم لنا وحلمنا سويا بيوم يصبح فيه لبنان دولة علمانية
وان نحلم أيضا ألا يسرقها منا بن علي أو بن أي ******آخر!
Friday, January 14, 2011
Subscribe to:
Posts (Atom)