لقد حصد شعب تونس ومعه حشود من جماهير هذه المنطقة وبشر متآخين معهم حول العالم ثمار نصر تاريخي بلا شك. نصر يشبه معجزة لو جاءت في عيد ديني، لكانت خير شاهد يدلل به مؤمن إلى معجزات الخالق!
نعم، هو نصر بغض النظر عن النتائج المرجوة أو الخيبات المحتملة أو حتى أصداء خطابات قادة الثورات الهادرة، هذا شعب عظيم كسر حاجز الخوف وانتصر!
وماذا بعد قطع هذه المسافة، مسافة عودة الروح، والقيامة؟ مسافة عظيمة مبجلة بكل المقاييس ولكن... هي نصف المسافة أو أقل للأسف. هل يحصد هذا الشعب ما يرجوه من حياة كريمة، من احترام لحقوقه الأساسية، وثم هل سيكتب له، أو هل يقطع على نفسه عهدا بالحفاظ عليها مهما كانت التضحيات؟!
حكومة مؤقتة وانتخابات في غضون شهرين أو أكثر؛ أية معايير وأي حكومة؟ أي هيئة إصلاح سياسي؟ وأية صلاحيات وضمانات للأخذ بتوصياتها؟ أسئلة يلفها غموض ومحفوفة بمخاطر جمة.
لقد بدأ العد العكسي لتشكيل حكومة لا تضم سوى الأحزاب المعترف بها سابقا وممثلي بعض النقابات والحقوقيين في جو إرهاب هوليودي أبطاله متعددي الجنسية والأدوار! مطرقة من هنا وسندان من هناك...
أنا لست من أنصار التشاؤم وإن كنت قبل نصر الأحبة. ثم أن مشاركة الحزب الحاكم (سابقا!) وترؤس الحكومة والمشاركة فيها، وعلى رغم سريالية المشهد، لا تشكل خيبة بالضرورة ولكن إقصاء فعاليات المجتمع المدني الأخرى والأحزاب المعرضة غير المعترف بها والجماهير الغفيرة المنفية والمساجين السياسيين خيبة لا يمكن التنكر لها. يجب عدم عزل أو إقصاء الحزب الحاكم، فليس هناك أصلا حزب حاكم في نظام كذاك البائد، وعلى الرغم من اعتقادي بأن حزبا كهذا لا يمكنه أن يقدم عباقرة إلا أن إدماجهم واجب، وتجربة اجتثاث البعث في العراق خير شاهد، وتجارب لبنان تكثر وتفيض. عذرا، لا أقصد دلالة بمثل من هنا أو هناك بل عبرة فقط!
ولو كان الزمن يعود للوراء
ولو أمكن نقل الخبرات عبر الزمن
ولو كان بالإمكان أن يجري في العراق بالأمس ما جرى بتونس اليوم
كم كنا حقنا من دماء وعذابات
ولكن السفر في الزمن لم ينجز بعد وإن أنجزت تكنولوجيا المعلومات المعجزات
...لعل في ذلك عبرة لمن اعتبر وما زال ينتظر!
محظ صدفة أيضا أن لتلك الدول الأمثلة جوار صلب عنيد، فحذار.
حذار من هيئة إصلاح تنشغل في إصلاح نفسها كي تلتئم وإن حصل فإلحاقها بجلسة أخرى أو بهيئة حوار بهيئة لبنانية.
من يحصد ثمار النصر في تونس، سؤال يجيب عنه شعب أقل ما يقال فيه انه أدهش العالم!
مفارقة أود مشاركتها وإياكم في الختام.
كيف رأى الإعلام العربي، والكاريكاتور بالأخص-حتى انت يا بروتس!- ثورتكم.
إعلامنا بخليجه النفطي رآها ثورة جياع- وهو غني بالخبز، وبقية بقاعنا الجائعة لكل ما يمكن للحياة أن تقدمه، رأته فوضى عارمة- وهي في استقرار وأمان!
No comments:
Post a Comment