شكرا لك يا سعد على بق بحصة، شكرا لك لأنك قررت وبعد أشهر- أو سنين- على وضع الشباب اللبناني بصورة طبخة البحص، ال س.س. وشكرا لك على بق البحصة!
"مؤتمر مصالحة وطنية لبنانية، يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين. مؤتمر يعقد في الرياض برعاية ملك المملكة العربية السعودية وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الجمهورية العربية السورية وعدد من رؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية، يؤدي إلى مصالحة شاملة، ومسامحة شاملة لكل الماضي، مصالحة الجميع من دون استثناء وتسامح الجميع من دون استثناء عن كل الماضي، من دون"
هذا ما جاء في خطاب الرئيس المكلف في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، 2011. هذا ما لم يقله الزعماء اللبنانيين لجماهيرهم في زمن الشفافية وفي لبنان والحضارة والديمقراطية ومنارة الحرية في الشرق!
ألا يحق للجمهور الذي دفع فاتورة العبث من 2004 وحتى 2011، ولأي ساحة أو فريق سياسي انتمى- مع العلم أن لا انتماء لحزب سياسي في لبنان إذ لا يوجد مؤسسة فعلية على هيئة حزب سياسي حقيقي والمؤسسة الوحيدة القائمة في لبنان هي الطائفة. ألا يحق للجمهور أن يعرف أنكم تنظرون في طائف جديد- تحدثنا عنه مرارا من قبل- يكرس مصالحة المصالح وإعادة توزيعها من جديد.
ومن قال أن الشعب يريد المسامحة والمصالحة المبنية على سياسة عفى الله عن ما مضى؟ من قال أننا نعيش في غابة وعلينا أن نقبل بمنطق القوة؟ ثم من أوهمك أيها الزعيم اللبناني المقتدر، وأيا كان حجم الطائفة التي تنتمي إليها، والخزان الشعبي الذي تتحكم في مأكله ومشربه، من قال لك أنك خارج أي مساءلة أو عقاب ومن أوهمك أنك تستطيع غسل الأموال والعقول إلى ما لا نهاية؟ ومن أوهمك أنك بفردك ثورة وتغيير حتى بات كل من فريق 14 و8 آذار يباهي أنه قاد الحراك الذي يجري في المنطقة.
كلا يا فخامة الزعيم، لبنان لم يشهد يوما انتفاضة أو ثورة حقيقية للأسف. شهد حربا أهلية من أقسى الحروب، وشهد إجراما منقطع النظير لم يدفع ثمنه إلا البشر ممن قتل أو أصبح معوقاأو عاجزا وممن خطف وصفي أو فقد. لم تدفع يا فخامة الزعيم فاتورة الحرب، بل ذهبت للطائف لصرف الخسارة الوطنية ربحا، لا بل رأس مال لاستثمار جديد في بلد السياحة والحرية. يا فخامة الزعيم، أنت كل زعيم يتشدق اليوم باسم الحرية أو الاستقلال أو مصلحة الشعب أو الصمود أو المقاومة، فأنت أصم لا تسمع، وملحق لا تعرف استقلال، ومصلحة الشعب لا تدخل بندا جانبيا في جدول أعمالك، والصمود والمقاومة شعار بعدما جردتم الشعب من كل مقومات المقاومة.
هل يطمح الشباب اللبناني لهدنة 10 أو 15 سنة جديدة يعود بعدها إلى الاصطفاف الطائفي والمذهبي ليبني بعده الزعماء أنفسهم أو أولادهم مصالحة مصالح جديدة وترسيم نفوذ ومصالح الطوائف إلى ما لا نهاية. عجيب تاريخ هذا البلد وعجيب كذلك شعبه الذي لا يفهم تاريخه ولا يتعلم منه، ولعل لهذه الأحجية جوابا مناسبا.
تاريخ الشعوب مادة شبه أساسية، وزارة سيادية(!) في أي منهج تربوي، ولكنه في لبنان- أي مادة التاريخ- لا تؤرخ سوى لتعايش كذبة، ولا تشكل تأريخا بالمعنى الحقيقي، فتبقى ضمن أطر المجاملة السياسية- أي الكذب- وتبقى خالية من كل مادة خلافية، وهي الأساس الوحيد نحو المصالحة وبناء الوطن والهوية والانتماء الحقيقي.
سقطت ال س.س. ووعدتنا قوى 14 آذار أنها لا تريد العودة إليها. سقطت ال س.س. وزف سقوطها كثر من فريق 8 آذار فضلا عن ما يسمى بالوسطيين- أو إجر بالفلاحة وإجر بالبور- الجاهزين دوما للالتحاق بالأقوى(!).
سقطت ال س. س. ولكن هل سقط الطائف الجديد قبل أن يولد أم أن ما نحن بصدده اليوم لا يعدو سوى استراحة محارب؟ للأسف، إن ما نراه اليوم لا يعدو استراحة محارب سوف يعود بعدها الزعماء اللبنانيين، ممثلو الطوائف- وبعد تجلي الصورة الإقليمية والنفوذ الدولي، ونفاذ فترات السماح، إلى حروبهم الصغيرة- بأهدافها- وسوف يعود اللبنانيين لأي فريق انتموا إلى دفع فاتورة الدم والدمار حتى يحين موعد طائف جديد.
ولعل المفارقة الأكبر تكمن في أن الطائف لحظ إنشاء لجنة لإلغاء الطائفية السياسية، وهو بالتالي أعلن دفنها قبل أن تولد، فمن يعرف اللجان اللبنانية، من لجان التحقيق إلى لجان وقف إطلاق النار، إلى لجان المصالحة والحوار، يدرك جيدا معنى هذا التصدير وغاياته وخواتيمه.
يبقى أن نأمل أن يكون الشباب اللبناني- وهو وقود كل حرب واقتتال- قد أصبح واعيا بما فيه الكفاية بأن سبب عدم الاستقرار، ومحرك الفساد، ووعاء هذه الحلقة المفرغة ليس سوى النظام الطائفي، والذي إذا سقط، سيؤدي لا محالة إلى سقوط هذه الطبقة السياسية الفاسدة- بغض النظر عن الشعارات التي تطلق من هنا أو هناك- التي تحكم لبنان وتتحكم برقاب اللبنانيين وتسوقهم نعاجا في سوق إقليمية سوداء.
No comments:
Post a Comment