Thursday, November 29, 2007

Presidency or Taef, Stability or Civil War

As you may know, there are two facets of the problem we have have, an internal one and a regional - international one. As for the global view, lebanon is the barometer of conflicts and crisis in the region and key players there have a say in this country and the situation here reflects in one sense or another the regional turmoil. Thus, complexities that may rise regionally will show in increasing tensions in Lebanon. Internally though controversial, I believe that the deadlock on presidency does not reflect the real problem. It is actually more related to the issue of a new cabinet, the real executive power. There comes the deadlock as the problem is not that of a cabinet but that of the confessional system and power shares accross lebanese sects. The issue that has been ongoing since months arround the unity cabinet aims at ammending the power shares in the executive power-cabinet- and thus the power shares in our confessional system, thus ammending the constitution, the Taef Accord which brought relative peace to the country in 1989-1991. The issue came to surface in recent years with the change in internation and regional balance or powers and the emerging crisis in the middle east.The Taef accord back then was refused by two major parties/movements in the country namely Hizbullah and Tayyar (Aoun). Interesting enough is there allience right now! Irrespective of personal views on this issue or favoring the opposition or government at the time, the deadlock seems to be ongoing until the real issue is tackled, that is the constitutional ammendment. Intresting enough as well will be taking a look at the history of this smal country and its continuous turmoil which takes it from one crisis to another, one constitutional ammendment to another. The common pattern in all these phases however is that each major constitutional ammendment which touches the confessional status and power shares among lebanese sects necessitates a round of violence, a civil war at some point which is resolved by international intervention only after sectarian groups show there real power on the ground with each reflecting as well the power of its inspiration as it works its way as a proxy in the country!Where are we heading, I guess I made my point clear now.

Friday, September 28, 2007

المقصلة

طال انتظاري، عل الراحة تكمن في انتحاري
طال انتظار العبث، فهل تولدين يا ابنة الظلام
يا ابنة الطهارة
يا طفلتي
يا أمي
يا من ولدتني، طفل المغارة
ولادة، هي ولادة ما بعد الحبل الوهمي!
حبل الأفكار الثقيلة التي ما أن تولد، تخلق خفة الكائن
خفة الوهم وثقل الوهم، حقيقة هي حقيقة الوهم
يا وهمي، ويا أجمل طفلة عرفتها في حياتي
يا ذاكرتي الخائنة ويا مقصلتي

كم اود الموت على يديك
كم أود قبلتك وهي عذابي وما ألذ عذابي
علك تكفرين عن ذنوبي
ذنب، أمر من خيانة آخر… خيانة نفسي

خيانة نفسي، وكم تعودتها
وها قد حررتني، وتركتني طفلا وحيدا
طفلا جائعا تأكله الشهوة
يخاف فقدان قطرة من حليب أمه

شهوة الحصول على المزيد، فالمزيد حكما جديد
والشهوة هي، هي
راحتي وعذابي

هلا أعطيتني بضع لحظات حبل ما قبل الغرق
غرق في لاشيء يتلاشى
لاشيء ينهشه التناقض

هلا أرخيت المقصلة الآن…فالحل في انتحاري

Friday, August 31, 2007

!بلا دموع

يشعر بحاجة عظيمة للبكاء
دموعه جفت قبل سقوطها
فراغ قاتل ملأ صدره
لم يمض على مراهقته بضع أيام
مرت كقطار هشم وجهه
مرت بأجزاء من ثانية في ذاكرته خائنة

يشعر أنه يعيش وقتا مستقطع
سرقه من أطفال ماتوا جوعا قرب كومة من عظام
عظام لبست ثوبا ملونا لمرأة من قبائل دارفور
سرقه من عشاق تبادلوا آخر قبلة على حائط مسجد تلون بنار دمائهم
سرقه من طاغية لفظ آخر أنفاسه على حبل مشنقةلم يتسع أيضا لواضعيها
أرواح تحلقت حول عنقه
لامست فراغ صدره
قتلته بصمتها
يجهش بالبكاء

Tuesday, August 28, 2007

أحلى الأوهام

أعذريني كلما سال دمع السماء
أسمعيني وقع أنفاس الإله
حين تختلط رائحة المطر برائحة شعرك
حينها أسبح في شوارع بيروت

أبحث عن جزيرة تقيني المطر
أبحث عن باب أغلقه يقيني البرد
أبحث عنه وهو راحتي وعذابي

وتنتابني رغبة جامحة لأغوص في جنوني
أغتصب لحظة، أحاول خلقها
أصحو، أراك من جديد
أتساءل، هل أنت حقيقة أم سراب أم سحابة شتاء جديد؟

.

Friday, August 24, 2007

!يا بلدنا

ما هذا الضجيج
لم أعد أحتمل
لا بد انها قرقعة نعال الجزمات
تمشي بنا حيث تريد
لا تغير خطواتها

تعيد الكرة
لا تشعر بالملل
ليس لها لغة
لا تدرك كيفية استعمالها
ترى الكلمات فقط
لا تدركها

النعل صلب
العقل يكمن في الداخل
يتحجر، والنعال تتشابه بحيث لا تميزها
قيمها واحدة، قيمها جامدة
إيقاع النعال واحد
تجتمع النعال، نعال مجتمعة

.

Friday, August 17, 2007

III دفاتر عاشقة

...كان وجهه من دخان
يمكن ان تراه لا أن تلمسه
تتطاير من حولنا

تتقاذفنا كلمات وآهات
وعاد إلى فانوسه السحري
يا ترى، ماذا يتمنى هذا الكائن الغامض؟

فيلسوفي الأمير ينزل ليلعب بين اختلاجات صدري
في حقول الشوك والياسمين التي أسيج بها روحي
يلعب معي، يلهث، لكنه لا يمل أبدا
...فيلسوفي الأمير قد تغير،أو لعله سمع ندائي أو أدرك بعضا من أفكاري، حي هو، لا بل أكثر الناس حياة

وإن أحببت، فأنا أعلم كيف تحب، وأعلم كيف تنتهي في الحب، وأعلم كيف تعود لتشعله نارا بمن تحب
...لا أخاف حبك، فبين أصابعك بقايا من انغام أردتها لي وبقايا عطري وبقايا عزفي وبقايا جسدي

II دفاتر عاشقة
.

Tuesday, August 07, 2007

السقوط

أشعر ببعض الكآبة، لا بل الكثير منها. تلتف حول عنقي، أتذكر بعضا من فتات أفكاري، فتات كنت أفرقه على شكل نظريات على زملائي في الجامعة. كانت تأخذني موجات من فوقية ونشوات. كانت تلك الوجودية التي ادعيت ممارستها، في شتى فضاءات يومياتي لا تعدو كونها مرحلة أو مذاقا طيبا صعب المنال، يصعب الحفاظ عليها كما ييستحيل تحويلها طريقة عيش قابلة للحياة. أشعر ببعض من زيف، أو كأن خديعة مارستها على نفسي سقطت، فسقطت معها في دوامة ملل وكآبة. لماذا أكتب؟ وعن ماذا أكتب وهل مازلت قادر على الكتابة أصلا؟ هل الكتابة خديعة هي الأخرى وإن مارستها ببعض من إتقان زائف آن له هو الآخر أن ينكشف، طاويا آخر حصن أختبىء وراءه.
أشعر بكثير من الكآبة، أشعر أيضا أن تلك الحالة الهدامة حقيقية إلى أقصى الحدود، حقيقية كمعاناتي، تبتعد كل البعد عن زيف أفكار ظننت نفسي أعتنقها، عن زيف يوميات عشتها وآثرت إعطاءها أبعادا فلسفية لا تحتملها. هل أشعر بالندم؟ وعلى ماذا وهل ينفع الندم أصلا؟ هل أدرك أبعاد طرح أسئلة كهذه؟ إن اسئلة بهذا الحجم كفيلة فور طرحها بإسقاط تلك السحابة التي طلما اختبئت خلفها، تلك السحابة نفسها التي أشبعتني نخبوية زائفة. إن أسئلة بهذا الحجم تعني سقوطي العظيم الذي أصبحت بأشد الحاجة إليه، أسئلة كلما تأخرت في طرحها، عظم سقوطي، وصعبت معه محاولاتي لأتصالح مع ذاتي.
أشعر بكآبة حقيقية تلامس حد الإكتئاب. أشعر أيضا ان أسبابا عبثية تكمن وراء ذلك الشعور، حوادث عرضية. أن أطرح أسئلة تهدد بنية وجودي المزيف، هذا الأنا، على خلفية حوادث طارئة، لأمر يشعرني بألم مضاعف. أن أدخل مرحلة نقد للذات على خلفية تقاطع صدف غريبة لشيىء يثير إشمئزازي، من نفسي بطبيعة الحال. كيف وصلت إلى الدرك الأسفل وما زال نصب عيني ذلك السقوط العظيم؟ أرتعد خوفا، أشعر بألم عظيم.
رفعت السماعة، تكلمت مع أحد أعز أصدقائي. شعرت بكآبة فظيعة. لم تكن المكالمة لعتاب أو لتبادل آراء ونظريات. كانت تلخص حال صديق عزيز بعد سنة من انقطاع عن العالم الخارجي. سنة من الإنطواء على ذات شبه محطمة. سنة انطواء وعجز أو شعور بعجز. لم يكن بمقدوري رفع شيىء من معاناته، لم أتحلى بالجرأة الكافية لأقول له أن معاناته يمكن أن تشكل مخرجا مما هو أسوأ، مما وصلت إليه. أن معاناة رغم عظمها يمكن أن تحمل في طياتها بداية أفق جديد وحرية قابلة للحياة. لم أتحلى بالجرأة، فحملت معاناته وأسكنتها زاوية من جمجمتي. تبادلنا أشواقا وبعض ذكريات وانصرف كل منا إلى ذاته.
خرجت مع أحد اعز أصدقائي لتناول الغذاء. ذهبنا إلى مطعم شعبي يقدم اشهى المأكولات اللبنانية. لن انصرف الآن على عادتي لوصف تلك الأطباق والمطعم على الرغم من أن ذلك لفعل ممتع ويرتد على القارىء بكثير من المتعة، ذلك أن هاجسا آخر يسكنني. أشعر بكثير من الكآبة. شربت الكثير من العرق البلدي، وأكلت أكثر. حدثني صديقي ببعض من الصراحة، وضع سلة همومه إلى جانب صحون شهية اجتاحت الطاولة. أكلتني همومه ولم أتحلى بالجرأة الكافية لطرح أفكار وهواجس تعود بفائدة لا تقدر بثمن عليه. أودعت سلة همومه جانبا من رأسي المخمور وعدنا غلى العمل.
منذ فترة وأنا أمارس التواصل الإفتراضي مع بعض من معارف وأصدقاء وغير ذلك ولن أدخل هنا في توصيف مباشر لأولئك أو لمحاور تلك دردشات لأن أمر آخر يشغلني، أشعر بكآبة، كثير من الكآبة. أشعر أن معاناة وهموم بعض الأصدقاء، ودردشات خضتها، وأفكارا طرأت ولم أحلى بالجرأة لطرحها، أشعر أن مجموع صدف غريبة تكاد تطرحني أرضا، تكاد تدك رصاصة رحمة في بنية شخصية، بنيتها أو شبه لي، شخصيتي! هل يمكن أن أكون هشا إلى هذا الحد؟ هل يمكن ان أكون بهذا الدهاء كي أخدع نفسي طوال هذا الوقت؟ هل يمكن أن أتحلى بهذا القدر من الغباء، فتنطلي علي الخدعة؟ هل تكون حمى انتابتني وأكون ما زلت أعاني آثار بعض هلوسة تطرحني لحين، وتزول؟
أشعر بألم مضاعف لأنني وحتى هذه اللحظة لا أتحلى بالجرأة لوضع بعض من أفكار تقلقني على شكل جمل. لا أتحلى بالشجاعة الكافية لكتابة ما لم أستطع قوله في مكالمة هنا أو جلسة هناك أو حتى دردشة. أشعر باكتئاب من هروبي الكبير، من أنا تقض مضجعي. أشعر بمرض عضال، بوهن، بضعف، بعجز، وأشعر أن في داخلي بعض مني يكاد ينفجر. يخاطبني وبنصحني وأعطيه أذن عملاقة، ولكن صماء. أعتقد أنني بحاجة لمساعدة بعض من نفسي، ولكني أعجز من ذلك الآن. أشعر بصداع مخيف

أشعر منذ حين أن شخصا آخر يسكنني. أشعر انه اعتاد رفقتي منذ زمن. علاقة عبثية ربطتنا ومزجت أمزجتنا، فبتنا نعتاش على بعضنا بعض. سريالية لا أدعي فهمها، أعيشها فقط. مؤلمة هي إلى أقصى الحدود. لا أدعي حتى أني اعتدت رفقتها. نعيش على فتات تفوخ منه رائحة العفونة. نعيش في دوامة من ألم وامل في آن. نحيا تناقض ما بعده تناقض. شخص آخر يسكنني، يتلذذ بمعاناتي ويفرح بتعستي، يبغضني. أحاول تفهمه، ألوم نفسي لذنب ربما اقترفته بحقه، أعجز عن ذلك، أشعر بصداع عظيم، أسمع قهقهته في أرجاء جمجمتي، يزداد صداعي.
أدرك أيضا أن طبيبا في الأمراض النفسية سوف يشعر بفرح كبير إذا ما عالجني وأن حالة كهذه يمكن أن تشكل مادة بحث خصب يستطيع إجراءه. فهناك جوائز لأبحاث كهذه، جوائز تعطى لطبيب يتمكن من رصد حالة ألم لا يطاق لدى إنسان آخر. أن يجلب ألم أعاني منه فرحا لأبله يسكنني أمر اعتدت تقبله على مضض. أن يجلب ألم أعاني منه نجاجات وجوائز لطبيب ما في هذا العالم، لسريالية لا أدعي فهمها

Dissociative Identity Disorder راجع

حكايات من بيروت- الجزء الخامس

يثقله ليل العاصمة، يثقله صمتها الذي يلف شقته ويقطع عنها النور والهواء. لا مكان لضوضاء في هذه الناحية من رأس بيروت، لا شيء يعلو فوق طنين أفكاره في شارع الحمراء، هذا الشارع الذي فقد بريقه الليلي أثناء الحرب الأهلية ولم يستعده في أيام السلم. إنتقل عمر إلى هذه الشقة بسبب خوفه من رجال المخابرات. شعر بتهديد حقيقي. كادوا أن يدقوا مفصلا تاريخياً في حياته. أخلت الشلة شقة السوديكو قبل يومين من اعتقال سمير جعجع، قائد القوات اللبنانية. في نيسان 1994، دخل سمير جعجع السجن ولكن عمر ظل طليقا، وكذلك مازن ومعين ووديع وطوني "القوتجي الشاذ" الذي كان شبه مقيم مع الشلة. قال له مازن أن رائف حذره من البقاء في الشقة. أخبره أن العميد أبو رائف طلب من إبنه عدم زيارته في الشقة لأنها مشبوهة! أخبره أيضا أنه يحبني ولكنه قال أن "عشرتي" سيئة. قال له أن الشقة تأوي شاذين جنسيا ومدمني مخدرات وأن معالجة هذه الشواذات ضرورية لأمن الشباب والمجتمع. لم تكن حبكة أبو رائف بجديدة على عمر، فهي أحد أسهل وسائل الإبتزاز التي يمكن استخدامها. علم عمر أن والد صديقته لن يدعه وشأنه. علم أن الوقت حان لينفذ تهديده

جلس خلف مكتبه في قسم الميكروفيلم في مكتبة يافت. سمع طرقا على الباب، تبعه دخول رجلين بلباس عسكري. وقف أحدهم قرب الباب واقترب آخر نحو مكتبه. رفع قبضته الحديدية وخبط بها فوق المكتب. قفز المكتب الخشبي المعتق وسقط محدثا جلبة رهيبة.
- "كب الإبرة بتسمع رنتا" قول صنع لقسم الميكروفيلم في المكتبة. خير انشالله، هناك خطأ في العنوان بالتأكيد!
- "يا عمر بيك، بنت العميد مش لإلك، يعني رقبتك منفكا والذبان الأزرق ما بيعرف وينك إذا بعد منشوفك معا".
- "العنوان صحيح، عفوا! ومع ألف سلامة، وبلغ العميد تحياتي. اللي بيطلع بإيدو يعملو".
إقترب الحارس، الرجل الذي حافظ على صمته حتى سماعه كلمات عمر الأخيرة، بدا وكأنه يود تمزيقه بين أسنانه المبعثرة في فمه الضخم. أبلغه أنه سيراقبه لأسبوع واحد وأنه لا يود أن يراه مرة واحدة بعدها إلا إذا لم يأخذ كلامه على محمل الجد. خرج الرجلان وتركا عمر الهادىء المتمرد على حافة بركان. لم يشعر يوما بهذا الغضب. أمسك بخزانة الميكروفيلم الحديدية وشدها نحو الأرض، لم تهتز! شعر بألم في ظهره، شعر بصداع قسم رأسه إلى نصفين.

يجلس على الشرفة المطلة على فندق البلازا، الأضواء مطفئة، الظلام يلف الشارع. على بعد أمتار من هذه الشقة، من هذا الشارع الميت، يرتفع الريغوستو على درج عملاق في مبنى الحمرا سكوير، ويرتفع البارومتر على درج متواضع في البلو بلدينغ بينما يتلطى أبو إيلي في بناية اليعقوبيان. يبتسم عمر، يطوق هذا المثلث شقته بحيث لا يستطيع مغادرتها إلا ومر بإحدى زواياه. لا مفر عبر الحمرا، عبد العزيز، كاراكاس، لا مفر من حواجز المحبة الليلة التي تحتضنها بيروت الغربية فتحتضنك! بيروت الغربية، لطالما أخذته هذه التسمية، وكأنها شيفرة سرية يقرأها عقله وتسري في عروقه.

يشعر عمر بوحشة فضيعة، يشتاق للشلة التي مضى أشهر على آخر اجتماع لها. قرروا في تلك الليلة المشؤومة من شهر نيسان 1994 أن يتفرقوا لأشهر. قرروا أن بيتعدوا عن أعين المخابرات والليل. يتمنى لو كان بإمكانه أن يفتح دفتره المجعد، دفتره الذي يحتوي إلى جانب القهوة والشاي والنبيذ والرماد بعض سطور خطها في الليالي السوداء. يتمنى لو يظهر مازن أو معين أو وديع أو طوني من قلب الظلام. يتمنى أن يحصل أي شيء يمكنه كسر هذه الوحشة التي تخنق صدره. يود قراءة بعض مما كتب لوديع ويود سماع بعض تعليقات معين. يود قراءة يوميات مازن ومسودة رواية جديدة يكتبها طوني. سوف يكتفي بدردشة بسيطة مع أياد زميله الجديد في شقة الحمراء، زميله الذي لم يتعرف إليه بعد. عرف فقط أنه في أمستردام، لعله يد خن سيجارة من "الحشيشة البعلبكية" الآن. الحشيشة البعلبكية من أفخر أنواع الحشيش، وهي تباع بأعلى سعر في أمستردام وهي تضاهي بعشرات المرات جودة الحشيشة الأفغانية. وفي مقاهي هولنده يضيفون الحشيشة للحلوى فيصبح من الممكن لمن لا يدخن أصلا أن يتمتع بطعمها ورائحتها! حتى أن المقيمين في بلجيكا على سبيل المثال يتكبدون مشقة السفر برا، ويدخلون هولنده في نهاية الأسبوع ليوم أو اثنين من أجل تناول "الحلوى الهولندية".

الله وأكبر... أطرق مستمعا لآذان الفجر ثم أتى ضجيج من الداخل، أغلق باب الشرفة، سمع دقات قوية على الباب. فتح الباب ليجد شاب ضخم أسمر بذقن طويلة ورأس صغير ينزع نظارته عن عينيه ويدخل بلا استئذان.
- أياد الحج، أنا أسكن هنا، تصبح على خير!
لم تكن هذه اللحظة المنتظرة بطبيعة الحال وعمر الذي كادت تقتله وحشته أصبح بأمس الحاجة إليها الآن بعد هذا اللقاء الفاتر. لم يتوقع علاقة حميمة مع هذا الشاب الذي سوف يقيم معه الآن ويبدأ العمل معه قريبا في مكتبة الجامعة، لكنه لم يتوقع أيضا هذا التبجح. لعله تحت تأثير الحشيش. قال له رفاقه أن مفعول الحشيش يمكن أن يستمر لساعات. لعله تناول بعضا من الحلوى على الطائرة. ربما جاء ببعضها في هذا الكيس الأحمر الضخم الذي ألقاه قرب الباب. لا تستطيع الحصول على نصف ربع أوقية من حشيشة الكيف البعلبكية الفاخرة بأقل من $25 دولار في بيروت، هذا إذا توفرت، وهم يضعونها في الحلوى في أمستردام، هذه هي الإمبريالية القذرة! ولكن المفتشين من جمارك وأمن عام في مطار بيروت لن يعرفوا بقصة الحلوى الهولندية على الأرجح، يفكر عمر. لعله جلب بعضها، يا ليتني أملك الجرأة لبعثرة محتويات هذا الكيس اللعين!

الأجزاء السابقة.

Friday, August 03, 2007

حكايات من بيروت- الجزء الرابع

أفاق كالمجنون، نهض من فراشه وأخذ يبحث عن جهاز الخليوي. تجاوزت الساعة الثانية صباحا، هل أصابها مكروه، ماذا يمكن أن يحصل له إن أصابها مكروه، سوف ينتحر بالتأكيد. إصطدم بالكرسي الخشبي المكسور فوقع وكاد أن يكسر رأسه، شعر بصدمة خفيفة. يضع هذا الكرسي في الغرفة لتعليق الملابس. يكره وضع ملابسه في الخزانة وفي نهاية الأسبوع يصبح الكرسي جبلاً من ثياب. يقترب صوت الخليوي، ينظر إلى يمينه، يرى وميضا في حذائه، لا بد أنه يهلوس.
ألو، معين، هل أنت مجنون، تتصل في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ -

هل أنت نائم، الساعة ما زالت الثانية، عفوا حبيبي، ولكن يجب أن أراك الآن، وقعت في غرام إمرأة رائعة، يجب أن نتكلم -
معين، أريد أن أنام، وأنت تقع في الغرام كل يوم، ماذا تغير الآن؟ -
صدقني يا عمر، أعرف أنني في معظم الأحيان أقول هذا ولكن هذه المرة، أنا متأكد، وجدتها! -
طار النوم من عيوني بكل الأحوال، تفضل ولكني أنذرك من الآن، ثمن الإستشارة زجاجة نبيذ، وإلا ستبقى تسمع صرير أسناني طوال الوقت.
أشعل عمر مدفئة الغاز وتربع على الأرض أمامها حتى اشتم رائحة حريق ثيابه. البرد يخترق عظامه. يكفيك سماع الريح في الخارج وزخات المطر على النافذة حتى ترتجف من البرد. كيف كان يعيش في الجبل؟ يفكر عمر. قالت له جنان أن ضعف الكلسيوم يزيد الإحساس بالبرد. لعلها محقة، حين يضعف الكلسيوم يدخل الصقيع إلى العظام. يتخيل أول جرعة من زجاجة النبيذ، يتمنى إلا يشتري معين أرخص نوع نبيذ. يعرف مذاقه. يتحطب فمه ويجف ويشعر بعطش ولا يعود بإمكانه أن يبتلع ريقه الذي جف خاصة إذا كان يدخن وما نفع النبيذ من دون تدخين، يفكر عمر. وما نفع التذخين من دون شرب.

سمع صوت المصعد، خرج إلى غرفة الإستقبال. نظر من منظار الباب. رأى جارته وفاء. تصل في مثل هذا الوقت من كل يوم. يبدو عليها الإعياء. جسم ممشوق طويل، شعر أسود ناعم، بشرة حنطية وعيون واسعة، تتحلى وفاء بجمال وشخصية لطيفة جداً. تعمل في ملهى ليلي في شارع المقدسي الذي يمتد بموازاة شارع الحمراء لجهة الجامعة الأميركية. تتقاضى راتبا شهرياً لا يتجاوز ال400$. ترسل نصف المبلغ لوالدتها التي تعيش في الخارج مع حفيدتها سارة، إبنة وفاء. تدق الساعة السابعة مساءً فتجلس وفاء على البار المواجه للطريق. تفتح الباب بشكل نصفي. تلبس صدرية مزركشة و"سترينغ" وتفتح فخذيها للمارة في محاولة لإصطياد فريسة. تعاني كثيراً في أيام المطر والصقيع! تقتضي وظيفتها التحدث إلى الزبون وشرب البيرة معه. لا تمارس وفاء الجنس مع الزبائن أبداً. هذه الأماكن غير مرخصة كمراكز للدعارة. تذكر وفاء مرة زار فيها شاب "مشكلجي" البار. كان يضع صليباً كبيراً على رقبته. شرب 4 قناني بيرة ورفض أن يدفع. لا تذكر وفاء إن كان ذلك أثناء أو بعد الإجتياح الإسرائيلي بقليل. نظرت إلى الباب فرأت جيباً عسكريا متوقفا في الخارج. قالت له: لو كنت بمفردك لكنت أوسعتك ضربا! أجابها بصفعة قوية على وجهها ودخل شابان مسلحان وأغلقا باب البار. لم يسلم أحد في الداخل. صاحب البار وزوجته، ثلاث بنات، وشاب كان برفقة إحدى البنات، نال كل منهم نصيبه من الضرب. خرج الشبان كالأبطال واتجهوا بسيارة الجيب صعودا إلى شارع الحمراء. بعد عدة أشهر، اكتشفت وفاء هوية ذلك الشاب، هوية تلك الصفعة التي لن تنساها. رأت صورته في جريدة لم تعد تذكر إسمها. كان عنصراً القوات اللبنانية شاع فيما بعد أن مسؤول عن مجزرة صبرا وشاتيلا واغتيل بعد مضي حوالي عشرين عاما على المجزرة.

فتح الباب فدخل معين وكأنه خارج من مستنقع. خلع حذائه الذي كان يقطر ماءً. كان يرتجف من البرد.
- إفتح قنينة النبيذ، الليلة طويلة، وتحسبت لها جيداً، ستجد في الكيس 3 قناني نبيذ وقالب جبنة قشقوان.
- يبدو أنك مغروم فعلاً يا معين، أسمعنا.
- أين أياد؟
- ذهب إلى الجنوب.
- جيد! أنا أعرفك جيداً يا عمر وأردت أن أتكلم معك لأنك صاحب عقل كبير. لم أتكلم إلى مازن أو وديع لأنهما سوف يسخران مني.
- أنا دبلوماسي، مازن ووديع لا ينقصهم عقل يا معين. من تكون سعيدة الحظ؟ هل تتوقع صبي أم بنت؟
- أود أن أسألك سؤالا قبل الدخول في الموضوع. وفاء، جارتك، هل تحترمها أم تعتبرها إنسانة ساقطة!
- أنا أحترمها بالطبع يا معين وتكلمنا عن هذا من قبل. لا علاقة لي بعملها وأحترمها في نطاق علاقتي المحدودة بها. هل وقعت في غرام وفاء؟
- لا، أردت أن أتأكد. لقد تعرفت على فتاة رائعة الجمال. لا يمكنك أن تتصور أن هناك فتاة في بيروت بهذا الجمال. إنسانة لطيفة وبسيطة تختلف عن جميع الفتيات اللواتي تعرفت عليهم من قبل. رائعة باختصار. لكن هناك مشكلة، في الواقع مشكلتان. اسمها كاتيوشا وهي روسية الأصل وتتكلم الإنكليزية بشكل متواضع، هذه المشكلة الأولى. المشكلة الثانية أنها تعمل في "كاباريه"!
يأخذ قطعة من جبنة القشقوان ويشرب جرعة من النبيذ، يبدو أن معين إشترى نبيذا فاخراً. هذه الليلة لا تحتمل النبيذً السيء، يفكر عمر.
- دعنا نفكر يا معين بهدوء ودعنا نعود قليلاً بالزمن. كم مضى على معرفتك بكاتيوشا؟
- قلت لك أنني مغرم بها فما فائدة هذا السؤال. ألم تقل لي ألف مرة أن الزمن ليس معياراً من معايير الحب وأن الحب لا يقاس بالسنين؟
- بلى يا معين، معك حق. حسناً، لا أرى مشكلة في كون كاتيوشا روسية الأصل، أما بالنسبة للغتها الإنكليزية فأنت لست بأحسن حال. المشكلة تكمن في عملها. قلت أنك مغرم بها، أخبرني كيف تعرفت عليها وكم من الوقت قضيت معها. تكلم يا أخي ولكن بصراحة.
أخذ معين علبة السجائر، أخرج سيجارة، إشتم رائحتها وكأنه خبير سيجار كوبي. بللها بريقه وأشعلها.
- لم أرك يوماً تدخن!
- إلي شي أسبوع صديقي، "نسيت النوم وأحلامو"، سأبدأ من هنا. لقد مضى أسبوع وأنا أنام أقل من ساعتين في النهار. أذهب إلى الفرن في الساعة السابعة صباحاً وأبقى هناك حتى الخامسة. أذهب بعدها إلى البيت وأنام كالقتيل لساعتين. أصحو فأشرب فنجان نسكافيه. ملعقتي أكل كبار نسكافيه وملعقتي سكر وبالكاد أفتح عيوني. أشرب نصفه ويغلبني النعاس، يقع من يدي فأحترق وأقفز صارخا ككلب مسعور. أحلق ذقني وأستحم. ألبس ثيابي وأتوجه إلى الجنة، إلى عين المريسة لأرى كاتيوشا.
- يبتسم عمر، كاتيوشا، الوفاء للمقاومة يا معين! "عمبمزح، روق".
- أصل إلى مدخل الملهى الفخم. حارس يفوق طوله المترين يبتسم ابتسامة عريضة ويؤدي لي التحية فأعطيه خمسة آلاف ليرة وأدخل. أجلس أمام "البيست" على مقعد مخملي أحمر. أشعر أنني أملك الدنيا. لا يوجد أحد غيري في الملهى. تعلو الموسيقى وتتنوع بين العربي والفرنجي. "كاسيت العربي لمحسوبك، تقدمة من خيك معين". أمامي تقف طاولة مستديرة على ساق واحدة كبهلوان. ساق الطاولة بشكل ساق راقصة تضع في رجلها خلخال وتقف على رأس قدمها المثبتة بالأرض. ينزل الساقي صحنا من الفواكه فتشعر لمجرد رؤيته أنك تنحدر من سلالة ملوك. صحن ذهبي كبير يتوهج تحت أضواء خافتة ملونة فترسم على دائره إطار لوحة نابضة بالحياة. قطع من إجاص وكيوي وخوخ ودراق وليمون وحبات عنب وكرز وكل ما يمكن أن تشتهيه من الفواكه موجود في هذا الصحن على مدار المواسم. يشتعل كأس كريستال نصف ممتلىء بالويسكي الفاخرة على الجانب الأيمن من الطاولة. صخرة ملونة تقف على الحافة اليسرى يخرج منها دخان يميل إلى الزرقة، سيجار "كوهيبا طويل لخيك معين".
يفتح عمر قنينة النبيذ الثانية، يشعر بحاجة إلى كثير من الفواكه. يستأذن معين ويدخل المطبخ. البراد الصغير المتعفن والذي تفوح منه رائحة الرطوبة كفيل بإفقاده شهيته المفاجأة. يفتح البراد فيجد تفاحتة تآكل نصفها وبقي النصف الآخر سالما ولكنه يشبه بشرة عجوز جاوزت التسعين من العمر. يقطع النصف السليم ويحاول التخلص من القشرة الهرمة المتبقية. يقطع التفاحة المقشرة إلى عشرات الأجزاء الصغيرة. يضعها في صحن صغير ويعود على عجل.
- أتريد أن أكمل أم أعود غداً، يضحك معين مصدراً صوت شخير المعهود كلما ضحك. لدي فكرة أخرى يقول معين. ما رأيك أن أعرفك على كاتيوشا غداً؟
- كاس كاتيوشا، تابع يا رفيق!
- حسنا، ما أن تدق الساعة الثامنة حتى تخفت الإضاءة الخافتة أصلا وتضاء أرض "البيست" فتدخل "الأرتيستات"، هكذا يسمونهن. "كيف الحجال يا أبو عمير، هيك، بيوقفوا قدامك وبيوقف قلبك معن". يبدأ ال show ويأخذ صديقك معين سيجاره، ويسند ظهره على المقعد المريح ويأخذ يتأمل كاتيوشا. كاتيوشا أطول مني بعشر سنتيمترات، بيضاء البشرة، شقراء الشعر. تقف على قدمين من حرير وأنامل من ذهب. أشعر بالنار تشتعل في جفوني وأرفع عينايا رويداً رويداً كي لا أفقد اكتمال القدمين بالساقين. خصر حورية، خصر كاتيوشا. ينحصر فوق حوضها وكأنه يختتم لوحة اقتربت من الكمال حتى تتفلت منك عين فترفع فجأة لتكشف أسرار النهدين. تجلس كاتيوشا إلى جانبي. أحتضن أجمل امرأة عرفتها في حياتي. عيناها الزرقاوين وخدودها الممتلئة وشفاهها النابضة بالحياة. تنبعث من بشرتها الحريرية رائحة الحياة. تشعر أنك ستحافظ على شبابك مهما طال الزمن لطالما استبقيت هذه الحورية إلى جانبك. تحرقك كاتيوشا حين تحتضنها، تشعر أن ناراً صقلتها وما زالت مشتعلة في داخلها. تشعر أن سبابة يدك وجدت أخيراً خلاصها، خاصرة كاتيوشا.
- تصبح على كاتيوشا، انغرمت بها يا معين، واضح يا معين ولن أقول لك أن ما تشعر به ليس حبا. لا أستطيع أن أحكم. لا يحق لي أن أحكم وما أدراني. دعنا نعالج المشكلة. هل تعلم كاتيوشا أنك تحبها؟
- طبعاً تعلم، أنا أتحدث معها يا عمر. قالت لي البارحة أنها تحبني أكثر من أي شخص التقته، قالت لي أنها لم تحلم برجل بهذه الرقة. طلبت مني ألا أشتري الشمبانيا وأن أكتفي بالبيرة.
- "drink beer on bar, cheap".
- لا أحتمل رؤيتها مع أحد غيري. لذلك أطلب الشمبانيا! لا يوجد حل آخر حتى انقضاء الثلاثة شهور المتبقية. رفضت أن تأخذ سوار الذهب الذي ابتعته لها. طلبت أن أحتفظ به وأقدمه لها في منزلي. قالت أنها لن تعود أبداً إلى هذا السجن وأنها ستصبح لي وحدي إلى الأبد.
- لا يمكنك أن تفعل ذلك يا معين، ستنفق كل ما لديك من مال إذا لم تخسر الفرن. فلتترك هذا العمل وتحاول أن تتدبر أمرها في وظيفة ما. لا داعي لأن تعمل حتى، ما تنفقه أكبر من أي راتب!
- الأمر أصعب من ذلك ومعقد للغاية. كاتيوشا كمئات الروسيات والقادمات من أوروبا الشرقية لم تأت إلى لبنان لهذا العمل. جاءت لترقص في فرقة استعراضية لقاء 250$ شهريا ولمدة 6 أشهر. الفرقة الإستعراضية تتحول إلى "كاباريه" لحظة وصولها إلى بيروت. يصادر صاحب العقد أوراق سفرها وتصبح رهينة طلباته. يمكنها الإمتناع عن العمل ولكنها تحرم من معاشها المتواضع وتموت جوعا. لا تخرج من الأوتيل إلا برفقة موظف لدى صاحب العمل.
كانت تعمل في روسيا مدرسة للفيزياء وكانت قد حصلت على شهادة جامعية بدرجة جيدة، ولكن ضيق الأحوال المادية وإدمان والدها ومرض أخيها وعجز أمها أسباب دفعت بها إلى البحث عن مصدر مال إضافي. أخبرها صهرها الذي يعيش في منزلهم مع زوجته وولديه وشبه العاطل عن العمل أن لديه صديق في المافيا الروسية قادر على تأمين عمل جيد لها في لبنان. لم تكن قد سمعت قبلها ببلد إسمه لبنان ولم تكن تعلم أنها تمتلك موهبة الرقص! قال لها أركاشا أن العمل المتوفر يمكن التدرب عليه بسرعة وأنها سوف تتقن الرقصات المطلوبة في غضون أيام. أخبرها أن الزبائن الذين يرتادون العروض أناس طيبون وأن القنصلية الروسية تتابع أوضاع العمال الروسيين عن كثب وتهتم بكل حاجاتهم. علمت أيضا أن صديقه بوريا على علاقة طيبة بأحد العاملين في القنصلية هناك وأنه ينسق مع صاحب العمل الذي يدير العديد من قاعات الرقص. شعرت أنها ستكون نجمة في عروض إستعراض ستجوب أنحاء لبنان الشاسعة، هذا البلد الذي يمنكها فيه رؤية الثلج والبحر ولبس الثياب الصيفية والشتوية وتوفير مبلغ كافي من المال يمكنها إرساله لعائلتها. لم تعلم كيف أهدى الله أركاشا الذي لم يأت بعمل مفيد للعائلة طوال 5 سنوات. كيف جاء بهذه الوظيفة. هل تسامحه على تحرشاته الجنسية اليومية؟ تفكر كاتيوشا.

كان يعود مخموراً بعد منتصف الليل، يدخل فراشها القريب من باب المنزل، هذا المنزل الذي يحتوي إلى المدخل الواسع غرفة واحدة فقط. لم يقم بمضاجعتها أبداً، لم يقو على ذلك. كان كل شيء يحصل بسرعة. يخلع ثيابه، يأوي إلى فراشها لأن الأولاد نائمين بجانب زوجته. يداعب ثدييها، فتدير ظهرها وتلتف حول نفسها في وضع جنيني. لا تنطق بكلمة فأختها التي اتهمتها مراراً بإغواء زوجها سوف تطردها من المنزل. لا تنطق بكلمة ولو واحدة لأن أركاشا كان يرتعش فور ملامسة قضيبه لقفاها ويجلدها بسيل من نار لزجة! يتعالى شخيره في لحظات. تستحم وتشرب قهوة ما بعد منتصف الليل. تجلس على حافة الفراش. تنظر إلى أركاشا ثم تنظر إلى السكين الذي يضعه على الطاولة قرب المدخل. هذا السكين الملوث بالدماء. لم تره يوماً نظيفاً. لن يلوثه مزيد من دماء أركاشا أو حتى ناتاشا، تفكر كاتيوشا. تشفق على طفليهما الصغيرين، فقط لو كان معها المال الكافي لحملت يورا وداشا في منتصف الليل وخرجت. لا، لو معها مال كاف لوضعت أمها وأخيها في المشفى ودفعت قليلا من الأوراق الخضراء لأحد أصدقاء أركاشا كي يقتله ويقتل زوجته ويقتل والدها. كانت بحاجة إلى المال!
- والراتب هو مقابل الرقص في "الكاباريه"!
- الرقص ومسايرة الزبائن، إلا إذا طلب زبون قنينة شمبانيا وحينها تحصل على 15$ لقاءها. تباع قنينة الشمبانيا ب 150-250$ وتعني أن الفتاة ستجالس الزبون طوال الليل وتخرج معه في النهار التالي لمدة ساعتين "وفهمك كفاية".
- هل خرجت برفقتها؟
- أطلب الشمبانيا لأجلس معها حتى الفجر ولكني لا أريد أن أخرج معها. لا أريد أن أشعرها أنني اشتريتها. لا أريد أن أشعر بذلك.
- لماذا ذهبت إلى هناك أصلا يا معين؟
- لا تسألني، لا أعرف! ماذا يجب أن أفعل؟
- لو كنت مكانك يا معين لأخبرت كاتيوشا أنني أريد التوقف عن رؤيتها حتى انتهاء العقد وبعدها يمكنك رؤيتها حتى لو سافرت إلى روسيا. لا يوجد حل آخر. لا يمكنك الإستمرار على هذا النحو! إدفع لصاحب الملهى يا أخي. قل له أنك مستعد لدفع ضعف راتب كاتيوشا فيسمح لها بمغادرة العمل.
- يجهش بالبكاء، أحبها يا عمر، أحبها! طلبت منه ذلك، ويأخذ محرمة يمسح بها دموعه. قال أن كاتيوشا أغلى من الذهب وأنها ستعمل عنده لسنوات طويلة.
- "جرب البولونية، طيبة"... تجلس مع كاتيوشا كل يوم، لم تجرب الرومانيات بعد، ستنسى الكاتيوشا وجميع أنواع الصواريخ!
- يضحك عمر، "كاس إم الما بحبك يا معين"، هل نسيت منى يا معين؟
- هيه هيه هييي.
يضحك معين من قلبه، تشعر وكأنك ترى ذلك القلب الكبير يرقص في صدره. من أنت يا معين؟ يتساءل عمر. كيف يستطيع هذا الإنسان الضحك؟ كيف يتغلب على مأساته؟ هل هو الكذب المتواصل؟ هل يصبح الحقيقة الوحيدة ويستحيل كل ما حوله كذباً؟ - للمرة الألف أقول لك... لم تكن تستحقني، منى لا تعرف الحب. أنت تعرفني، أنا لا أكذب. أحببتها بصدق! .
الأجزاء السابقة

Wednesday, August 01, 2007

السجينة



تنفض عنها بقايا شهور طويلة
تفتح عيناها
تبصر النور بعد مخاض عسير
تفتقد دفىء سجن رطب صغير
سجن صنعته على حجم جسدها
ترى السجان
تبكي، فتغفر
كانت تتنفس تحت الماء
تشعر بخوف كبير
تسمع أصواتا صاخبة
تميز بعضها
تتذكر
تغرق عيناها بالدموع
تحس بمرارة
خرجت إلى السجن الكبير

Tuesday, July 31, 2007

دوائر


الحب رغبة جامحة، دائرة مفرغة
وجدت لتخرق قوانين الطبيعة
الحب لا يخضع لقوانين الفيزياء وعلم المنطق
هو غالبا تقاطع صدف غريبة

كأن كرة على سبيل المثال
كرة بلا شكل أو حجم أو ثقل
ولكن بها عزم وطاقة
شيء كامن في داخلها
يجعلها تنطلق بسرعة مجنونة
فتاة مجنونة
ترتطم بحائط، شاب أبله
ترتد إلى حيث أتت
نعم إلى حيث أتت، فهي لا تخضع لقوانين الطبيعة
عزم وطاقة، عزم لا يتلاشى
تعيد الكرة
برغبة جامحة
ككرة مجنونة
أو فلنقل، فتاة عاشقة

Tuesday, July 24, 2007

طقوس

أنظرك يا سحر جنوني
يا شبح أفكاري يطاردني حين يكتمل القمر
يا بركان جليد يسري في عروقي
يتجمد عقلي، أستحيل مسخا أكره نفسي

أدخل كهفي
أهرب من أنا لأجدك
فأرتمي يتيما بين يديك، أنت التي تخشين الأمومة
طفلة لا تستطيع أن تربي اثنتين

ترتعبين فأعشقك، ترفضينني فأعبدك
وأهوي مسيحا مكبلا عليك يا صليبي
أتخبط مضرجا في دمي
أنتظر اليوم الثالث، اليوم الثالث لن يأتي

الصمت مطلق، الصمت مخيف حين يتوقف الزمن
لا بل حين توقف الزمن
حين نظرتك للمرة الأولى
واكتمل القمر، واكتمل جنوني
وبات ألمي مطلق الوجود

.

Wednesday, July 11, 2007

II دفاتر عاشقة

...كتابة
إن لم يكن بإمكاني أن اكتب من قبل، فهذا لأنني أقرأ كلماتي عندما تنهمر على سطوري. الكلمات تفقد قدسيتها وماهيتها بعد أن تمر العيون فوقها لتراقبها. لا بد من فترة التخمر والرقود لتعود فتستيقظ عند احد المشاعر أو الزوايا
سأكتب دون أن أنظر لما يخط قلمي، علني أجد ما أردته بين أوراقي المنسية...
...وحدتي
وجدتها دون قصدي...لم تكن معي ولم أكن أعني ماهية ان تكون مخبأة في زوايا الضحكات والدموع، في دخان السجائر وفي نظرات العيون
...شوق
بعيدا عن كل ما يمليه عقلي...وبعيدا عن القيود "العلائقية" ... ما زلت أشتاق إليه، أشتاق لسماع صوته، أحتاجه


I دفاتر عاشقة

Tuesday, July 10, 2007

...خايف

Get this widget | Share | Track details

!بيني وبينِك

رأيتك تأتين في الأفق البعيد
بتوهج وحرارة تقوى على العين فتغيب

عرفتك
عرفتك في مخيلتي الجميلة

عرفتك طفلة لن تعرفيها
عرفتك فكرة لن تدركيها
فبينك وبين مخيلتي ضباب
لا تبدده صراحة ولا كذب

ضباب، منه نحن ومنه الفراق
،نجاريه فنحيا، نعيش ليوم
لا يغيبه إلا ضباب

Tuesday, July 03, 2007

كلمة...روح

فجأة أمسكت القلم لأكتب أليك دون ترتيب او تعمد وبعد أن أنهيت الكتابة تسمرت عينى على نتيجة الحائط لأكتشف المفارقة الغريبة ، أمس مر عام على أول تعارف بينا .. تساءلت أي هاتف دعاني لأكتب إليك الآن !هل هي مصادفة ! هل بداخلنا شيء ينادينا دون أن ندرى لما نحاول طمسه من قلبينا !! ومر بى خاطر تُرى مازلت تتذكرني ؟ أم انك تناسيت ما كان !هل تذكر ؟ أول تعارفنا كلمات كقطرات ندى رطبة منعشة على خد الفجر الغافي بانتظار البزوغ تيقظه بحنان فيفتح عيناه وقد أرسل من جفونه المتثاقلة بريقا فضيا وأشرق وجهه نورا يملأ الكون كم عشقت كل لحظة جمعتنا واحتوتنا وضمتنا بحنان رغم صراخ المسافات وأنين البعد فأنا هنا وأنت هناك على مدى الأفق البعيد كل ما كان يربط بيننا ويجمعنا كلمة نعم بدايتنا كلمة انسابت قطرات وتجمعت كلمات وأصبحت رباط مقدس يوثقنا لِمَ فصمت عهدنا ! َما زلت أتذكر حين سألتني مرة " هل الكلمة تموت ؟ !أجبت عليك يومها أن الكلمة روحُ .. والروح لا تموت.هل تذكر؟ وظلت الكلمة بيني وبينك روحاً سكنت الدفء فوق مهد القلب مرت الشهور مراً سريعاً حملت الحب وأنجبت وليداَ أخضراً ترعرع بيننا نًمتْ الكلمة وضربت جذورها بأعماقي وأصبَحَت وتداً يصعب اقتلاعه وامتد يطاول السحاب واعتلت فروعه أوراق وأزهار الحب والعشق والأمل لم أتخيل لحظة ان تلك الشجرة الوارفة الظلال التي أظلتني واحتوتني سيأتي يوما وتقتلعها ريح صرصر عاتية تقتلع كل شيء من جذوره ماتت فرحتي على شفتي قبل ميلادها وضاع كل شيء فجأة دون سابق إنذار تخيلت بالبداية أنها موجة غضب ستمر بسلام لم أتخيل أنها إعصاراً يجرف كل شيء أمامه للآن أتساءل ماذا فعلت وماذا جنيت ؟ ولم هروبك الصامت الفجائي القاتل ؟ لماذا بعد أن وهبتني نفحة الأمل والإشراق بعد الظلمة خذلتني و بعد أن قذفت لي بطوق النجاة وأرخيت لي الأمان قطعته لتجرفني أمواج الضياع و يفلت من يدي كل أمل للنجاة لماذا انسحبت وتركتني لمد الأحزان يلاطمني بقوة ويجذبني لقاع النهاية؟! هل ندمت ؟ أم هربت ؟ أو جبنت ... أم ! أم ! كيف هانت حياتي التي وهبتها لك بعهد ربط بيننا لماذا تركتني أضيع بين أمواج سوداء مظلمة قاسية لا تعرف الرحمة !لا اصدق أنك تملك بداخلك كل تلك القسوة لا فأنت أبعد ما يكون عن القسوة لا اصدق !! هل قررت قتلى ؟ لا .. فأنت لا تعرف الطعن والقتل لا اصدق أنك تعرف الغدر والخداع فمازلت بعيني وجه الصدق وروح الطهر ومازالت روح كلماتنا باقية داخلي تدفعني للمقاومة والتشبث بالأمل أما قلت لك أن الكلمة روح ..والروح لا تموت .. لا تموت لا تموت
من...صديقة للمدونة
.

Thursday, June 21, 2007

أنت منذ الآن غيرك! يوميات، محمود درويش

أهل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا
لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟
وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء
أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك
أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة
المُتعالي، وغطرسة الوضيع
أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك
أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف
أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل
الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ
المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة
تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد..
ولأنَّ جنديَّةً
أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟
لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد،
ولا اسم النبي الجديد
ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا
أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا
بأيدينا لئلا ننسى
مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة!
قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً
هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: "الله أكبر" أنه كافر إذ يرى الله
على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟
أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم
يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه
رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل
ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين
وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما
حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟
لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة.
الدخول
مجاناً! وخمرتنا... لا تُسْكِر
لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة
لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة
"أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ"
هذا
هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام
من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟
بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك
لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني
أنصارهم العلمانيون،
وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون
سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في
الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟
قُلْتُ: لا يدافع
وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟
قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!
لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في
مقدمة ابن خلدون
أنت، منذ الآن، غيرك

.

Tuesday, June 19, 2007

هي أنتِ

هي امرأة شرقية فاحذروها
هي مرأة ولكن في رحمها حملت الأنبياء
وعلى إيقاع نبض قلبها شيدوا حضارات
لا بل طعموا حضارة الأم
ولكنهم لم ينصفوها
أدخلوها عصر ظلام أزلي
حملوها كبتا وكثيرا من التضحيات
حملوها ألف ليلة وليلة وأكثر
وجاءت شهرزاد فاحذروها

.

Friday, June 08, 2007

حرية

يعيش على قارب خشبي هرم
يطوف في بحر من زئبق
يشعر بدوار مريع، ينحني

الزئبق بارد كالثلج
يغمض عينيه
يتمنى أن يدخل رأسه في الزئبق
يرفع رأسه، يتذكر، الزئبق سام

يطرح نزواته جانبا
تلتطم بأرض القارب كحذاء، يدوس عليه
يطرق مفكرا في زئبقية الأفكار
تستهويه فكرة صديق له حين كان في الجامعة

"حين تسقط جميع الضوابط يسقط معها معنى الحرية"
والحرية تلك، ما هي إلا المتعة
والضوابط تلك، ما هي إلا السجان!
يتصبب عرقا بارد
يتألم، لا يفهم

يتذكر آخر لقاء له قبل رحلة اللاعودة
قالت له أمه، فريدريك صديقك أدخل مصحا عقليا
قال الطبيب أنه يعاني جنون العظمة وأمراض نفسية أخرى

وما أدراه هذا الطبيب المتعجرف، أجابها
قالت ما لنا وله… وتابعت، متى تزور صديقك
حين يحبن الأوان... قال
قبلها على جبينها ورحل


.

Wednesday, May 30, 2007

!في ظروف استثنائية

لا ينام كثيرا هذه الأيام، تؤرقه ظروف استثنائية يمر بها لبنان، يفكر...لو قدر لبيروت الجزيرة أن تصبح كذلك فعلا، لو قدر لطوفان ان يمحو كثيرا من قاطنيها، لو قبلته عشيقا أوحد، فهل يزول أرقه
يضيع في غمرة تساؤلات تقض مضجعه، إذ لم يفكر يوما أن يترك هذه المدينة، فكيف به يتركها بين أيدي من نشأوا على حلم اغتصابها واغتصاب حلمها بأن تبقى هي أجمل مدينة وأجمل زقاق وأجمل منزل وأجمل امرأة تعشق لقاءها
لا ينام كثيرا هذه الأيام، فبين السياسة وقادتها أو قواديها في بلاده هوة لا يستطيع أحد ردمها، هوة قادرة على ابتلاعه وابتلاع احلامه، تنغصه ظروف استثنائية
ظروف استثنائية نشأ فيها فتجاهلها، كبر في خضم تداعياتها وما ظن يوما أنها آيلة إلى زوال ولكن شعورا بالغصة ظل يرافقه حتى كاد يقضي عليه
ظروف استثنائية حولت كائنات طفيلية وحفنة مجرمين ومشاريع فاشلة لأشباه قادة، وحملتهم مفاتيح سعادته ومآسيه
ظروف استثنائية لا تشبه شيئا إلا قوانين حالة الطوارىء في بلداننا العربية. ظروف استثنائية تقهر كل ضد وكل معارض في شتى المجالات حتى لو لم يكن ناشطا سياسيا أو حقوقيا. ظروف استثنائية تدخل غرف نومنا وحياتنا اليومية، تقهر كل فسحة حرية أو لحظة حميمة فتقتحم رأسك لتخرج من لسانك ولا تلبث أن تسمه خربشاتها خلف أذنك
لمن يترك بيروت؟ يتركها لأبطال الصراعات العربية الاسرائيلية، أو لحملة مشاريع تفتيتية لبقعة لا تكاد ترع بالعين المجردة على خريطة كوكبية
لمن يترك أحلامه؟ لسلفية تتسلل لتغتصب قضية شعب ملعون، شعبان، أو شعوب. تغتصب قهر شعوب بعدما أنهكتها أنظة البؤس والإستبداد وفي أحسن الأحوال أنظمة الفساد والقواد؟ يترك أحلامه لهجمة قاعدية تعشق الجاهلية ولا تعرف منها سوى خصائص تخلف
لا ينام كثيرا هذه الأيام، تؤرقه مآسي التشرد القادم من الشمال، خلف النهر البارد مآسي عظيمة لا يراها كثيرون. خلفها طفل يبكي، وامرأة تشردت للمرة الثالثة أو الرابعة وتدرك في داخلها أنها لم تستقر يوما...تشردت آلاف المرات. خلف مخيم فلسطيني مكتض بالأبنية والأزقة، خلف فقر وتهميش وبؤس، قصص لا تنام، قصص أنين وحنين
لا يفهم كيف يكون أولئك سببا في خراب هذا البلد. يسمع كثيرا هذه المعزوفة مؤخرا، تؤرقه؟ كيف يحدث أن يرمي شعب بمقذوراته على شعب آخر؟ كيف يحدث أن يرمي جار من شرفته بمقوذوراته على الشارع؟ ألا يخشى إيذاء المارة؟ لا يكترث، تعلم ونشأ وكبر في ظروف استثنائية
شرب فنجانا من شاي أضر، دخن كثيرا، وفي خضم مأساته قرر أن يتصفح بعضا من المدونات الإلكترونية. اقتحم حياتات أشخاص خولوه ذلك بملىء إرادتهم فجال في حدائقهم وتناسى همومه إلى حين. أضاف بعض تلك الوصلات على مدونته في الزاوية العليا من الصفحة فعلكم تستمتعون بتصفحها. كتب بعض سطور وغلبه النعاس


هل تسمعين عوائي
يا أنت
يا أيتها القابعة في الظلام
أسمع عوائي، يوقظني من جحيمي لأتنزه في جحيم آخر
لا أدركه، فإدراكه مستحيل لذلك أتذوق جماليته أكثر فأكثر
أنصهر بمادته لتصبح مادتي حين اتناولها وتغرق في جحيمها حين أنام في جحيمي
حين أصبح الأذن العملاقة، ولكن صماء
لا يخترقها حتى عواء الذئاب حين يكتمل القمر
عوائي، عواء الأنا القابع في الجحيم
تسكنني ألف عاهرة
أنهش نفسي، أتغذى عليها
أتذوق ضعفي وأترك لك بعضا منه فطعمه لذيذ
أتركك الآن لتغرقي في صخب أكيد فهو في الداخل
إذا أن كل شيء خارجك فراغ حتى تتناوليه،
فتناوليني

.

Sunday, May 27, 2007

A REPLY WITH ANSWERS!

A REPLY WITH ANSWERS! a reply to Who's Behind the Fighting in North Lebanon? by lamb from counterpunch.com

Fateh el-Islam and the Hariri link, the Welch club, Jund el-Sitt, conspiracy theories that may turn true but all of that runs 24/24 on al-Manar, 4/24 on al-Jazeera as they have to work on several fronts, don't know about Syrian TV as I have some work to do! (the whole scenario, not to forget is a Seymoou Hersh-New Yorker- copyright, a potential spiritual leader of anti Bush affiliates)
To make a long reply short, I am not affiliated with any 'political' group in Lebanon, doubt that such groups exist. To add more to my problem, I do not respect any of those factions, confessional groups and their leadership and this feeling is a cross cutting one that runs across the country and goes further into other non-Lebanese groups and they are many. Do not get me wrong, I am not talking about the people, if there are any left as independent creatures. And this does not apply to 'poor' women and children and poor may be rich here.
Again, my argument is so simple. I do not care who is behind the current scenario as it makes no difference! What you read about the club may be true, it follows logically. What runs 24/24 on pro government media may be true too, the axis of evil and so forth. It makes no difference!
Welcome to the Middle East and North Africa, to the globalization of fear, terror and the open wars between the US and al-Qaeda. You are the herd, meaning the people, yet you don't know it. Those wars that run on the surface, the axis of evil, the club, the March 8, the 14th, the Palestinian factions, the Syrian Intelligence, The other Arab and International watchdogs ...all knowing or not, they all serve one goal. Terrorism, a mutual process, mastered by the CIA, al-Qaeda and coordinated by Ministries of Interior across the region. This is the war of the century; the 'WOT' and its short term objective and goals have been attained. Namely, drawing the geographical context where war can proceed and escalate, terror can hit, human rights abused, thought abolished...and so forth, BUT, what guides the game is the geography. The battles runs anywhere from Morocco to Iran across MENA and only in MENA. Is this a game?
I don't think so. What is this war about? Who are the only world powers and the sole players? The US and al-Qaeda unfortunately! Some say Europe or China but I doubt they can provide a case for that. Now that they have the battle ground ready, the battle running, they are on their way for their goals. Are they allies, is the US the mastermind of al-Qaeda, yes and there is much more to that, but this case does not hold anymore. Al-Qaeda, an idea, pushed out of every other country especially in MENA, went global and became the most sophisticated armed ‘groupS’ ever with no real refuge, a Bedwin identity coupled with muscles and information technology. I will not go through this as you may have a very good idea about it. As for the US, the same applies at least at the level of decision. An amateur cowboy looking forward for any useless absurd battle, Mr. Bush and the Globe. But could Fateh el-Islam be a Qaeda group?
All the signals, irrespective of the lull among factions of the country about its identity, show that this group of Nahr el-Bared- with compassion and affiliates in the North poor districts- is! Nothing except Arab Nationalism brought separate Arab nationals in one group or one fight. Arab Nationalism, however is an expired commodity and you all know that. And perhaps, the Muslim groups/ideologies be it militant Islam or liberal one failed to reclaim a regional cross national identity and this is main reason behind the growth of al-Qaeda coupled with the corrupt Arab regimes. What brings me to all this is the diversity of Fateh el-Islam. Almost all Arab nationalities in addition to other Muslim non-Arab nationals are part of the group. Whoever funds the group or funded it or made arrangements for it grow- be it the ‘club’ or Syria for both groups reasons- does nopt have the say on the groups future. Anti Soviet al-Qaeda, brain child of a Saudi-US project is nothing but a perfect example. Again saying Fateh el-Islam is an al-Qaeda group means an affiliate, which looks at al-Qaeda for inspiration. But wait, does Syria work with such groups or use them?
Anwar al-Bunni, a Syrian human rights activist among others was sentenced to 10 years imprisonment in Syria recently. He undermined the national sentiment! That was the sentence, but how? Al-Bunni claimed that most of the announced clashes between Syrian intelligence/army special units with Islamic groups in Syria aim at undermining any mobilization for internal change in Syria and sending a message for civil society as well as external actors that Syria can become a refuge for such groups if the regime falls.
Does it make a difference? The who’s who? Actually, no. Where does all this leave the country? Guess you know it, right! War is one suitable answer. Civil War and sectarian strife that begins with late 70’s –camp wars, 80’s war- booby traps or the new Iraqi scenarios. We have seen the Arab university clashes, the kidnap and kill memory digging and the ‘makers of opinion’, warlords and ‘heroes’. Who is to blame? Fateh el-Islam, Harriri, Syria, Junblat, Nusrallah… or the people? How does it end? Either within months and 1000s of killed, mainly civilians, and an international-Arab intervention with a new constitutional amendment, a new Taef, worse than the one before or the same solution but after years to come and linking Lebanon once again to regional turmoil and oil!
.

Friday, May 25, 2007

ت أنوثة

لم يسمع أزيز الرصاص
لم يكترث لانتحاريين كانوا يجولون في الشارع
سمع بعض انفجارات قوية
نظر إلى عينيها الهاربتين
أراد أن يأخذ وجهها بين يديه
شعر بحاجة لاعتصار شفتيها

طبع القبلة على شفتيها
هل أغواه هروبها
أم أنه كان يسبح في فضاء آخر

كان يسبح في زمن آخر
أخذته فكرة أن تكون جالسة على مكتبها
أن تكون اخترقت زمانا ومكانا آخر
أن تبتسم فجأة
أن تحمل حقيبتها وتهرب

هربت ساعية بين الرمال
رقصت حافية القدمين
كانت تتنفس حرية
غلبها النعاس وهدير الأمواج
.

Wednesday, May 23, 2007

!على الأبواب

تلامس أذنه همساتها
تدركه كوقع أرجل فرس على أرض صلبة
يراها تنتظم في إيقاع غريب
تسرق دور طبول الحرب، تقرعها
يعشق الحرب ولا يدري لماذا يرتجف
عله يخاف الحرب المعلنة
عله يخشى انتهاءها
يفضل حربا أزلية تجري وراء ضباب كثيف في عالم آخر
يحملها آلام عالمه ومشاعره
يراها تعانقها وتزيدها ألف مرة
عله يعاني شذوذا يتخطى هذه الحرب الضروس
شذوذا يجعله يكسر حاجز الزمن
فيعانق الجيوش الرومانية، يعانق نيرون
يعانق فكرة حرق الأفكار بدل مواساتها
بدل طرحها حبراًعلى ورق
يدرك أن كل فكرة جالت يوما في خاطره تطرح تاريخ ألف حربٍ وحرب
يدرك أنها تحمل حلم ولادة حروبٍ أخرى
يدرك أن أوراقه ليست سوى إعلان وفاتها
يود لو يتحلى ببعض الشجاعة

.

Saturday, May 19, 2007

!في الكبت والحرمان

أن تمشي في شوارع بيروت
أن تتنفس حرية
أن تعشق في اللحظة آلاف النسمات
أن تشعل صدرك رقصات قلب عفوية
أن تبني قصرا من رمل تنتظر فيه حورية
أن تسرق حلما يتهاوى تحت أمواج عبثية
أو دموع أجمل حورية

لماذا تعيش؟
لماذا تعيش داخل شبكة عنكبوتية؟
لماذا تفكر، لماذا لا تطلق العنان لهفوات طفولية؟
هل فات الأوان؟

لماذا تكمل؟
تحترف سرقة اللحظات
لتنحت في الكبت الإلهام
وتعشق نعمة الحرمان
لتدرك طعم الحرية

.

Friday, May 18, 2007

حكايات من بيروت- الجزء الثالث

يعاني أياد الكثير من الأرق ولا ينام سوى أربع أو خمس ساعات يوميا. يقضي معظم وقته في الشقة والعمل بقراءة كتب الفلسفة القديمة، خاصة تلك التي يصعب فهمها إلا لقلة قليلة من ذوي الطاقات المميزة، أو بتصفح المدونات والمقالات الساخرة على الإنترنت أو في تجميع الصور الخلاعية ومقارنتها. كشف لعمر مرة أن مجموعة صور لفتيات يرتدن الجامعة الأميركية ويمارسن السحاق في إحدى غرف السكن في الحرم الجامعي ليست سوى فبركة لصور من موقع روسي يروج للدعارة عبر الإنترنت.

. يتكبد أياد مشقة كبيرة في الوصول إلى هذه المواقع وخاصة في الجامعة إذ أن إدارة الجامعة تفرض رقابة على المواقع "المشبوهة"! تستخدم الجامعة برنامجا يعتمد مجموعة كبيرة من الكلمات المفتاحية، ويعمل البرنامج على كشف هذه الكلمات في أي بحث على الشبكة ومن ثم حجب الموقع المطلوب. وهذا البرنامج الذي ما زال مستخدما في معظم البلدان العربية باستثناء لبنان وقليل من البلدان الأخرى هو برنامج لا يضع رقابة فعلية على الشبكة. هو بالمفهوم التقني ساقط إذ يمكن التحايل عليه والوصول إلى المواقع المطلوبة عبر وصلات غير مباشرة من مواقع أخرى. ففي سوريا مثلا تم حجب موقع البريد الإلكتروني "هوتميل" على خلفية أنه الأكثر رواجا ويتيح التواصل كما الدردشة على الشبكة. لكن الدخول إلى الموقع المذكور في سوريا مثلا يمكن أن يتم عبر الدخول على مواقع موازية بلغات أخرى. فيمكنك الدخول على سبيل المثال عبر موقع البريد الأسباني وفتح بريدك من هناك. ثم أن المفعول الجانبي لهذا البرنامج وأمثاله يكمن في أنه يحجب مواقع غير "مشبوهة" تحتوي على معلومات طبية أو تنموية أو غيرها. و"المشبوهة" ترمز في الثقافة العربية السائدة أو ربما في الثقافات السائدة في العالم العربي إلى مجموعة الأنشطة التي تروج للجنس وملحقاته أو الأفكار السياسية المعارضة أو حقوق الإنسان. تلك الأنشطة الدخيلة على مجتمعاتنا أو نتاج صناعة غربية وهي بالطبع موسومة بالتبعية للغرب أو التعامل معه وخارجة على "الإجماع" ومشبوهة. في السعودية أو تونس مثلا يمكن أن تبحث عن موضوع طبي يخص ذوي الحاجات الخاصة - تعبير يستخدم عوضا عن المعوقين - على سبيل المثال فيتم حجب الصفحة لأنها تحتوي أسماء جمعيات حقوقية ناشطة في هذا المجال فضلا عما يصيب المرء من غثيان نتيجة بطء البحث بسبب المراقبة. في لبنان يصيبك الغثيان نتيجة بطء البحث على الإنترنت ويعود ذلك إلى احتمالين. الأول يضمر سوء النية تجاه المؤسسات المسؤولة فيضعها في دائرة الفساد والثاني يتهمها بالغباء. فما يسمى بالتنزيل (download )- في عالم التكنولوجيا بطبيعة الحال- لا يخضع لمراقبة أما تحميل أو إرسال المعلومات (upload ) فهو يمر حكما عبر شركة الإتصالات. أما المنطق وراء هذه الرقابة المتواضعة فهو إما المراقبة الأمنية المختصة بمراقبة المعلومات الحساسة المرسلة من لبنان وهنا لا بد من التساؤل حول معنى المعلومات الحساسة في بلد بوزن لبنان أو انعدامه – الوزن - وكيفية القيام بذلك! أما احتمال الفساد فيكمن في حصر التواصل بالشبكة العالمية عبر شركة الإتصالات ووزارة الإتصالات ما يوفر عائدات وفيرة على حساب حرية الوصول إلى المعلومات وتسهيلها. يحاول عمر عبثا أأن يفتح بريده الإلكتروني ولكن الحظ لا يحالفه، فبعد الإنتظار المضني والمحاولات المتكررة لفتح الموقع الرئيسي، اكتشف أنه نسي كلمة المرور وفقد بالتالي بريده. بعد سيل من الشتائم جلب عليه الكثير من االنظرات "المشبوهة" أو المشتبهة بكونه" مشبوه" –بعض الشتائم لا يجوز استخدامها في العلن بل يجب حفظها في قرارة النفس أو توفيرها لأوقات الشدائد وخاصة تلك الشتائم المتعلقة بالعرض أو المعتقد- قرر عمر الخروج لتدخين سيجارة. السيجارة تعني تنفس الهواء المنعش لخمس دقائق متتالية وتعني أيضا انقضاء وقت مقتطع من ساعات العمل وتشتيت لفترات الملل. يدخن عمر كما إياد بمعدل سيجارة إلى اثنتين كل ساعة تقريبا أيام الأسبوع باستثناء يومي السبت أو الأحد حيث يقضي كل منهما معظم الدوام بتصفح الإنترنت أو قراءة بعض الكتب مع تدخين 4-5 سجائر في الساعة أما القهوة فحدث ولا حرج.- يشعل عمر سيجارته، يأخذ نفسا عميقا ثم يخرجه من أنفه.- دخن عليها تنجلي... - يلتفت إلى يساره فيرى وديع قادما من جهة كنيسة الجامعة- أسمبلي هول.- أهلا، كيف أخبارك؟- ملل ولا يوجد أحد بالبيت، خطرت على بالي، ركبت تكسي وجئت أزورك.- وديع... أريد أن أقرأ لك بعضا من كتابات أستاذ كبير.- إقرأ يا صاحبي. تلامس أذنه همساتهاتدركه كوقع أرجل فرس على أرض صلبةيراها تنتظم في إيقاع غريبتسرق دور طبول الحرب، تقرعهايعشق الحرب ولا يدري لماذا يرتجفعله يخاف الحرب المعلنةعله يخشى انتهاءهايفضل حربا أزلية تجري وراء ضباب كثيف في عالم آخريحملها آلام عالمه ومشاعرهيراها تعانقها وتزيدها ألف مرةعله يعاني شذوذا يتخطى هذه الحرب الضروسشذوذا يجعله يكسر حاجز الزمنفيعانق الجيوش الرومانية، يعانق نيرونيعانق فكرة حرق الأفكار بدل مواساتهابدل طرحها حبراًعلى ورقيدرك أن كل فكرة جالت يوما في خاطره تطرح تاريخ ألف حربٍ وحربيدرك أنها تحمل حلم ولادة حروبٍ أخرىيدرك أن أوراقه ليست سوى إعلان وفاتهايود لو يتحلى ببعض الشجاعةالأحد، 17 أيلول 1995 - ذهبت الحرب إلى غير رجعة يا عمر وأنت تريد بعثها.- بعثها يا وديع، طلبت منك ألف مرة إسقاط هذه الكلمة من قاموسك. قلت لك أن القصيدة لأستاذٍ كبير، والحرب يا وديع تنام في النفوس، أتعلم كم الظلام الهائل في النفوس، هناك ترقد وما أن ترى بصيص نور تثور لتولد من جديد.- أنت أكبر أستاذ يا صاحبي والقصيدة عمرها أكثر من عشر سنين! والحرب ذهبت إلى غير رجعة "والسلام بكل المنطقة جايي".- جايي مع الشعب المسكين، يا مسكين يا وديع!.

.

!أمة النساء

أنا لست سوى الطفل في مهده
لكنك اندسست في فراشي
إلتهمت براءتي وأعطيتني بضع لحظات نشوة
لم تعلميني العوم فغرقت في بحر لا متناهي
فيكي يا كل إمرأة
بحر يطوف في رحلة ضوضاء النهدين
ويرتاح في مضيق متعدد الأشكال والألوان
يدخلني عصر النسيان
يجعل عقلي غليظا
لا بل أحس بثقل لحم أفكاري

لحم مالح لن تهضميه
حينها، ترمي بي فوق أقرب جزيرة
فأنت أصبحت ضعيفة بعدما التهمت براءتي
تحولت مسخ جنونك

شبحي يضاجعك حين يكتمل الصمت
حين يكتمل القمر
حينها، اعوي كذئب مسعور
أعوي من شدة الألم
أوقضك من سباتك حين تنامين في أحشائي
فهناك تقطن أمة النساء

يا إمرأتي، يا وجعي
يا أنت تكبرين في داخلي
فأنتفخ يقطينية وأدخل كهفي
يتعالى وقع أنفاسي، وأنتظر الولادة من جديد
.

Wednesday, May 16, 2007

حكايات من بيروت- الجزء الثاني

أدار ظهره لمكتبة يافت في الجامعة الأميركية في بيروت، جلس على المقعد الخشبي الأخضر. سمع جرس ساعة الكولدج هول. الساعة الآن السابعة صباحا. أشعل سيجارة، نسي أن يشتري بقية العدة. فنجان قهوة من تحضير إم ناجي. لا يعرف ماذا يفعل؟ هذه ورطة حقيقية يفكر أياد؟ ما من متعة تفوق شرب القهوة المرة مع سيجارة الصباح، ولا تكتمل هذه المتعة إلا برؤية البحر والجامعة من هذا المقعد على وجه الخصوص. شعر بمرارة. يخاف ترك المقعد للحظة خشية خسارته، فكيف بالصعود إلى شارع بلس وطلب فنجان قهوة والغرق في حديث مطول مع إم ناجي عن البلد والمنطقة والسياسة الخارجية الأميركية
.
- قهوة صديقي!
- تأتي المعجزة الإلهية فيشعر لوهلة أنه شخصية في فيلم سينمائي. بحر بيروت، وهذا المشهد الجميل، الدخان المتصاعد من سيجارته ورأسه يرسم غيوما بيضاء في سماء غابة الجامعة الخضراء، المأساة التي يعيشها بطل الفيلم، الحيرة، المرارة وفجأة هذا الصوت الذي يأتي من العدم. المشهد، الشخصية، المأساة والنهاية. قصة ممتازة وحبكة سلسة تنتهي بنهاية سعيدة.
- "بدك قهوة يا أياد، شو قصتك سرحان".
- "بعصتني"، كنت أظن أن الفيلم انتهى، يبدو أنه أطول مما ظننت، شكراً على القهوة بجميع الأحوال، "sit down ya man".
- متى تتوقف عن أحلامك بالنهايات السعيدة يا صاحبي؟ حين تقع في الغرام وتكسر رأسك على ما أظن. لن تنجو في كل مرة. لم تتعرف إلى فتاة إلا وتزوجت أو غادرت البلاد. أتعلم يا أياد، يجب أن تفتح مكتب زيجات أو سفريات، ستقبر الفقر.
- إيه وإنت ترشح عالنيابة.
- "أهلا وسهلا فيك، محل مروان ولا محلي يا عيني"، يردد عمر مزحة سمعها من أحد الأصدقاء. أحد المرشحين للمجلس النيابي زار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بقصد دعم ترشيحه في منطقة الشوف فتلقى جوابا ظريفا.
- "إه خليك بالمكتبة، أحسنلك". إتصلت بك صبية قالت أن إسمها دونا وقالت أنها ستمر اليوم برفقة أصدقاء لزيارة المكتبة وتحدثت بلغة عربية مكسرة. "بتحكي عربي متل كارلوس إده يا زلمي، من وين هي؟"
- دونا تعمل في منظمة العفو الدولية-لندن، ويبدو أنها في زيارة إلى لبنان. إلتقيت بها منذ أشهر في البارومتر وأعطيتها رقمي وعنوان العمل. كنت غارقا في معركة أكل وسياسة ولم يتسنى لي التعرف إليها.
- غريب أن تأتي والبلد محاصر والقنابل تتساقط من البحر والبر والجو. يبدو أن صديقتك الجديدة مجنونة، سنرى اليوم، ويقطع كلمات أياد صوت انفجار عنيف ويتصاعد الدخان من وراء مباني سكن الأساتذة في الجامعة ومدرسة الجالية الأميركية في بيروت.
- "طرقوا المنارة يا معلم"، في الصباح ضربوا جوني وعمشيت والعبدة شمالاً، أكيد ضربوا المنارة، مواقع الجيش والبحرية اللبنانية، مصادر عسكرية إسرائيلية قالت أنها استخدمت لمساعدة حزب الله على ضرب "ساعر"، البارجة الإسرائيلية مقابل بيروت!
- الجيش ساعد حزب الله في ضرب البارجة، "وهبل يهبلن!" إنو حزب الله ينسق مع الجيش في عملية من هذا النوع. مجموعتين أو ثلاثة بأكثر الأحوال تخطط وتنفذ عملية كهذه، "يعني 7 أو 8 من حزب الله يا زلمي. قوم عالشغل قوم!".

يرن هاتف عمر النقال كالعادة بعد كل ملحق إخباري. تعلمه زوجته بالمستجدات وتطمئنه عن عمر الصغير -الذي لم تتعب في إيجاد إسم له- وعن أكله وعما إذا كان قد أصيب بهلع نتيجة القصف وتسأله متى يتوقف كل هذا الجنون؟ تغني له كلما سمعت قصفا وتتجه نحو "الكوريدور" الضيق ظنا منها أنه آمن. تعرف أنه ليس بآمن فهي ترى مفعول القنابل الذكية على التلفاز ولكن إحساسها ببعض أمان مزيف يخفف من وطاة الرعب! يمكن لقنبلة تزن طنين أن تخترق أمتار من الباطون المسلح. تقتلع مبنى من عشرة طوابق وتتركه كومة من ركام وأجساد ممزقة.

لم تشعر بهذا الخوف أثناء حرب المخيمات. كانت الإشتباكات العنيفة تحصل على بعد أمتار من منزلها في برج البراجنة. فلسطينيين وشيوعيين وحركة أمل وأمل الإسلامية ومجموعات فلان وعلتان، تقاسموا بطولات مسلسل الرعب الذي أخرجت حلقاته في ما أصبح يعرف الآن بضاحية بيروت الجنوبية. لم يكن هناك سلطة مركزية قوية حينها تسير شؤون الضاحية وشجونها! لم يكن هناك مربع أمني. كانت تقضي وقتها بلعب الورق مع أولاد عمها في الملجأ المخصص لقصف الطيران. والدها كان عميداً في الجيش، كان متحسباً للمفاجآت اللبنانية على تنوعها. كان يعرف بالمشاكل قبل حدوثها. كان متابعا لأدق التفاصيل. علم ذات مرة أن أخاها شارك في مظاهرة لأحد الميلشيات فأعلمه أنه في المرة القادمة سيتلقى رصاصة من مسدسه إذا شارك في هذه المظاهرات. قال له أنها ستستقر في ركبته. يقول له:
- مظاهرة مع سلاح، يعني ميليشيا، "أصلا لشو يتظاهرو، هيذا عرض عسكري!"

تذكر زوجته سيارة الكاديلاك الفخمة. تذكر أنها كانت في الخامسة وأنها كانت تلعب بالمقود. السيارة مركونة في طلعة الكاراج، لا يتسع "الكاراج" لها. أخطأ مرتين، لم يتحسب لعرض سيارة الكاديلاك حين بنى الكاراج ولم يتحسب لعرض الكاراج حين اشترى السيارة. أمسكت بمبدل السرعة وشدته نزولا فكرجت السيارة وارتطمت بالحائط. شعرت بالخوف. لم تخف من الصدمة، خافت من والدها. حين اقترب من السيارة، اقفلت الباب. لم تفلح محاولات والدها وأمها المتكررة في إخراجها من السيارة. بقيت هناك أكثر من ساعة. جاء والدها حاملا حفنة من أزهار الكاردينيا. ضحكت وفتحت الباب، حملها واحتضنها وابتسم، لم يقل لها شيئا. كان يتقن تربية الأولاد ولكنه لم يتواجد في المنزل إلا قليلا!

لا يعرف عمر لماذا تكره زوجته الكاردينيا. أجبرته على إخراجها من المنزل. قالت أنها تجلب الحشرات. قالت أنها تأخذ مساحة كبيرة من الشرفة. قالت أن عمر الصغير سوف يبدأ بأكل الطعام قريبا وأن الشجرة تقف في مكان مقعده! لم يتخلى عن الشجرة. يحبها كثيراً، لم يوفر نوعا من الأسمدة إلا واستعمله فأصيبت الشجرة بنوع من الجنون. كانت تزهر في الشتاء. أنزل الشجرة ووضعها على مدخل المبنى. هكذا يراها كل يوم ويمنع عشاق سندويشات مطعم مروش من "هز بدنه". يوقفون سيارتهم في مدخل المبنى ويأكلون الدجاج بشراهة وينزعجون من بوق سيارته. يشعر برغبة في مصادرة "سندويتشاتهم ونتشها" وأحياناً يشعر برغبة في ضربهم. يزعجه التأخر في الوصول إلى المنزل. العمل وأغراض المنزل والمعارف على الطريق، كل ذلك ليس سوى وقت مقتطع من جولات "التبويس والتعبيط" الخاصة بإبنه الصغير. كل ذلك يعني حرمانه من ضحكة إضافية يطلقها عمر الصغير فتدخل مسام جسمه وتستقر في قلبه. كان يود أن يرزق ببنت قبل عمر الصغير. بعد ولادة عمر انتابه تأنيب ضمير شديد. يخشى أن يعرف ذات يوم!

- لا أعلم متى يتوقف القصف يا حبيبتي، بضعة أيام، سوف يدخل حزب الله المستوطنات الشمالية ويحاصر أرتال الجيش الإسرائيلي وينتهي كل شيء.
- "ألف مرة قلتلك ما تمزح معي وأنا معصبة".
- يا حبيبتي، هذه المنطقة آمنة، رأس بيروت، هذه منطقة لها حصانة دبلوماسية، الجامعة الأميركية مظلة للمنطقة، لا تخافي. لا يقصف أحد هذه المنطقة إلا الجنرال عون وينفجر بالضحك!
يشير إليه أياد بالتوجه إلى الخارج في كل مرة يجيب عل هاتفه النقال. يتكلم بصوت مرتفع خاصة عندما تدخل السياسة على الخط. يتمنى أياد لو يعلم ماذا يضحك عمر في هذا الجهاز اللعين؟. كيف يعطيه هذه الطاقة على الكلام والمشي؟!

يجلس عمر على حافة بركة المياه أمام المكتبة. هنا يحرق 60$ من السجائر شهريا ويضيف إليها 60$ من الكلمات المنقولة خليويا. إذا أضفنا سندويش البطاطا بسلطة المايونيز الذي بقي على طعمه الرائع رغم تغير ديكور اليونيفرسال عدة مرات، يصبح المجموع حوالي 150$ أي ربع ما يتقاضى من راتب. يفكر عمر، لولا الراتب الذي تتقاضاه زوجته لظل يتنقل بين هذه البركة والشرفة المطلة على البلازا حتى يربح الجائزة الكبرى في اللوتو. ينتبه أيضا أنه نسي أن يحتسب ثمن أوراق اللوتو وسهرات البارومتر وأبو إيلي والريغستو فضلا عن أجار الشقة وقناني البلاك ويسل ومجمع القهوة "التنك" الكبير. يشعر بصداع قوي. يكره الحساب ويشعر أنه لا ينتهي ويبقى معلقا في رأسه حتى آخر سيجارة قبل النوم. يود لو كان بإمكانه أن يصنع فيلماً روايةً. هذه الفكرة تلاحقه أينما كان. أياد يسخر منه كلما سمعه يهذي عن فيلم أو رواية. معين يتمنى أن يلعب دور البطولة. وديع يتغنج إذا طلب منه تأدية رقصة في الفيلم. مازن جاء مع "ثورة الأرز" وخرج مع "الوعد الصادق". جاء لبناني %100 وخرج كندي %100. يضحك، "لا شك ان سيلين حاقدة على حزب الله". يتمنى لو يعرف رأي سهام في أفكاره. لا يعرف لماذا خطرت على باله، لم يرها منذ سنوات طويلة ولا يعرف أين تكون. كيف يجدها؟ لا شك أن معين يعرف أخبارها. جنان، زوجته، ستقول له: "أكيد فيك تكتب رواية، وستخفي في عينيها يقينا بأنه سيبدأها ولن ينهيها". سيلين ستقول له "إنت مش بس شيوعي وضايع، إنت رواية"، هذا طبعا إذا رآها بعد اليوم. طوني يئس منه منذ زمن. قال له:
- إذا أردت أن تكتب رواية يا عمر، عليك أن تكتب لا أن تفكر. حاول أن تكتب وفكر لاحقا!
يفكر عمر، ربما عليه أن يستأجر كاميرا، يصور لأيام ومن ثم يفكر، لا بد أن ينطبق على الفيلم ما ينطبق على الرواية. لا، عليه أن يكتب رواية ثم يحولها إلى فيلم. عندها، ربما ينتهي الصداع. يجب أن يحول صداعه إلى رواية. عليه أن يكتب عن أسباب هذا الصداع. عليه أن يكتب عن الرواية التي سوف يكتبها إذا!
- بماذا يفكر نيتشه الصغير؟. يقول أياد وهو يشعل غليونه المعقوف على باب المكتبة. حزب الله قصف مدينة بالقرب من تل أبيب رداً على مجزرة وقعت في الجنوب. هناك أخبار أن المجزرة وقعت في قانا، كما في ال1996.
- قصفوا مقر الأمم المتحدة!
- كلا يا صديقي، قالوا للأمم المتحدة: لا تستقبلوا أحد وإلا قصفنا مراكزكم، فلم يستقبلوهم، هكذا قصفوا قافلة في مروحين. أما في قانا فقصفوا الناس في بيوتها.
- وحزب الله قصف تجمعا للذباب! هل من أخبار عما استهدف القصف؟
- هناك خبر واحد، الصاروخ إسمه "خيبر واحد"، ويبتسم أياد ويخرج من فهمه جبلا من دخان أبيض ورائحة قاتلة تنتشر بسرعة البرق في أرجاء الباحة.
- "أياد... ركز معي، أنا نيتشيه الزغير، صح"، أود أن أكتب رواية أو فيلم، هذه المرة أنا مصمم، ما رأيك؟
- إذا كنت مصمم عليك أن تختار، إما رواية أو فيلم. هل اخترت موضوعا؟
- "إنو حياتنا، البلد، السياسة، غرام وانتقام".
- الرواية ليست موضوع إنشاء يا عمر. هناك موضوع محدد تريد أن تبدأ به وتدور حوله حتى تتعب وتتعب من يقرأ وثم تنهيه وكذلك الفيلم ولكنه يأخذ ساعة أو ساعتين من وقتك بينما الرواية تقتل وقتا أكبر وتقتلك إذا كانت مملة. لا يمكنك أن تتكلم في الرواية كما تتكلم مع أصدقائك. معظم أصدقاءك لا يتحملون سماجتك وتقلبات مزاجك وعصبيتك المفرطة. لا أعلم كيف تتحملك جنان أصلا ولا كيف تزوجتك. إذا أردت كتابة رواية هناك الكثير من المحاذير. أنت في لبنان وهناك أمور لا يمكنك التحدث عنها بالسهولة التي تظن. ماذا لو اتهمت باستثارة الأحقاد الطائفية إذا تكلمت بالسياسة.
- استثارة الأحقاد الطائفية والإصطياد بالماء العكر وإشعال نيران الفتنة والسيادة والإستقلال والحرية والدمقرطة والفدرلة والقبرصة واللبننة والعرقنة والحمرنة. هذه كلها موجودة في الصحف والقنوات المحلية والفضائية. لا فرق. رواية أو فيلم لن تقدم ولن تأخر وبالطبع لن تؤثر. "عنجد، قررت إكتب رواية".
- هل تعلم كم من الوقت ستقضي في كتابة رواية؟ إضاعة للوقت يا عمر، ربما أخذك المشروع سنة أو أكثر.
- الوقت بلا طعم أو لون أو رائحة، أليس كذلك؟ ماذا أخسر إن أضعته، وفي الحرب هناك الكثير من الوقت وإذا استطعت أن تجد للوقت ميزة فحين تأتي الحرب تضيع.
- هناك ميزة لم تخطر ببالك، يضحك أياد، الوقت ثمين.
- يجوز ولكن في الحرب ليس ثمينا. الملحقات كفيلة بتقطيعه وزمن الفضائيات قادر على كل شيء، "المنار لوحدا بتطير العقل". الوقت ثمين وفي الحرب يسرقونه منك وإذا كان حظك سيئا يسرقون بقية عمرك!
- "عجبتني، شو شربان الصبح يا عكروت، فايق رايق؟" الحرب يا عزيزي سريعة، أيام وتنتهي، لا تراهن على الحرب.
- "بتروح بس بتجي غيرها، ولو نسيت وين عايشين".
- حسنا، إذا كنت مصراً إستشير طوني، ربما يفيدك ببعض المعلومات التي تسهل عليك الكتابة.
- طوني قال لي أنه يجب أن أكتب وألا أمضي وقتي بالتفكير.
- إنسى ما قاله طوني، هرطقة، عليك أن تخطط، كل شيء بحاجة لتخطيط، خطط وفكر ثم إبدأ بالكتابة.
- عدنا إلى نقطة الصفر. من أصدق الآن، أنت أو طوني؟

أطعم السمكات المتبقية في "الأكواريوم". مات أكثر من نصفها في الحرب. الحرب السادسة كما أسمتها الجزيرة، حرب تموز كما تعرف في الشارع، حرب الكبار على أرض الصغار. أسماء كثيرة وحروب صغيرة. وحدها الأسماك لا تحمل أسماء ولا تحتمل أصوات الصواريخ. تموت فجأة. تراها منقلبة على جنبها عائمة على وجه الماء. يجب إزالتها فور موتها وإلا أكلتها الأسماك الأخرى. سمكته المفضلة لم يبقى منها سوى رأسها. ماتت في أيام الحرب الأولى. لم يعلم إلا بعد يومين أو ثلاثة. كان منشغلا بالتطورات الميدانية وبأصوات الصواريخ.

.

Tuesday, May 15, 2007

حكايات من بيروت- الجزء الأول

يعيش في الأونة الأخيرة صراعا يمكن اختصاره بكلمتين: يجب وأريد. وبعيدا بالشكل لا بالمضمون عن جملة التساؤلات الوجودية التي تؤرقه، يطفو هذا الصراع كبقعة زيت فوق مياه آسنة. كيف له أن يشرح بكلمات يتيمة، يعوزها كثير من مشاعر متضاربة، صراع يختصر بكلمتين أو هكذا تراءى له. صراع يحمل في طياته لحظات ألم وأمل تختصر وجوده. صراع أراد أن ينقله إلى من تبقى له من أصدقاء، رسالة يجب أن يتقنها مع العلم أن "يجب" و"أراد" اللتان خدمتا ظرفيا هذه الجملة لا تمتان بصلة لمضمون هذه الرسالة أو الحكاية. حكاية من بيروت، حكاية تشبه قدر إنسان لا يؤمن بالقدر. ولعلها أسطر تخرج عن إطار رسالة من زمان ما لتشق طريقها بين صفحات رواية، أو هكذا ظن عمر أو أراد! شعر أنه يحمل رسالة وأن واجبه أصبح أوضح من أي وقت سابق. صار لديه هدف يعمل لأجله. كان يحمل رسالة يجب أن يوصلها قبل اختياره دربا آخر ينهي به مأزق وجوده. إلتقط هاتفه النقال وضرب رقم مارك
.

حجز مارك طاولة لأربعة أشخاص في أفضل رقعة من مطعم البارومتر الذي يقع مقابل مستشفى خوري في نزلة عبد العزيز المؤدي إلى الجامعة الأميركية. يمكنك الوصول إليه من شارع المكحول أيضا. شارع المكحول الذي يمر بمحاذاة الكنيسة الأرثودوكسية والذي ما زال يحتضن "البلو نوط" والسمغلرز إن في ما مضى. مطعم صغير لا تتجاوز مساحته 25 متراً مربعاً والحصول على طاولة فيه يمثل إنجازاً لا يقل أهمية عن تناول أطباقه الشهية، فضلا عن أن صغر حجمه يضفي على جلسته دفىءً مميزاً.

جلس مازن فالشا ذراعيه كطاووس على المقعد المثبت بالحائط. جلست إلى جانبه سيلين، إحدى صديقاته الجدد التي اختار رفقتها لتلك الليلة. جلس عمر ووديع على كراسي البارومتر الخشبية التي لا تصلح لكل من يعاني من آلام الظهر وللراقص وديع على وجه التحديد. أطل مارك ببسمته المعتادة من وراء البار وخاطب المجموعة على طريقته الخاصة، أغنية "أنا توب عن حبك" للشيخ إمام.
- ماذا يشرب الرفاق، سأل مارك وهو يضع صحن فستق وبزر دوار الشمس على الطاولة.
- عرق يا مارك والأكل معروف، إلا إذا كانت سيلين لا تشرب الكحول.
- بأمرك شيخ عمر.
- "واحد متلك شيخ يا منيك"، يا أحلى سوري بالبلد، وحتى قبل "ثورة الأرْز" وقبل خروج الجيش السوري!
- "يكتر خيرك يا رفيق، ما تاخذنا بستين داهية الليلة" والتفت مارك إلى سيلين ورسم ضحكة على وجهه، سيلين، إسم مميز، مشروبك إذا سمحت؟
- "أنا بدي مارغيريتا سن رايز ماغك، merci"
- "نعم يا أختي، واسمي مارك، مش اسمي الأصلي بس ماشي"! وينفجر الجميع بالضحك إلا سيلين التي تستدرك وتطلب زجاجة ألماسة.

تتعالى قرقعة بزر دوار الشمس اللذيذ فتختلط مع مانيفستو الشيخ إمام...عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتنا وابتدينا... ويبدأ مارك بإحضار المشروب وبعض المقبلات. بزر دوار الشمس يحتوي مادة تستخدم في بعض الأدوية المضادة للإكتئاب-antidepressent – وهو الطعام المفضل لطائر الببغاء. لعل الببغاء بحاجة إلى مضادات الإكتئاب فهي من الحيوانات التي تبني علاقة مرضية مع مربيها قد تؤدي بها إلى الإنتحار في حال فراقه لبضعة أيام. أما العرق البلدي فيحتمل أن يكون سيئا للغاية ولكن العادة جرت على اعتباره الأفضل. بعد عدة كؤوسٍ من عرقٍ سيء، تشعر وكأنك خارج من عراك بالعصي، دوار وعطش لا تشفيه أكواب من ماء مثلج فضلاً عن الصداع الصباحي.
- "كاس إم الما بحبنا"... ويرفع وديع كأسه للنخب التقليدي.
يشرب عمر جرعة من كأسه ويطرح قطعة خبز كبيرة في صحن السجق لتتشرب صلصة رب الرمان الساخنة ثم يغرف قطعة السجق ويودعها فمه العريض. لطالما اعتاد عمر دخول المطعم من باب المطبخ الخلفي ليرى الشيف الملقب بلوؤي وهو يحضر السجق. يأخذ الشيف قطعة السجق الكبيرة ويقطعها لشرائح دائرية بعد سلخ قشرتها المكونة من أمعاء غليظ. يضع السجق على المسطح الخاص بالشواء ويقلبها فتفح منها رائحة البهارات الشهية. عندما تحمر وتصبح جاهزة للأكل يضعها في صحن فخار ويصب عليها رب الرمان الذي يضفي عليها نكهة حموضة مميزة. أما صحن الفخار فهو يؤمن المحافظة على حرارة الطبق إلى حين التهامه!
- "كاس البارومتر، أطيب أكل بالعالم" ويشرب عمر كأسه دفعة واحدة ويأخذ بيده فخذاً صغيراً من الدجاج المشوي، يقضمه ويشرح لمازن وسيلين ووديع كيفية تحضيره. بعد الإنتهاء من الشواء تضع الدجاج في طبق عميق وتصب فوقه صلصة الحامض والثوم والكزبرة.

يشعل عمر سيجارة ويطوف بنظراته المكوكية الثاقبة على طاولات المطعم المكتظة لتستقر على خدود مازن المبللة بالدموع. مازن من ملوك الدراما الكبار. تربطه بوديع إلى الصداقة علاقة قربى أما معرفته بعمر فتعود إلى مراحل الدراسة الإبتدائية الأولى على مقاعد مدرسة الشوف الوطنية العالية. تخرج من كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية وحصل على شهادة بكالوريوس في الفنون السمعية والبصرية من الجامعة اللبنانية الأميركية. تكاد لا تمر جلسة هادئة أو صاخبة مع ملك الدراما بلا دموع وإذا مرت فهي تكون محط تندر الشلة لأسابيع. والشلة هي مجموعة الأصدقاء المشتركين للفرسان الثلاثة. فرسان هذا العشاء السري مضى على آخر لقاء لهم عدة شهور بعد خطر حقيقي تهدد أحدهم وكاد أن يودي بهم إلى سجن طويل.
- "هالليلة بدا معين وطوني"، يصرخ مازن بصوت صاخب ويمسح الدموع عن عينيه!
- معين وطوني، "تقصد الشلة، والله إنت مجنون، كنا شقفنا بعضنا"! يصدح وديع بصوته الجهوري وينفجر بالضحك فيما ترمقه سيلين بنظرة اشمئزاز.
- "سيلين، كلي دجاج وبلا دراما على القلب"، يهمس وديع وكأنه يعرف سيلين منذ زمن طويل.
- يبتسم مازن... "يا جماعة ما بعرف شو القصة... فيجيبه عمر ووديع... عارفين"!
- "يا عكاريت، كاسكن" وينظر مازن إلى سيلين،" يا حياتي، كاس أحلى حوا بالعالم!"
تعرف وديع إلى طوني في الجامعة اليسوعية الواقعة قرب شارع مونو بالأشرفية. كان طوني يعمل في مكتبة الجامعة، أما وديع فكان يدرس فن الإضاءة في قسم العلوم البصرية والسمعية. أصبح الواحد ظل الآخر في غضون أسابيع. دخل طوني الشلة رغم تحفظات معين! معين الذي يملك فرن مناقيش في شارع مونو. معين الذي يعرف كيفية التعاطي مع شبان وشابات الجامعة ويتقن ممازحتهم والعزف على أوتار ميولهم السياسية.
- يا عمر، هل تتذكر قصيدة الأستاذ الكبير... عن طبول الحرب!
- نعم يا حمامة السلام يا وديع... "بعد أكثر من 10 سنين إجا وقتا ها".
- "إيه والله."
- لم يمض نهار ولم يطلع علينا أستاذ عمر فيه بنظريات عن الحرب، منذ التسعين وحتى الآن، "لو أفكار عمر صحت كان البلد صار كومة تراب" وينظر مازن إلى وديع، عمر مريض، عقله "مؤامراتي" بامتياز.
- أستاذ مازن...متفائل بالمستقبل والإعمار! ويبتلع عمر ملعقة كبيرة من سلطة الروكا بالصعتر ويتبعها بحبة زيتون أخضر.
- "لو ما يقتلوا الحريري كان لبنان رح يصير أهم بلد بالشرق الأوسط"، يعلو صوت مازن فتهز سيلين رأسها مؤيدة.
- "الحريري ما بيستاهل هيك موتي، ما حدا بيستاهل هيك موتي"...ولكن لا تنسى يا صديقي، الحريري رحمه الله حكم البلد أكثر من عشر سنين، ولبنان ظل تحت الأرض... والدين وصل لأربعين مليار دولار! "في عالم ما معا تاكول يا حبيبي، إنت كان معك تعيش لو ما هاجرت عكندا؟"... تريد أن تنظر علينا بثورة الأرْز، لا بأس... "شو رأيك يا وديع نعمل أنا وإنت شي ثورة روكا أو خس"!
- يضحك وديع... المشكلة الوحيدة في لبنان هي بالطائفية، لا شيء آخر.
- يا وديع... ويا عمر، أنا تركت زوجتي وأطفالي في كندا، جئت إلى لبنان لأنني رأيت ماذا حصل. "شفت العالم بالشارع، شفت ثورة شباب وبنات وكبار وولاد من كل الطوائف، شفت لبنان جديد"!
- "أنا شفت لبنان لحم بعجين يا أبو الميز، وينفجر عمر بالضحك". يستأذن مجموعة من الأجانب على الطاولة المجاورة تحاول أن تتعرف إلى الطعام من مارك والأطباق الموجودة على الطاولات المجاورة، "جبلنا ثلج وحياتك ونزلن متلنا على مسؤوليتي"، ويشير إلى أطباق طاولته ويودع قبلة على يده، "take the same, you won’t regret it" ويوجه نصيحة بالإنكليزية إلى الصبية الجالسة على الطاولة المجاورة بطلب الأطباق التي طلبها. تهز برأسها بالإيجاب بدهشة. كاسك، "means cheers".
- "yeah" أنا بحكي عربي... شوي، أنا دونا من منظمة العفو الدولية.
- منظمة العفو، حقوق إنسان يعني،... يهز عمر رأسه، إيه "welcome to Lebanon" ويسحب عمر بطاقته الشخصية من جيبه ويعطيها لدونا.
- ترسم دونا ضحكة خجولة على وجهها وتقول "nice meeting you".
- "شو، شديتا" ويضع مارك الثلج على الطاولة فتلتفت دونا إلى الجهة المعاكسة محاولة إخفاء ضحكتها.
- "يا مارك، شو قصتك، البنت طلعت بتعرف عربي وأنا وقفت هالحركات من زمان".
- انا أحب اللحم بالعجين، يقول وديع، كيف تنظر إلى 14 آذار على أنه لحم بعجين يا صديقي؟
- لا وجود لتحرير أو حتى تحرر يا صديقي بدون ثورة أو دم، المرأة إذا أرادت أن تتحرر قد تقتل، "إنو الجزائر تحررت بمليون شهيد، لبنان أخذ استقلالو بجريح"! تاريخنا كذبة وساحاتنا اللاعنفية "ميلودراما"، والدم ما مندفعو إلا ضد بعضنا". الوضع الآن معقد، أنا لا أنفي ذلك، هناك إغتيالات ولكن هذه ليست ثورة. الثورة لا تؤجل، الثورة تكون عنيفة، تحصل بسرعة البرق، تحصد دماء ونتائج، الثورة تأتي فجأة وتضرب كصاعقة، تنتهي بسرعة، تغير كل شي، وتحمل شيئا من الفكر في معظم الأحيان. "هيدي محاولة دمقرطة عالطريقة الأميركية بلا فكر، ما بتمشي وما بتغير شي".
- "طايرنا الحكومة، وسوريا طلعت برا، كل كلامك بلا طعمة".

تنفرعروق رقبتها، تخرج الكلمات من فمها بكل اتجاه، ترقص الصحون والكؤوس عل الطاولة، تتوجه أنظار جميع الزبائن إليها. سيلين التي لم تعد تحتمل الصمت، تخرج الكلمات العربية من فمها الصغير بصعوبة كبيرة بعدما حذرها مازن من التكلم بالفرنسية مع أصدقائه. قال لها أن عمر ووديع من أصدقائه المفضلين وأن عمر بالتحديد يصاب بنوبة قلبية عندما يسمع اللبنانيين الذين يتكلمون الفرنسية فضلا عن عدم معرفته باللغة. مازن تعلم الفرنسية عندما قرر الهجرة لمقاطعة مونريال الكندية حيث يتكلم معظم السكان الفرنسية، أما وديع فيتقن الفرنسية كلغة أم. والدته روز الفرنسية الأصل كانت شديدة الحرص على أن يتقن أولادها الفرنسية. إعتنق والداه الإسلام ليتزوجا إذ كان من الصعب مغادرة السعودية بسبب ظروف عمل والده سهيل، وكان تأجيل الزواج أمر أصعب.

تعرف مازن إلى سيلين أبو ناضر في إطار سلسلة التظاهرات التي نظمتها حركة 14 آذار وأثناء "حملة فل" الشبابية بالتحديد. "فل" تعني إذهب باللغة العامية اللبنانية. طالبت "حملة فل" رئيس الجمهورية الممدد له بمغادرة قصر بعبدا. ثارت ثائرة البطركية المارونية التي شكلت إحدى المظلات السياسية لحركة 14 آذار، بالإضافة لبعض أقطاب 14 آذار المسيحيين الذين أجمعوا والبطركية أن استقالة الرئيس لا يجوز طرحها والضغط باتجاهها في الشارع مخافة تقزيم مقام الرئاسة. لم تر البطركية ولا الأقطاب المعنية أن إسقاط حكومة عمر بيك قد يعني تقزيما لمقام رئاسة الحكومة. رفضت سيلين مبدأ الحملة وطلبت من مازن ألا يشارك احتراما لها. طلبت منه أيضا ألا ينظر إلى المسألة من زاوية طائفية ضيقة وأن يراها في إطار الخصوصية الثقافية! نزل مازن عند طلبها، في تلك الليلة الصاخبة التي شهدتها ساحة الشهداء، ودعاها لتناول الطعام مع بعض الأصدقاء قرب الجامعة الأميركية. فضل مازن رفقة سيلين وتخلى عن طموحاته الرئاسية! فضل مداعبة شعرها وهو يلف ذراعه فوق كتفها على الطريق المؤدي إلى الجامعة الأميركية. إختار طريقا ملتفا كي يزيد من طول المسافة. اختار الطريق البحرية فمشى وسيلين بمحاذاة السان جورج حيث اغتيل الرئيس رفيق الحريري. مضى أكثر من 3 أسابيع على معرفته بها، لم يتوقف عن الكلام إلا حين قاطعته. هذه الليلة لها طعم خاص، لها خصوصية ثقافية، واحترام متبادل، وتحرر لا يتوفر في ساحة الحرية- تعرف ساحة الشهداء بساحة الحرية بين جماهير 14 آذار- هذه الليلة لم يتكلم ولم تقاطعه، وكأن تعبا مزمنا قيد شفاههما وحرر اليدين والرجلين! يصل نصب جمال عبد الناصر عند مفترق عين المريسة، يتجاهل طلعة مسرح المدينة المغلق منذ زمن، يتجاهل طلعة الجامعة الأميركية، تستقر يده على خصر سيلين، ويأخذها في جولة على كورنيش المنارة الممتد حتى الحمام العسكري حيث يقرر الإتجاه نحو الجامعة الأميركية.

تعلو الموسيقى في البارومتر ويرتفع التصفيق لإحدى الفتيات التي قررت الرقص فوق الطاولة. ينظر وديع إلى مازن ويقول: عندكن هيك شي بكندا؟
- "آخ... ما تذكرني، بس منشوف ستار أكاديمي الحمدالله"!
- رجعت من كندا من أجل الثورة يا مازن! يضحك عمر، يا سيلين، "إنتو طيرتو حكومة"، يمكن، وهي كانت بحاجة إلى نفخة كي تسقط، لا تسقط الحكومات في لبنان إلا حين يأتي أوانها أو تضعف بما يكفي. حتى الثورات لا تحصل إلا حين تضعف السلطة الحاكمة، حين تدخل في سبات وليس في أوجها وهذا ينطبق على الديكتاتوريات. أما دوركم في خروج الجيش السوري، "كنتو كومبارس مش أكثر"، لا تفهمي كلامي إهانة، خروجه من لبنان كان أشبه بحلم، الآن أصبح واقع وهذا رائع. ولكن الفضل يعود إلى قصر نظر النظام السوري وأخطائه المتتالية أولا والمتغيرات الإقليمية و... الكومبارس. ولكن الرئيس لحود باق وأحلاف السوريين ليسوا بأقل تنظيما أو عددا من حركتكم. "8 آذار فيه يسقط حكومة، وفيه يكون كومبارس كمان. الله يكون بعون آذار، صار مثل لعيب القمار، دق 14، دق 8 المجنونة"!
- "حلوة هي، حلوة كثير! كاس إم الما بحبك"، يبلل وديع عطشه ببلعة عرق تزيده عطشا، يأخذ قطعة بندورة جبلية كبيرة، يغمسها بالملح والبهار ويودعها فمه العطش. "خبرني دخيلك... الكومبارس، كثير حلوة... مين كومبارس مين"؟
- يبتسم عمر... حسنا، جميع المجموعات اللبنانية "كومبارس"... لا يعني ذلك قلة في ذكاء هذه المجموعة أو تلك، المشكلة هي في نوعية الذكاء وطريقة صرفه وتوجيهه. يتذاكى اللبناني وغالبا يدفع الثمن غاليا ولكنه غالبا أيضا يستحق ذلك. "يعني خرجو". اللبناني، إذا أردنا أن نستعمل كلمة تعرف المجموعات البشرية التي تعيش بين البحر وسوريا وإسرائيل يشكل عينة صعبة التحليل. طبعا الخارطة غير عادلة "والجيرة مش كثير موفقة والبحر حلو كثير وبيغري، ورا البحر ما في إلا شقار واللبناني بموت بالشقار"!
- أصدقاؤك يا سيد مازن "سلبي"، قصة كبيرة. واحد شيوعي ضايع وواحد ضايع.
- والله يا سيلين، معك حق، "يا الغربة غيرتني يا هني تغيرو".
- "يا صديقي، 14 آذار طلعك من كندا فهمنا، بس ما يطلعك من صحابك"! أنا لست ملتزما ولست مناصرا لأي فريق وبالتأكيد "مش شيوعي ومش ضايع والمش غاطس ما بضيع".
- دعوني أكمل ثم حاكموني بالهبل أو الخيانة أو الشيوعية! لو كنت شيوعي، "كنت بعرف عأي خازوق بركب. أو يمكن كنت رحت بالغلط أو بالرخص مثل ما راح جورج حاوي". خلاصة الحديث، لا يوجد شيء أصلا إسمه لبناني إلا في الهوية، "بالحقيقة، ونشالله ما تكون هالكلمة صارت حق حصري يا سيلين"، هناك مجموعات طائفية وهوية لكل طائفة ومصلحة لكل طائفة وزعيم لكل طائفة. مجتمع قبلي وشيوخ قبائل ولكنهم دخلوا عصر الإنترنت والإيميل وشُبه لهم أنهم تحولوا إلى مجتمع مدني متحضر. كل طائفة تستمد قوتها من تحالف مع دولة كبيرة هنا أو هناك، والقوة موجهة هنا ضد طائفة أخرى بطبيعة الحال، هذا تاريخنا، ومشكلتنا الكبيرة، "مشكلة اللبناني" أنه يظن أن ذكاءه يفوق الدول الكبيرة ومصالحها الكبيرة. من دون أن ندري نصبح كومبارس، "منعرف إنو صرنا كومبارس بعد ما تكون راحت علينا"!
- "ذكي بس حمار يعني"، ويخرج وديع قهقة مدوية ويقلب آخر نقطة عرق في كأسه.
- مارك، الحساب وحياتك، "خيك عمر نعس وحكي كثير الليلة وراسو وجعو وكس إخت هالكرسي، ظهري انقطع".
- بأمرك إستاذ، كان عليك التركيز على جارتك الشقراء، "كنت استفدت أكثر ونسيت وجع ظهرك، راحت عليك".
- متى خرجت؟
- "مش حاسس بشي يا أبو عمير، يأست منك من زمان، العشا عحسابي يقول وديع".
- "لا، ما برضى"، تقول سيلين، كل واحد بيدفع عن حالو".
- سيلين لا تكفيها ساحة الحرية لتبرهن عن حريتها واستقلاليتها على ما يبدو. يبتسم عمر ويأخذ ورقة المئة ألف من محفظته ويقول لمارك، "إنسى ومشي الحساب". كان يجب عليك يا سيلين أن تتعرفي على دونا، منظمة العفو تعمل كثيرا في مجال وقف العنف ضد المرأة.
- "ما تخاف عليها، إذا كفت مع 14 آذار بتوصل، نسوانن فاتو عالمجلس النيابي، يقول مازن".
- "الله يسامحك وأنت تارك مرتك بكندا، كنت جبتا معك عملتلا قرشين، ويأخذ فكة ال100 من مارك، بس 50,000، يا بلاش، شكرا صديقي". تشرفنا سيلين، أود الإعتذار عن هذه الليلة ولكن أنا متضايق جدا من حال البلد، "فهمتي، مش ضايع، بعرف أنا وين والبلد وين. أنا ما بغرق بنقطة مي يا سيلين، كيف بالدم؟" ساحة الشهداء ورياض الصلح "ما تزعلي" سقط فيها الكثير من الدماء والشهداء، غير الشهداء الذين سميت لأجلهم، شهداء سقطوا في الحرب الأهلية اللبنانية وقبل إعلانها رسميا! شهداء من بيروت الشرقية والغربية والجبل ... وفلسطين، "ماتو رخاص، وأكبر دليل وقفتكن كلكن تحت! ولكن هناك فارق واحد بينهم، القضية. وزن الحياة كوزن الشهادة، هو وزن القضية. "الفلسطيني مات منشان قضية وطن، حتى لو قنعو أبو عمار بوطن بديل، مات منشان وطن بعكس اللبناني". شباب مات ليخسر وطن وشباب مات ليحصل على وطن. مع أن الفلسطيني ذهب رخيصا في هذه الساحات ولكن حلمه كان على حجم وطن.
- "كلو منيح" قال عمر ، الأكل كان طيبا والكاس أحلى والحديث مقبول، ولكن كنت أود أن أخبركم عن أحوالي، "غير مرة"

.

!أفكار


زحمة الأفكار لا تطاق
تتضارب وتتناقض
ويدفع الثمن ألما وصداع
كم هي عاهرة تلك الأفكار
عاهرات كثر
رجل القرارات الصعبة، يدعي
فيلد القرار
تتقهقر الأفكار
ينكفىء منطويا على ذاته
ليكفل سرية الأفكار
ولكن الأفكار بلغم الرأس
لا يحتمل الأنسان رفقتها
فلا يلبث الإنسان أن يبصقها
لا شك في انه مخلوق مسكين

.

Monday, May 14, 2007

حروف بلهاء

أفرغت جعبتي من كلمات
اصطفت جنبا إلى جنب، أو صففتها
تناولتِها أنتِ أو أنتَ
قرأتِها أو قرأتًها أو قرأتموها
فانفجرتم ضحكا علي أو انفجرَت ضحكا عليكم

لا بل علها كلمات نابضة حية
انفجرت ضحكا علينا
فتفككت حروفا وأدركًت
أنني لو لم أجمعها
لبقيت حروفا في أبجدية بلهاء
وأدركت أنني ومنها، أتيت بكلمة،
ففكرة،
فلقاء،
فقبلة،
فعناق وجئنا أنا وأنتِ
فسلام عليكي
كلمة، إثنان
أريني ثغرك الباسم…

.

Friday, May 11, 2007

دفاتر عاشقة

لطالما استمعت لبعض من خواطر أصدقائي، بعض منهم ومما يكتبون. قليلا ما أمسكت بقصيصات أوراقهم، قليلا ما قرأت في دفاترهم إلا أنني في الأيام الماضية مررت بتجربة جميلة. تلقيت طردا بريديا كان بمثابة هدية فربدة جدا. أن تصلك رسالة من أحد، فهو شيىء جميل في هذه الأيام خاصة إن وصلتك بخط اليد، أما
أن تصلك أوراق من دفاتر عاشقة فهو ما لا يمكنك وصفه بسهولة، أعني كتلة الأحاسيس التي تتولد في لحظة تحسسك لتلك الأوراق، مداعبتها. أعني حركة الشفاه التي لا تقوى ألا ترتجف وعيناك تجول فوق الكلمات وأنفاسك تتهدج، كم هي رائعة الكلمات وكم هي مجنونة تلك العاشقة. كم هي رائعة تلك الكلمات حين تخرج عن بكارتها
"الكلمات تفقد قدسيتها وماهيتها بعد أن تمر العيون فوقها لتراقبها"، هكذا تقول العاشقة، "فلا بد من فترة التخمر والرقود لتعود فتستيقظ عند أحد المشاعر أو الزوايا الحياتية للكاتب والقراء، لهذا سأكتب دون أن أنظر لما يخط قلمي، علني أجد ما أردته بين أوراقي المنسية".
كم هي رائعة تلك العاشقة حين تسمح لي بنشر بعضا منها على هذه المدونة، أن تشاركني ومن يرغب- ممن يقرأ "حكايات من بيروت"- لحظات سحر وغضب ندفنها عميقا، نأبى أن نشاركها ونفسنا أيضا في كثير من الأحيان.
وبعيدا عن المزيد من المقدمات التي علي ومع الوقت أن أتقنها بشكل أفضل أو أن أتوقف عن محاولة كتابتها. سنقرأ معا بعضا من سطور جميلة تكللت بالغبار بعد أن خطتها أنامل غطى الأحمر أظافرها.

فيلسوفي يعشق عزلته ويحبني في عزلته
في طمأنينة باله، في تعبه وبكائه ودخانه
فيلسوفي لا يريدني قريبة تخفي عزلته ولا بعيدة تقتلها...
فيلسوفي خلق روحه وبناها في صمت الزوايا...
لا يعلم ان البداية تكتب النهاية...

إلتهمتني فكرة أنه سوف يقرأ كلماتي في يوم ما
سوف أكون له كائنا يتكلم
سوف يعود لذكرياتي ويتلمس انفعالاتي
سوف أدخل إلى دائرة حياته التي لطالما تمنيت أن أكون جزءا منها...

تلمست جسده بأناملي ونظرت
نظرت إلى الطلاء الأحمر الذي ارتديته
نظرت فوجدت انامل مزخرفة تطفو على جسد صلب
جسد حقيقي، جسد أدركني وأظافري الملونة
فزادها بضع لحظات وبضع سنين


(ملاحظة: على الرغم من ان قاعدة المدونات هي تفاعلية او بللأحرى هي تعتمد على المدون والمعلق او القارىء إلا أن أسرة "حكايات من بيروت" والتي تتشكل مني مجتمعا تود ان تطلق برنامج حوارات والذي يتكون من مساهمتكم متى أردتم إرسالها مع بعض من مقدمات أقوم بصوغها أو أمتنع إن شئتم وشكرا)

Thursday, May 10, 2007

!جدل

من الصعب وضع تعليق على وصفك للوحدة، فأنت تشعرين بها بلا شك، تحاولين انتقاء كلمات على قياس مأساتك ولكن عذرا، الوحدة تخلق عوالم أخرى، يكفي أن تكتبي، أن تحاولي خط مشاعر، هلى تدركين وقع ذلك، وقع مزدوج الأبعادأن يقرأ ما تكتبيه مطلق شخص، أن تفتحي عليه عوالم أخرى، ان تستهلكي أنفاسه\ا لبعض من الوقت، أن تفرغي ما في زوايا صدرك من مشاعر، ان تكتسبي مشاعر أخرى مع كل سطر تخطيه تلك ليس الوحدة، تلك بعض مما نسميه الحياة
Lebanese Female Diary الوحدة كما تراها مدونة
ليس من الصعب تفسير ما معنى الوحدة.
الوحدة هي أن تجد نفسك وحيدا جدا بالرغم من أنك محاط بمجموعة كبيرة من الناس، أن تحس بأنك غريب عنهم حتى لو كنت تعرفهم أشّد المعرفة.
الوحدة هي أن تمسك بهاتفك حيث تخزّن عشرات اذا لم تكن مئات الأرقام و لا تجد من بينها رقم شخص ممكن أن تتكلم اليه....

.

لقاء

رأيتك تأتين في الأفق البعيد
بتوهج وحرارة تقوى على العين فتغيب
عرفتك
عرفتك في مخيلتي الجميلة
عرفتك طفلة لن تعرفيها
عرفتك فكرة لن تدركيها
فبينك وبين مخيلتي ضباب
لا تبدده صراحة ولا كذب
ضباب، منه نحن ومنه الفراق
نجاريه فنحيا
نعيش ليوم
لا يغيبه إلا ضباب

.

Tuesday, May 08, 2007

بيروت 1998


هل تسمعين وقع أنفاسي حين أنظرك في عتمة الليل
أرى خصلات شعرك وشما على صدري
أجلس على الصخرة تعانق رائحتك
فهي كالله في كل زمان ومكان
أمامها، أحس بضعفي، ألتقي بنقيضي
تتصلب شراييني، وتقتلني البرودة
أحس بحرارة الصخرة تتقمصني
تتعتنق رائحتك عبادة
تلتحم ببحر دموعي
تلتهمه إكسير خلود
تشرب دمي خمرتها
هلا باركت المذبح
إسبحي في دمعي، واتخذي مذبحي قيلولة
فبين دمي ودمعي مسافة ألم أزرق كالسماء
دعيني أحترق لعنة بين الحضارات
حضارات ليست سوى بقايا من حبي لك
دعيني أكفر عن جرم تدمير الحضارة
دعيني أنحر نفسي من الوريد إلى الوريد
لا تنظري…

Monday, May 07, 2007

من نلوم؟

ماذا يمكنني أن أقول في كفوا عنا إعتذاراتكم (الرجاء القراءة قبل هذا المقال)ه ، لا أدري إن أصبح الكلام كله ممنوع من الصرف، وضرب في الرمل
هل تعلمي، صرت أفلفش بين أوراق قديمة، أحاول عدم قراءة جريدة هنا أو مطاردة خبر هناك...خشية قلق أرجو ألا يتحول واقعا مع أجيال واعدة. هل نلوم أمراء حرب فنتوجهم قادة رأي، كأنهم أصحاب ثقافة نقد ذاتي وتسامي وتسامح، هؤلاء هم تجار السلاح وتجار الدم وتجار المخدرات والنفايات السامة وأصحاب القطعان والإقطاع، أو بعضم من استهوته شهوة السلطة وهو محروم منها لأنه ليس ابن إقطاع فبالغ في إجرامه وعمالته فبلغ مناله. أولئك هم أصحاب المقابر الجماعية. آخرون منزهين عن بعضها بالشكل المباشر متورطين فيها بخبلهم أو بمغامرات عسكرية. جميعهم قادة حروب سفكت دماء ما يزيد عن المئة ألف وغيبت أثر أكثر من 17000. جميعهم لا يستحقون ألا العدالة، وكشف الحقيقة. من نلوم؟ أنفسنا لأننا لسنا من حملة السلاح أم لأننا لسنا من تلك العجنة، لأننا ترددننا، لأننا كنا نرتجف، لأن فرصة لم تتاح لنا او لأننا لم نرد... أم لأننا كنا صغارا
من نلوم اليوم؟ نلوم أجيالا عمياء مشبعة بالطائفية والعشائرية، أجيال نزلت تشكر أميركا وفرنسا... وأخرى شكرت الأسد، أجيال همدرت وراء قادتها كرجع صدى. من نحن، من نلوم؟ هم أكثرية، لا بل، كلاهم أكثرية، من نحن... هل يحق لنا أن نخاف، أن نطلق صرخة بأن لا لثقافة الحروب العبثية التي لا تؤتي سوى تسويات مؤقتة. هل نطالب بكسر ثقافة الحروب العبثية، أم بإعادة النظر بمفهوم الحروب العبثية، ونظرية اللاغالب ولا مغلوب، وحروبنا الأهلية الغريبة! هل نروج بدلا من ذلك لنظرية الغالب والمغلوب والحروب التي تخلق واقعا جديدا ومجتمعا أهليا ناشطا ومعادلات جديدة وأوطان حقة. هل هذا ما فاتنا؟ التسويات القاتلة هي تاريخنا، استقلال- ليس استقلال 05- استقلال ال43 قدم لنا بخمش خنصر، والعتيد الجديد بقرارات دولية-شاء أم لم يشىء البعض- تلك التسويات القاتلة ليست سوى أبواب الصراعات القادمة
من نلوم؟ نلوم من لا يفقه معنى الطائفية السياسية ويولد ويعيش ويعرق خادما لها ويورث أطفاله تبعيته لها ونلوم زوجة شريكة في الجريمة مرتين، نلومها لحليب ملوث أو بويضة فاسدة، نلومها لعدم إعلان البيان رقم واحد من داخل فراش يتقمص فيه الخادم جسد الزعيم، نلوم أما وزوجة وعاشقة لم تخرج جنونها إلى حيز الواقع
من نلوم؟ نلوم عقولنا البليدة وإعلاما لم يفارق لحظة لغة الإعلان! فمن قتلى وجثث عسكر أمريكي وإسرائيلي إلى صور المقاومين... ومن صور شهداء أحياء وشهداء موتى ينطقون باليوم آلاف المرات في حين يموت في اليوم آلاف الأحياء إلى صور محاكمات متلفزة لعدالة متلفزة ومتنقلة
من نلوم؟ نلوم الفتنة ونلعن من يوقضها، نلوم المصطادين في الماء العكر وأصحاب الأيادي السوداء؟ كيف يحدث أن لا يتمتع زعيم من هنا أو آخر من هناك بخجل يكفي لعدم النطق بهكذا مفردات ولكنه يتمتع بتمثيل شعبي لا غبار عليه؟
كيف نكمل حياتنا لولا نعمة النسيان وبعض من أحبة.

أحلى الأوهام


كيف تشعر بحنين لمدينة أنت تسكنها؟ كيف تبقى دائما تلاحقك كظلك وتسكن عقلك وليلك؟ تبادر إلى ذهني هذا السؤال في الأيام الأخيرة رحت أبحث بين أوراقي، وجدت معظمها غارقة في بحر من نساء أو هذا ما يمكن للقارىء أن يراه. هل هي المرأة؟ هل هي فتاة أحببت، هل هم؟ سنوات طويلة مرت، حين أعود بالذاكرة إلى بيروت، إلى معرفتي الوضيعة بأجمل مدينة عرفتها فولدتني مئات المرات، تسرق أنفاسي غصة، تأخذني من أنا فأسبح في زواريب ومقاهي وأحداث...سنوات طويلة. الحرية التي أتحدث عنها، العشق والجنون، الفرح والأنين والدموع، من علمني ومن خلق في صدري أحلى الوهام؟ بيروت! بيروت ليست كما يوصفوها، بيروت التي أتحدث عنها لا أشاركها وأحد، هي كبيرة في داخلي أكاد أنفجر، هي بعيدة عن السيادة والحرية والاستقلال والإستهلاك، هي لا تنتمي لعابرين وسواح وقطاع طرق، تلفظهم عن بشرتها كغبار حين تغوص في الظلام، في أحشائي، حين أغمض جفناي يوما وإلى الأبد ، مقدمة ضرورية


تغرق عيناها بالدموع
تغسل عنها غشاوة السنين
يعلو صراخها ليقطعه صراخ جديد
ولادة حزن يتأتى من مخاض عسير

تسقيه إكسير حياة
لا ليس إكسير خلود
وليس نورا شعشعانيا، بل ضباب واكتئاب
نهاره غيم كثيف،
ليله سيل دموع،
ودماؤه دفق سنين

الحزن ليس سوى قميص
لكنه صورة الحياة
ولبه إن كان فرحا
لا ليس يمكن ان تراه
يبقى بقلبك غصة
يلازمه طيلة الحياة
فلا تراه إلا حلما، حلم تبدد الحياة

حينها يهوي القميص
يغوص عميقا في التراب
ولبه إن عرفته حلما سيكون أصعب أن تراه

Friday, May 04, 2007

بحثا عن ذاتي


صمت مطبق
ظلام مدقع
ليل طويل
أستفيق مذعورا
أبحث عن ذاتي، فقدتها
فقدتها وأنا لم أجدها قط
علني كنت أحلم

12\ 9\ 2005


ليل طويل تقرقع في أرجائه الرعود
ينازع مستعيدا شيئا من وقار صمته
فتمزق هشاشة جسده رشقات برق محموم
تطرق نافذتي حبات البرد كمسمار

أستفيق مذعورا
أبحث عن ذاتي لأجد ليلا تؤنسه رفقتي
ويؤنسه قلقي ولا يبرح يلاحقني
أبحث عن ذاتي

وراء أبواب موصدة
في غرف متعددة الأشكال والألوان
أشعل سيجارتي،
أتنقل كالمجنون...
في جوارير مقفلة
أشتم فيها رائحة العفن والصدىء والماضي
أندس بين قصاصات أوراقي
لأجد بعضا من أشيائي،أفكاري
أبحث عن ذاتي

تخونني الذاكرة،
تخونني أفكاري،
تخونني أعوامي،
خائبا مكسورا أعود أبحث عن ذاتي...

لا أعرف عماأبحث،
أو لماذا
أو أين ...

ليل طويل تؤنسه رفقتي
أهرب من ذاتي لأجده
يندس في أحلامي،
يمضغ عقلي،
فتستوقفه بعض أفكاري
يحلو له طعمها
تؤنسه رفقتي...

Thursday, May 03, 2007

A nice morning with my Canaries- Video

Well, this was today, pretty nice. Had my coffee and cigarette/s watching my canaries mate, feed and the best shot, sorry not in the vid, the hen laying an egg.

Wednesday, May 02, 2007

لبنان، الحرب الأهلية--- مساهمة عضو

قد تبدو الحرب الاهلية السبيل لحل المشاكل الطائفية
البعض يفضل تقسيم لبنان على اساس فدرالي على غرار النظام السياسي في سويسرا او الولايات المتحدة
برأيي علينا اعتماد الديموقراطية ( حكم الاغلبية ) لتنظيم حياتنا السياسية في لبنان
على عكس ما ينص الدستور ، نعتمد الديموقراطية التوافقية و هذا لن يحل المشكلة على المدى الطويل.
علينا السعي لالغاء الطائفية السياسية و الادارية ، كما علينا بالتربية على المواطنية
و لزاما ان نعمل على اصدار قانون ينظم عمل الاحزاب السياسية على اسس لا طائفي وطني - مثل الحزب الجمهوري و الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة
و ايضاً يتعين الفصل بين النيابة و الوزارة ،
تفعيل المراقبة و المحاسبة ، الحد من الهدر و السرقات و المحسوبية و المحابات و ذلك عبر تمكين السلطة القضائية و تفعيل استقلاليتها و الحد من التسلط الحكومي على عملها
اعتماد اللامركزية الادارية - استقلال البلديات
تفعيل الضمانات الاجتماعية للمواطن ، العمل على خلق فرص عمل جديدة للشبان و اقامة برنامج اعانة العاطلين عن العمل
التقليل من الضرائب او بالمقابل رفع الحد الادنى للاجور
تمكين الجيش اللبناني و القوى الامنية
بدون اعتماد هذه الافكار ، لا يمكنني الا ان ارى حرباً اهلية في الافق ، أو ثورة تقلب نظام الحكم ...
و الى ان نبصر النور و نتبع هدى الله ، سيعيش الناس كقطعان غنم يرعاهم رعاة ... يدفعونهم الى حروب عبثية ليبقى له الرئاسة و الحكم .

Monday, April 30, 2007

بيروت 28\ 3\ 1998

يا أنت وحدك حواء عانقيني
عانقيني حين أنتشي عليك يا صليبي
أضرمي فيي النار أحرقيني
أنثريني رمادا وتنشقيني
يا أنت، يا شذوذي، أعتنقه فأعبدك
أبقى أسيرك، فعذبيني.

يا معذبتي، لا تظني أنني مازوجستيا ولا تحسبي نفسك سادية
يا نحن لسنا سوى تقلب الشذوذ
يا دمك يغلي في عروقي
حين يمتزج عطري بعطرك
حينها أخرج من جسدي
أصعد في اليوم الثالث
أنظرني أبتعد في غيبوبة، أراك
فأسقط مسيحا أتلمس جسدي، أتكوم فوق نهديك
أنتشي وتغمرني رغبة جامحة لأغوص في جنوني
في نهديك، ألتهمهما وأغلي فأنحرك
أتذكر صليبي، لا لست صليبي
ليس عليه سوى بصماتي، أحبها فأحبك إذهبي الآن يا لوحة العمر تتلون.

Wednesday, April 25, 2007

لبنان، الحرب الأهلية والأفق المسدود


قبرصة لبنان، لبننة العراق، وعرقنة لبنان...1974، 2003، 2005- هكذا تختصر حياة البشر في هذه المنطقة الحبلى بالصراعات العبثية. قبرص تقسمت وتجهد اوروبا اليوم على توحيدها، العراق دخل أتون الحرب الأهلية في حين يتحدث البعض عن احتمال وقعها. بغداد فرزت طائفيا بحسب أحيائها. تصوروا أن الأحياء أو الزواريب أصبحت سنية أو شيعية. أحد الأصدقاء أخبرني أنه لم يستطع استضافة إبنة خاله في منزله في بغداد لمتابعة دراستها وأخبرها أنه يأمن لوجودها لدى أقاربه في البصرة. زواريب بيروت إلى حد بعيد أثناء الحرب الأهلية ولكن ماذا عن الحاضر. هل من فرز مذهبي في بيروت؟

الثلاثاء الأسود،الخميس الأسود، السبت الأسود، أشهر وسنين سوداء، حتى أيامنا السود موضع خلاف، ثم ماذا سنفعل حين تنفذ منا التوصيفات فنصبح خبرا عاجلا كما إخواننا في العراق. ماذا سنفعل حين نتلمس جراحنا ومفقودينا ومخطوفينا وجثث قتلانا متوسلين مراسل فضائية إخوانية اميركية أو سعودية أو إيرانية أو أميركية حرة لنقل مأساتنا وقادة الرأي وأمراء الحرب مختبئين في الأوكار والمدنيون على خط النار؟
علينا أن نبدأ بالتفكير في إجابات علها تخفف عنا وطأة الصدمة فهي آتية. تأتي بصمت وتهبط
كالظلام في ليالي كانون الحالكة ويتبعها العويل والرعود. عذرا! ولكن... هذه الليلة شعرت للمرة الأولى بشيىء من قلق، قلق حقيقي إذا أنني متأهل ولي ولد يكمل عامه الأول في 27 نيسان الجاري. كنت أحسب الحرب تجربة جميلة ولعلي في مكان ما ما زلت على بعض من أفكاري إلا أن هاجس الخوف على إبني بدأ يقلقني. حدث أن شعرت ببعض قلق أثناء حرب تموز إلا أن الوضع كان مختلف. تلك حروب سهلة وأثمانها يمكن تحملها وآفاقها محدودة كما أي حرب قادمة من الجنوب في هذا الصيف أو غيره. لكن حربا أهلية ستدفعني إلى جنون أكيد، ستدفعكم أيضا، ربما
كيف يحدث أن لا يدفع شعب الدماء إلا في صراعات أهلية وأن يحصل دوما على "استقلال ووحدة وحرية" كهبة من هذا الطرف أو ذاك؟ كيف يحدث أن نحيا بسلة قيم أشبه بسلة نفايات، عذرا فالنفايات قابلة لإعادة التصنيع؟
هل من فرز مذهبي في بيروت؟ هل الحرب على الأبواب؟
كلا، الحرب تتطلب المال والسلاح...سننظر في ذلك لاحقا، دعوني أفرغ ما بقي في صدري من أحقاد
ألف عام وأكثر وقبائل تتصارع على أرض ما نعتبره اليوم لبنان، يزدهر فيتوسع وتتعاون قبائله وتختلط وتمتزج في سكن ومأكل ومشرب وتبني أعتى الأحلاف ثم تنقسم على بعضها وذاتها وتدخل أتون صراعات دموية لا يعرف رحمة أو أو حتى هدف منشود. لماذا؟ لعل بعض الأجوبة الشافية أوردها د. كمال ديب في كتابه أمراء الحرب وتجار الهيكل، اولئك يتحملون القسط الأكبر من المعضلة وأولئك اليوم نجوم فضائيات وغدا أمراء حرب أكثرهم للمرة الثانية. هذه معضلة أخرى. قلما تمكن جيل من أمراء الحرب من خوض حربين في هذا الموطن، فليس وطن بل موطن قبائل . لعل الجواب يكمن في عصر سرعة وعولمة وكثافة معلومات وأخبار عاجلة ما عدنا نحتملها. هل تعلمون يا أصدقائي أنه في أيام انحدر فيها معدل الدخل في لبنان غلى ما دون الخمسين دولار- منتصف الثمانينات- كانت الميليشيات على اختلافها تطلق زخات قذائف 155 و240 ملم على أحياء سكنية يخشى الفقر دخولها وإلا تراءت له صورته مؤلفة ومؤلفة. تلك القذائف، الواحدة منها وفي حينها كان يتراوح ثمنها بين 7000 وال 10000 دولار. عبث، أليس كذلك؟ عبث أو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، عبث يطاردنا اليوم، يصطادنا غدا أو يخطئنا فنكتب لصغارنا، عل وعسى
هل الحرب على الأبواب؟ نعم، هل من فرز مذهبي في بيروت؟ نعم، هل من مال وسلاح، أترك الإجابة لكم ولكن هل هذه العناصر كافية لنشوب حرب أهلية؟ سنتابع هذه السطور بعد نوم عميق حالفنا الحظ، سنتابع انعكاسات ورمزية حادثة الخطف في بيروت وتداعياتها هذا المساء، سنتابع شائعات كثيرة، ولكن الحرب بدأت وهي قرعت البواب يوم خرج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005. حين قرر ذلك النظام الإنتقام،وتسليم لبنان المخطوف ما قبل الطائف -يحلم هذا النظام بإعادة لبنان إلى الحرب الأهلية لأن ذلك من شأنه إعادة توسيطه لضبط إيقاعها مع بروز بعض المتغيرات الإقليمية والدولية ويتقن هذا النظام سياسة تمرير الوقت، وحين خطط ونفذ. كيف يحدث أن يسعى نظام بكل ما أوتي من جبروت لتوحيد بلد آخر ولكن تحت جناحه وحساباته الخاصة-مال ومصالح- زكيف يحدث أن يسعى أبناء موطن واحد إلى تقطيع أوصال؟ معضلة هم اولئك الأبناء، كم يصعب توصيفهم بلا إسفاف! كيف يحدث أن يكون من اغتيل-جميعهم- أشخاص لا يمكن أن يأخذوا قرارا في الحرب أو أن يكونوا أمراء حرب، بل وبعضهم من يمكن أن يقف في وجهها إما لأسباب عقائدية أو مصالحية. أمراء الحرب عدو اليوم وحاجة للغد، هكذا يفكر النظام السوري. الحرب بدأت وهي قرعت الأبواب يوم خرج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، الحرب بدأت كما سيؤرخ لها البعض في المستقبل في 23 كانون الثاني 2007 وآخرون سيخالفونهم الرأي ويتجهوا ل25 كانون الثاني، متى بعد سنين أو شهور على ادنى تقدير ولكن ماكينة الحرب والسلاح والمال تستغرق بعض الوقت وتغري الكثر فلنقل سنين من باب الحرص. سيختلفون في الرأي على التاريخ رمزا لمضمون أعمق، مضمون يؤسس لحرب أخرى في تاريخ آخر لجيل آخر. كما اختلافنا اليوم على أسباب الحرب الماضية \75-77-78-82-83--89-90-91، كما أسس ذلك بشكل أو بآخر لما نحن عليه اليوم، وهيك