Friday, February 18, 2011

في العقل المهزوم والخنوع والسذاجة

يبدو أن التكرار- ولو إلى درجة الملل واجب! فقد توالت في الفترة الأخير، فترة التغيير الجذري في المنطقة العربية محاولات استباق الأمور وتسخيف الحركة الشبابية ووسائلها. نقول مرحلة التغيير الجذري إدراكا منا أن ما جرى ويجري ليس عاديا ولو لم نتلمس بعد منجزاته كاملة. عن ما يجري يشكل ثورة ثقافية بكل ما للكلمة من معنى!
إن المنجزات الأولى في هذه المنطقة وفي مختلف البلدان- وهي منجزات غير قابلة لطيها أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء- هي في كسر حاجز الخوف وإطلاق حرية الكلمة وممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير على أكمل وجه ولو مع فاتورة باهضة.
إن ما يجري يشكل ثورة ثقافية لأن وسائله هي بحد ذاتها ثورية من حيث استخدامها، فالشباب الذي تحرك ليس شباب الفايس بوك أو التويتر او اليوتيوب، بل هو الشباب الذي استخدم هذه الوسائل من أجل الحشد والتعبئة والتواصل، وقبل ذلك كله مكن أجل الحوار والتوافق على أهداف، وأشكال تحرك ووسائل.
إنه من السذاجة بمكان أن نعتبر أن ما يجري في المنطقة هو استنساخ لتجربة، لا بل إن في ذلك إشارة إلى العقلية التي ما زالت تعيش خارج العالم والواقع. فعالم اليوم والعولمة، وتكنولوجيا الإتصلات هزم الحدود بالمعنى التقليدي إن على مستوى البلدان أو العلاقات بين أبناء المناطق والقاليم. إن في ذلك بحد ذاته ثورة على التقليد والاستنساخ بكونه فتح المجال لتنامي الخبرات ونقلها والمشاركة في صياغتها حتى خارج إطار الكيان الواحد. إن تجربة تونس أو مصر وباقي بلدان المنطقة تشير بشكل واضح إلى ذلك، وبالتحديد إلى التضامن بين الشباب من مختلف البلدان وحملهم قضية في زطن ما كقضيتهم والعمل في سبيل انجازها.
إن تسطيح الأمور له عدة أغراض وأحيانا أسباب.

أغراض التسطيح تجارب ومبادرات الشباب
محاولة تسخيف الحركات ونبذها شعبيا
محاولة عزل بلد عن آخر أو عن تجربة الآخر في محاولة للحفاظ على ديمومة الفساد والسلطة

أسباب أخرى
إن تسطيح البعض للأمور يمكن ألا ينبعث من محاولة محاصرة التجربة بل من باب عدم الدراية بها أو حتى عدم الإلمام بها، فالبعض ممن يتشدق بعبارة شباب الفايس بوك لم يدخل على الفايس بوك مطلقا ولم يجري بحثا على الإنترنت ولم يتصفح أو يلج هذا العالم الرحب (إن صفحات هذه المجموعات تعج بالأفكار والنقاشات والتكتيكات بما يزيد عما نشرته الصحف في سنوات وأحيانا كثير بما يفوقه قيمة وإثراء وإفادة! في منطقة تكاد لا تجد فيها أو لا تجد منبرا إعلاميا حر مستقل بكل ما للكلمة من معنى). البعض الآخر يحمل عقلية الهزيمة والخيبات ولا يقوى على الأمل خوفا من الخيبة. والبعض كلاسيكي محافظ يرى في الموجود ضمانة على قلة ما يؤمن ويفضل الابقاء عليه. وأخيرا، بعض يملأه الخوف وهو مبرر ولكن الخوف أمر طبيعي ولكن حياتنا اليومية لا تعدو كونها قلق وخوف متواصل داخل أنظمة بوليسية متسلطة، كانت السلطة فيها لعائلة أو لزعامة طائفة أو طوائف او نظام حكم بوليسي تقليدي.

عليكم اليوم أن تختاروا موقعا في خضم هذا التغيير وهذه الثورة الثقافية التي تعصف بالمنطقة، والمواقع كثيرة فمنها الداعم، والمساهم أو الفاعل، ومنها المعارض ومنها المتفرج والخيار هنا هو حق لأي إنسان، إلا أن المواربة وتجاوز المنطق والواقع والاختباء وراء شعارات تخرج من هنا أو هناك وتهدف إلى محاصرة أمل التغيير هو جريمة بحق النفس قبل الآخر.

وإذا كنتم من الداعمين فأهلا وسهلا بكم في مجموعة ’من أجل إسقاط النظام اللبناني الطائفي- نحو نظام علماني‘ علما أن النظام العلماني يوفر للبنان فرصة للخلاص من دوامة التجاذبات عدم الاستقرار والحروب، ويوفر لشبابه فرصة بناء المستقبل على قدم المساواة وعدم التهميش والاقصاء وفرصة لتخطي الواقع الطائفي المأزوم وتبني الوطن والمواطنة والهوية نحو دولة عصرية تحترم الإنسان والقانون والنزاهة والشفافية والمساواة.

No comments: