يعيش في الأونة الأخيرة صراعا يمكن اختصاره بكلمتين: يجب وأريد. وبعيدا بالشكل لا بالمضمون عن جملة التساؤلات الوجودية التي تؤرقه، يطفو هذا الصراع كبقعة زيت فوق مياه آسنة. كيف له أن يشرح بكلمات يتيمة، يعوزها كثير من مشاعر متضاربة، صراع يختصر بكلمتين أو هكذا تراءى له. صراع يحمل في طياته لحظات ألم وأمل تختصر وجوده. صراع أراد أن ينقله إلى من تبقى له من أصدقاء، رسالة يجب أن يتقنها مع العلم أن "يجب" و"أراد" اللتان خدمتا ظرفيا هذه الجملة لا تمتان بصلة لمضمون هذه الرسالة أو الحكاية. حكاية من بيروت، حكاية تشبه قدر إنسان لا يؤمن بالقدر. ولعلها أسطر تخرج عن إطار رسالة من زمان ما لتشق طريقها بين صفحات رواية، أو هكذا ظن عمر أو أراد! شعر أنه يحمل رسالة وأن واجبه أصبح أوضح من أي وقت سابق. صار لديه هدف يعمل لأجله. كان يحمل رسالة يجب أن يوصلها قبل اختياره دربا آخر ينهي به مأزق وجوده. إلتقط هاتفه النقال وضرب رقم مارك
.
حجز مارك طاولة لأربعة أشخاص في أفضل رقعة من مطعم البارومتر الذي يقع مقابل مستشفى خوري في نزلة عبد العزيز المؤدي إلى الجامعة الأميركية. يمكنك الوصول إليه من شارع المكحول أيضا. شارع المكحول الذي يمر بمحاذاة الكنيسة الأرثودوكسية والذي ما زال يحتضن "البلو نوط" والسمغلرز إن في ما مضى. مطعم صغير لا تتجاوز مساحته 25 متراً مربعاً والحصول على طاولة فيه يمثل إنجازاً لا يقل أهمية عن تناول أطباقه الشهية، فضلا عن أن صغر حجمه يضفي على جلسته دفىءً مميزاً.
جلس مازن فالشا ذراعيه كطاووس على المقعد المثبت بالحائط. جلست إلى جانبه سيلين، إحدى صديقاته الجدد التي اختار رفقتها لتلك الليلة. جلس عمر ووديع على كراسي البارومتر الخشبية التي لا تصلح لكل من يعاني من آلام الظهر وللراقص وديع على وجه التحديد. أطل مارك ببسمته المعتادة من وراء البار وخاطب المجموعة على طريقته الخاصة، أغنية "أنا توب عن حبك" للشيخ إمام.
- ماذا يشرب الرفاق، سأل مارك وهو يضع صحن فستق وبزر دوار الشمس على الطاولة.
- عرق يا مارك والأكل معروف، إلا إذا كانت سيلين لا تشرب الكحول.
- بأمرك شيخ عمر.
- "واحد متلك شيخ يا منيك"، يا أحلى سوري بالبلد، وحتى قبل "ثورة الأرْز" وقبل خروج الجيش السوري!
- "يكتر خيرك يا رفيق، ما تاخذنا بستين داهية الليلة" والتفت مارك إلى سيلين ورسم ضحكة على وجهه، سيلين، إسم مميز، مشروبك إذا سمحت؟
- "أنا بدي مارغيريتا سن رايز ماغك، merci"
- "نعم يا أختي، واسمي مارك، مش اسمي الأصلي بس ماشي"! وينفجر الجميع بالضحك إلا سيلين التي تستدرك وتطلب زجاجة ألماسة.
تتعالى قرقعة بزر دوار الشمس اللذيذ فتختلط مع مانيفستو الشيخ إمام...عمال وفلاحين وطلبة دقت ساعتنا وابتدينا... ويبدأ مارك بإحضار المشروب وبعض المقبلات. بزر دوار الشمس يحتوي مادة تستخدم في بعض الأدوية المضادة للإكتئاب-antidepressent – وهو الطعام المفضل لطائر الببغاء. لعل الببغاء بحاجة إلى مضادات الإكتئاب فهي من الحيوانات التي تبني علاقة مرضية مع مربيها قد تؤدي بها إلى الإنتحار في حال فراقه لبضعة أيام. أما العرق البلدي فيحتمل أن يكون سيئا للغاية ولكن العادة جرت على اعتباره الأفضل. بعد عدة كؤوسٍ من عرقٍ سيء، تشعر وكأنك خارج من عراك بالعصي، دوار وعطش لا تشفيه أكواب من ماء مثلج فضلاً عن الصداع الصباحي.
- "كاس إم الما بحبنا"... ويرفع وديع كأسه للنخب التقليدي.
يشرب عمر جرعة من كأسه ويطرح قطعة خبز كبيرة في صحن السجق لتتشرب صلصة رب الرمان الساخنة ثم يغرف قطعة السجق ويودعها فمه العريض. لطالما اعتاد عمر دخول المطعم من باب المطبخ الخلفي ليرى الشيف الملقب بلوؤي وهو يحضر السجق. يأخذ الشيف قطعة السجق الكبيرة ويقطعها لشرائح دائرية بعد سلخ قشرتها المكونة من أمعاء غليظ. يضع السجق على المسطح الخاص بالشواء ويقلبها فتفح منها رائحة البهارات الشهية. عندما تحمر وتصبح جاهزة للأكل يضعها في صحن فخار ويصب عليها رب الرمان الذي يضفي عليها نكهة حموضة مميزة. أما صحن الفخار فهو يؤمن المحافظة على حرارة الطبق إلى حين التهامه!
- "كاس البارومتر، أطيب أكل بالعالم" ويشرب عمر كأسه دفعة واحدة ويأخذ بيده فخذاً صغيراً من الدجاج المشوي، يقضمه ويشرح لمازن وسيلين ووديع كيفية تحضيره. بعد الإنتهاء من الشواء تضع الدجاج في طبق عميق وتصب فوقه صلصة الحامض والثوم والكزبرة.
يشعل عمر سيجارة ويطوف بنظراته المكوكية الثاقبة على طاولات المطعم المكتظة لتستقر على خدود مازن المبللة بالدموع. مازن من ملوك الدراما الكبار. تربطه بوديع إلى الصداقة علاقة قربى أما معرفته بعمر فتعود إلى مراحل الدراسة الإبتدائية الأولى على مقاعد مدرسة الشوف الوطنية العالية. تخرج من كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية وحصل على شهادة بكالوريوس في الفنون السمعية والبصرية من الجامعة اللبنانية الأميركية. تكاد لا تمر جلسة هادئة أو صاخبة مع ملك الدراما بلا دموع وإذا مرت فهي تكون محط تندر الشلة لأسابيع. والشلة هي مجموعة الأصدقاء المشتركين للفرسان الثلاثة. فرسان هذا العشاء السري مضى على آخر لقاء لهم عدة شهور بعد خطر حقيقي تهدد أحدهم وكاد أن يودي بهم إلى سجن طويل.
- "هالليلة بدا معين وطوني"، يصرخ مازن بصوت صاخب ويمسح الدموع عن عينيه!
- معين وطوني، "تقصد الشلة، والله إنت مجنون، كنا شقفنا بعضنا"! يصدح وديع بصوته الجهوري وينفجر بالضحك فيما ترمقه سيلين بنظرة اشمئزاز.
- "سيلين، كلي دجاج وبلا دراما على القلب"، يهمس وديع وكأنه يعرف سيلين منذ زمن طويل.
- يبتسم مازن... "يا جماعة ما بعرف شو القصة... فيجيبه عمر ووديع... عارفين"!
- "يا عكاريت، كاسكن" وينظر مازن إلى سيلين،" يا حياتي، كاس أحلى حوا بالعالم!"
تعرف وديع إلى طوني في الجامعة اليسوعية الواقعة قرب شارع مونو بالأشرفية. كان طوني يعمل في مكتبة الجامعة، أما وديع فكان يدرس فن الإضاءة في قسم العلوم البصرية والسمعية. أصبح الواحد ظل الآخر في غضون أسابيع. دخل طوني الشلة رغم تحفظات معين! معين الذي يملك فرن مناقيش في شارع مونو. معين الذي يعرف كيفية التعاطي مع شبان وشابات الجامعة ويتقن ممازحتهم والعزف على أوتار ميولهم السياسية.
- يا عمر، هل تتذكر قصيدة الأستاذ الكبير... عن طبول الحرب!
- نعم يا حمامة السلام يا وديع... "بعد أكثر من 10 سنين إجا وقتا ها".
- "إيه والله."
- لم يمض نهار ولم يطلع علينا أستاذ عمر فيه بنظريات عن الحرب، منذ التسعين وحتى الآن، "لو أفكار عمر صحت كان البلد صار كومة تراب" وينظر مازن إلى وديع، عمر مريض، عقله "مؤامراتي" بامتياز.
- أستاذ مازن...متفائل بالمستقبل والإعمار! ويبتلع عمر ملعقة كبيرة من سلطة الروكا بالصعتر ويتبعها بحبة زيتون أخضر.
- "لو ما يقتلوا الحريري كان لبنان رح يصير أهم بلد بالشرق الأوسط"، يعلو صوت مازن فتهز سيلين رأسها مؤيدة.
- "الحريري ما بيستاهل هيك موتي، ما حدا بيستاهل هيك موتي"...ولكن لا تنسى يا صديقي، الحريري رحمه الله حكم البلد أكثر من عشر سنين، ولبنان ظل تحت الأرض... والدين وصل لأربعين مليار دولار! "في عالم ما معا تاكول يا حبيبي، إنت كان معك تعيش لو ما هاجرت عكندا؟"... تريد أن تنظر علينا بثورة الأرْز، لا بأس... "شو رأيك يا وديع نعمل أنا وإنت شي ثورة روكا أو خس"!
- يضحك وديع... المشكلة الوحيدة في لبنان هي بالطائفية، لا شيء آخر.
- يا وديع... ويا عمر، أنا تركت زوجتي وأطفالي في كندا، جئت إلى لبنان لأنني رأيت ماذا حصل. "شفت العالم بالشارع، شفت ثورة شباب وبنات وكبار وولاد من كل الطوائف، شفت لبنان جديد"!
- "أنا شفت لبنان لحم بعجين يا أبو الميز، وينفجر عمر بالضحك". يستأذن مجموعة من الأجانب على الطاولة المجاورة تحاول أن تتعرف إلى الطعام من مارك والأطباق الموجودة على الطاولات المجاورة، "جبلنا ثلج وحياتك ونزلن متلنا على مسؤوليتي"، ويشير إلى أطباق طاولته ويودع قبلة على يده، "take the same, you won’t regret it" ويوجه نصيحة بالإنكليزية إلى الصبية الجالسة على الطاولة المجاورة بطلب الأطباق التي طلبها. تهز برأسها بالإيجاب بدهشة. كاسك، "means cheers".
- "yeah" أنا بحكي عربي... شوي، أنا دونا من منظمة العفو الدولية.
- منظمة العفو، حقوق إنسان يعني،... يهز عمر رأسه، إيه "welcome to Lebanon" ويسحب عمر بطاقته الشخصية من جيبه ويعطيها لدونا.
- ترسم دونا ضحكة خجولة على وجهها وتقول "nice meeting you".
- "شو، شديتا" ويضع مارك الثلج على الطاولة فتلتفت دونا إلى الجهة المعاكسة محاولة إخفاء ضحكتها.
- "يا مارك، شو قصتك، البنت طلعت بتعرف عربي وأنا وقفت هالحركات من زمان".
- انا أحب اللحم بالعجين، يقول وديع، كيف تنظر إلى 14 آذار على أنه لحم بعجين يا صديقي؟
- لا وجود لتحرير أو حتى تحرر يا صديقي بدون ثورة أو دم، المرأة إذا أرادت أن تتحرر قد تقتل، "إنو الجزائر تحررت بمليون شهيد، لبنان أخذ استقلالو بجريح"! تاريخنا كذبة وساحاتنا اللاعنفية "ميلودراما"، والدم ما مندفعو إلا ضد بعضنا". الوضع الآن معقد، أنا لا أنفي ذلك، هناك إغتيالات ولكن هذه ليست ثورة. الثورة لا تؤجل، الثورة تكون عنيفة، تحصل بسرعة البرق، تحصد دماء ونتائج، الثورة تأتي فجأة وتضرب كصاعقة، تنتهي بسرعة، تغير كل شي، وتحمل شيئا من الفكر في معظم الأحيان. "هيدي محاولة دمقرطة عالطريقة الأميركية بلا فكر، ما بتمشي وما بتغير شي".
- "طايرنا الحكومة، وسوريا طلعت برا، كل كلامك بلا طعمة".
تنفرعروق رقبتها، تخرج الكلمات من فمها بكل اتجاه، ترقص الصحون والكؤوس عل الطاولة، تتوجه أنظار جميع الزبائن إليها. سيلين التي لم تعد تحتمل الصمت، تخرج الكلمات العربية من فمها الصغير بصعوبة كبيرة بعدما حذرها مازن من التكلم بالفرنسية مع أصدقائه. قال لها أن عمر ووديع من أصدقائه المفضلين وأن عمر بالتحديد يصاب بنوبة قلبية عندما يسمع اللبنانيين الذين يتكلمون الفرنسية فضلا عن عدم معرفته باللغة. مازن تعلم الفرنسية عندما قرر الهجرة لمقاطعة مونريال الكندية حيث يتكلم معظم السكان الفرنسية، أما وديع فيتقن الفرنسية كلغة أم. والدته روز الفرنسية الأصل كانت شديدة الحرص على أن يتقن أولادها الفرنسية. إعتنق والداه الإسلام ليتزوجا إذ كان من الصعب مغادرة السعودية بسبب ظروف عمل والده سهيل، وكان تأجيل الزواج أمر أصعب.
تعرف مازن إلى سيلين أبو ناضر في إطار سلسلة التظاهرات التي نظمتها حركة 14 آذار وأثناء "حملة فل" الشبابية بالتحديد. "فل" تعني إذهب باللغة العامية اللبنانية. طالبت "حملة فل" رئيس الجمهورية الممدد له بمغادرة قصر بعبدا. ثارت ثائرة البطركية المارونية التي شكلت إحدى المظلات السياسية لحركة 14 آذار، بالإضافة لبعض أقطاب 14 آذار المسيحيين الذين أجمعوا والبطركية أن استقالة الرئيس لا يجوز طرحها والضغط باتجاهها في الشارع مخافة تقزيم مقام الرئاسة. لم تر البطركية ولا الأقطاب المعنية أن إسقاط حكومة عمر بيك قد يعني تقزيما لمقام رئاسة الحكومة. رفضت سيلين مبدأ الحملة وطلبت من مازن ألا يشارك احتراما لها. طلبت منه أيضا ألا ينظر إلى المسألة من زاوية طائفية ضيقة وأن يراها في إطار الخصوصية الثقافية! نزل مازن عند طلبها، في تلك الليلة الصاخبة التي شهدتها ساحة الشهداء، ودعاها لتناول الطعام مع بعض الأصدقاء قرب الجامعة الأميركية. فضل مازن رفقة سيلين وتخلى عن طموحاته الرئاسية! فضل مداعبة شعرها وهو يلف ذراعه فوق كتفها على الطريق المؤدي إلى الجامعة الأميركية. إختار طريقا ملتفا كي يزيد من طول المسافة. اختار الطريق البحرية فمشى وسيلين بمحاذاة السان جورج حيث اغتيل الرئيس رفيق الحريري. مضى أكثر من 3 أسابيع على معرفته بها، لم يتوقف عن الكلام إلا حين قاطعته. هذه الليلة لها طعم خاص، لها خصوصية ثقافية، واحترام متبادل، وتحرر لا يتوفر في ساحة الحرية- تعرف ساحة الشهداء بساحة الحرية بين جماهير 14 آذار- هذه الليلة لم يتكلم ولم تقاطعه، وكأن تعبا مزمنا قيد شفاههما وحرر اليدين والرجلين! يصل نصب جمال عبد الناصر عند مفترق عين المريسة، يتجاهل طلعة مسرح المدينة المغلق منذ زمن، يتجاهل طلعة الجامعة الأميركية، تستقر يده على خصر سيلين، ويأخذها في جولة على كورنيش المنارة الممتد حتى الحمام العسكري حيث يقرر الإتجاه نحو الجامعة الأميركية.
تعلو الموسيقى في البارومتر ويرتفع التصفيق لإحدى الفتيات التي قررت الرقص فوق الطاولة. ينظر وديع إلى مازن ويقول: عندكن هيك شي بكندا؟
- "آخ... ما تذكرني، بس منشوف ستار أكاديمي الحمدالله"!
- رجعت من كندا من أجل الثورة يا مازن! يضحك عمر، يا سيلين، "إنتو طيرتو حكومة"، يمكن، وهي كانت بحاجة إلى نفخة كي تسقط، لا تسقط الحكومات في لبنان إلا حين يأتي أوانها أو تضعف بما يكفي. حتى الثورات لا تحصل إلا حين تضعف السلطة الحاكمة، حين تدخل في سبات وليس في أوجها وهذا ينطبق على الديكتاتوريات. أما دوركم في خروج الجيش السوري، "كنتو كومبارس مش أكثر"، لا تفهمي كلامي إهانة، خروجه من لبنان كان أشبه بحلم، الآن أصبح واقع وهذا رائع. ولكن الفضل يعود إلى قصر نظر النظام السوري وأخطائه المتتالية أولا والمتغيرات الإقليمية و... الكومبارس. ولكن الرئيس لحود باق وأحلاف السوريين ليسوا بأقل تنظيما أو عددا من حركتكم. "8 آذار فيه يسقط حكومة، وفيه يكون كومبارس كمان. الله يكون بعون آذار، صار مثل لعيب القمار، دق 14، دق 8 المجنونة"!
- "حلوة هي، حلوة كثير! كاس إم الما بحبك"، يبلل وديع عطشه ببلعة عرق تزيده عطشا، يأخذ قطعة بندورة جبلية كبيرة، يغمسها بالملح والبهار ويودعها فمه العطش. "خبرني دخيلك... الكومبارس، كثير حلوة... مين كومبارس مين"؟
- يبتسم عمر... حسنا، جميع المجموعات اللبنانية "كومبارس"... لا يعني ذلك قلة في ذكاء هذه المجموعة أو تلك، المشكلة هي في نوعية الذكاء وطريقة صرفه وتوجيهه. يتذاكى اللبناني وغالبا يدفع الثمن غاليا ولكنه غالبا أيضا يستحق ذلك. "يعني خرجو". اللبناني، إذا أردنا أن نستعمل كلمة تعرف المجموعات البشرية التي تعيش بين البحر وسوريا وإسرائيل يشكل عينة صعبة التحليل. طبعا الخارطة غير عادلة "والجيرة مش كثير موفقة والبحر حلو كثير وبيغري، ورا البحر ما في إلا شقار واللبناني بموت بالشقار"!
- أصدقاؤك يا سيد مازن "سلبي"، قصة كبيرة. واحد شيوعي ضايع وواحد ضايع.
- والله يا سيلين، معك حق، "يا الغربة غيرتني يا هني تغيرو".
- "يا صديقي، 14 آذار طلعك من كندا فهمنا، بس ما يطلعك من صحابك"! أنا لست ملتزما ولست مناصرا لأي فريق وبالتأكيد "مش شيوعي ومش ضايع والمش غاطس ما بضيع".
- دعوني أكمل ثم حاكموني بالهبل أو الخيانة أو الشيوعية! لو كنت شيوعي، "كنت بعرف عأي خازوق بركب. أو يمكن كنت رحت بالغلط أو بالرخص مثل ما راح جورج حاوي". خلاصة الحديث، لا يوجد شيء أصلا إسمه لبناني إلا في الهوية، "بالحقيقة، ونشالله ما تكون هالكلمة صارت حق حصري يا سيلين"، هناك مجموعات طائفية وهوية لكل طائفة ومصلحة لكل طائفة وزعيم لكل طائفة. مجتمع قبلي وشيوخ قبائل ولكنهم دخلوا عصر الإنترنت والإيميل وشُبه لهم أنهم تحولوا إلى مجتمع مدني متحضر. كل طائفة تستمد قوتها من تحالف مع دولة كبيرة هنا أو هناك، والقوة موجهة هنا ضد طائفة أخرى بطبيعة الحال، هذا تاريخنا، ومشكلتنا الكبيرة، "مشكلة اللبناني" أنه يظن أن ذكاءه يفوق الدول الكبيرة ومصالحها الكبيرة. من دون أن ندري نصبح كومبارس، "منعرف إنو صرنا كومبارس بعد ما تكون راحت علينا"!
- "ذكي بس حمار يعني"، ويخرج وديع قهقة مدوية ويقلب آخر نقطة عرق في كأسه.
- مارك، الحساب وحياتك، "خيك عمر نعس وحكي كثير الليلة وراسو وجعو وكس إخت هالكرسي، ظهري انقطع".
- بأمرك إستاذ، كان عليك التركيز على جارتك الشقراء، "كنت استفدت أكثر ونسيت وجع ظهرك، راحت عليك".
- متى خرجت؟
- "مش حاسس بشي يا أبو عمير، يأست منك من زمان، العشا عحسابي يقول وديع".
- "لا، ما برضى"، تقول سيلين، كل واحد بيدفع عن حالو".
- سيلين لا تكفيها ساحة الحرية لتبرهن عن حريتها واستقلاليتها على ما يبدو. يبتسم عمر ويأخذ ورقة المئة ألف من محفظته ويقول لمارك، "إنسى ومشي الحساب". كان يجب عليك يا سيلين أن تتعرفي على دونا، منظمة العفو تعمل كثيرا في مجال وقف العنف ضد المرأة.
- "ما تخاف عليها، إذا كفت مع 14 آذار بتوصل، نسوانن فاتو عالمجلس النيابي، يقول مازن".
- "الله يسامحك وأنت تارك مرتك بكندا، كنت جبتا معك عملتلا قرشين، ويأخذ فكة ال100 من مارك، بس 50,000، يا بلاش، شكرا صديقي". تشرفنا سيلين، أود الإعتذار عن هذه الليلة ولكن أنا متضايق جدا من حال البلد، "فهمتي، مش ضايع، بعرف أنا وين والبلد وين. أنا ما بغرق بنقطة مي يا سيلين، كيف بالدم؟" ساحة الشهداء ورياض الصلح "ما تزعلي" سقط فيها الكثير من الدماء والشهداء، غير الشهداء الذين سميت لأجلهم، شهداء سقطوا في الحرب الأهلية اللبنانية وقبل إعلانها رسميا! شهداء من بيروت الشرقية والغربية والجبل ... وفلسطين، "ماتو رخاص، وأكبر دليل وقفتكن كلكن تحت! ولكن هناك فارق واحد بينهم، القضية. وزن الحياة كوزن الشهادة، هو وزن القضية. "الفلسطيني مات منشان قضية وطن، حتى لو قنعو أبو عمار بوطن بديل، مات منشان وطن بعكس اللبناني". شباب مات ليخسر وطن وشباب مات ليحصل على وطن. مع أن الفلسطيني ذهب رخيصا في هذه الساحات ولكن حلمه كان على حجم وطن.
- "كلو منيح" قال عمر ، الأكل كان طيبا والكاس أحلى والحديث مقبول، ولكن كنت أود أن أخبركم عن أحوالي، "غير مرة"
.
5 comments:
Good narrative style, looking for the rest.
But pls change the display of ur blog, or at least the colors and the size of the Font. It's a bit difficult to distinguish the characters.
If Omar doesn't go through this phase... he will never find any objective to work on at a later stage... Let him be explicitly what he used to be... Free him, let him be both what he wants and what he has to be. He can do it... it is not a trade-off !
عزيزي مجهول
سوف أحرص على نقل نصائحك لعمر ولكن ه يعيش في زمن آخر وعالم آخر لا أنفي قدرتي على إحداث أثر فيه... لننتظر ونرى :-)
I am sorry to interfer in Omar's life... it was just part of what I feel that can be done... May be because i go through the same thing, however less fequently...
عزيزي مجهول
ماذا لو أصبحت صديقا افتراضيا لشخصية افتراضيا، أرسل ما شئت لعمر، انصحه، تقرب منه... ولكن بشرط واحد، ان تسمح له بنشر رسائلك له في ما بعد ضمن رواية ليس سوى احد أبطالها :-)
Post a Comment